الشرع: العقوبات أكبر خطر يهدد سوريا حاليًا
حدد الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، ملامح سوريا الاقتصادية والسياسية في السنوات الخمس المقبلة.
وقال الشرع في مقابلة لصحيفة “إيكونوميست“، الاثنين 3 من شباط، إن سوريا بحاجة إلى بناء اقتصاد قوي، مؤكدًا أن السلطة الحالية تعمل على إعادة تأهيل الاقتصاد الوطني.
وتتمحور المرحلة المقبلة، وفق الشرع، حول إعادة بناء الدولة على أسس جديدة وحديثة، وتعزيز العدالة والمشورة، والاعتماد على مشاركة جميع فئات المجتمع في إدارة البلاد.
ويأمل الشرع أن تتجاوز سوريا الصعوبات والعقبات بسلاسة، معولًا على “حكمة الشعب السوري والتسامح الذي تبديه جميع فئاته”.
وأضاف أن هناك تحديات أمنية متمثلة بضبط السلاح داخل البلاد ضمن جهاز عسكري واحد، مشيرًا إلى موافقة الفصائل الثورية على حل نفسها، باستثناء “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).
وبحسب حديث الشرع، عملت السلطات الحالية على إعادة العلاقات بين سوريا والدول الإقليمية والدولية، خلال الفترة القصيرة الماضية، محققة “نجاحًا كبيرًا” حتى الآن.
وأوضح أن المستقبل سيكون “مشرقًا” إن استمر الوضع على ما هو عليه، وربط العراقيل التي تزيد من “معاناة الشعب السوري” بمسارين، الأون بقاء العقوبات الأمريكية، والثاني يتعلق بالتوسع الإسرائيلي المستمر جنوبي سوريا.
وربط الشرع الاستقرار الأمني في سوريا بمحورين، الأول بإيجاد حل للنازحين واللاجئين، والثاني بوجود استثمارات اقتصادية تمهيدًا لوجود تنمية، والتي من دونها سيعود الناس إلى “حالة من الفوضى”.
وعن الدعم القطري والسعودي، أشار الشرع إلى أن سوريا لا يمكن أن تعيش على المساعدات، بل يجب أن تبني اقتصادها بنفسها، وهذه الدول يمكنها، من خلال صناديقها السيادية، تنفيذ استثمارات واسعة، وهناك العديد من الفرص المتاحة لهم.
دمشق لا تتواصل مع واشنطن
يعوّل الشرع على إزالة العقوبات الأمريكية التي اعتبرها “أكبر خطر يهدد سوريا حاليًا”، وقال إنها “معاقبة للشعب السوري”، لافتًا إلى أن الأسباب التي نشأت بسببها انتفت بسقوط النظام.
وتهدف السلطة في دمشق إلى التواصل مع واشنطن، للاعتراض على استمرار العقوبات، نافيًا وجود أي اتصال في الوقت الحالي معها.
وقال الشرع، “أعتقد أن الرئيس ترامب يسعى لتحقيق السلام في المنطقة، ورفع العقوبات يمثل أولوية قصوى، والولايات المتحدة ليس لديها أي مصلحة في استمرار معاناة الشعب السوري”.
وألمح الرئيس السوري إلى إزالة اسمه من لوائح الإرهاب، قائلًا، “وضعي هو رئيس سوريا، ولست (هيئة تحرير الشام)، لذا يجب أن تكون العلاقات بين سوريا وأمريكا، وليس بين (الهيئة) والولايات المتحدة”.
واعتبر أن وجود القوات الأمريكية شرقي سوريا “غير قانوني”، مشيرًا إلى أن أي وجود عسكري في دولة ذات سيادة يجب أن يكون بموجب اتفاق معين.
“مؤتمر النصر”
تحدث الشرع عن آلية اختياره كرئيس للمرحلة المقبلة، موضحًا أن الأمر تم بمشاورة خبراء قانونيين، لملء الفراغ في السلطة باعتبارها أسقطت بقوة عسكرية، لافتًا إلى أن الأعراف الدولية تنص على أن القوة تنتصر يحق لها اختيار الرئاسة.
وأشار الشرع إلى أن اختياره تم بوافقة القوى العسكرية وهو ما يحيد البلاد من الدخول في صراعات كبيرة، ويسهم بطمأنة الشعب السوري، بحسب قوله.
وأكد على أن الانتخابات ستمر بعدة مراحل، متمثلة بإنشاء إحصاء سكاني وعودة السوريين في الخارج، وفتح السفارات، واستعادة الاتصال القانوني بين الدولة والمواطنين.
وعزا الرئيس السوري تأخر الانتخابات إلى عدم وجود أرضية إحصائية دقيقة للسكان، بسبب وجود العديد من السوريين في المخيمات ودول اللجوء وضياع ثبوتيات الوفيات والولادات، وخروج جزء من الدولة السورية عن سيطرة الحكومة، في إشارة إلى مناطق “قسد”.
وتحتاج الانتخابات إلى ثلاث أو أربع سنوات، يتخللها تطوير قانون الانتخابات، والدستور، والقوانين التي ستنظم البلاد، وتعمل عليها السلطة بالتشاور مع الخبراء والأمم المتحدة، كما ذكر الشرع.
وبالنسبة للأحزاب السياسية، قال الشرع، “هذا ليس أمرًا أقرره أنا”، مؤكدًا وجود لجنة دستورية ناظمة للقوانين التي تتعلق بإنشاء الأحزاب ومن يحق له تشكيلها.
وأضاف أن شكل الدولة “إسلامية” أم غير ذلك ومستقبها، سيحدد وفق المبادئ الدستورية التي ستشكلها اللجنة، بالإضافة إلى العديد من الأمور الأساسية المتعلقة بذلك، وهو عائد للخبراء وهم من يقرروا ذلك.
وخلال “مؤتمر النصر” الذي عقد بدمشق، في 29 من كانون الثاني الماضي، أعلنت إدارة العمليات العسكرية تسمية الشرع رئيسًا لسوريا لمرحلة انتقالية.
ونتج عن “مؤتمر النصر”، حل مجلس الشعب والجيش وحزب “البعث” والأجهزة الأمنية والفصائل “الثورية”، وأُعلن إيقاف العمل بالدستور.
وأعلن الشرع في خطابه، في 30 من كانون الثاني، عزمه تشكيل حكومة شاملة وتشكيل لجنة تحضيرية لمجلس تشريعية مصغر، والتحضير لمؤتمر وطني.
سوريا.. ماذا بعد إعلان النصر
دمشق تفاوض “قسد”
وحول المفاوضات مع “قسد”، قال الشرع للصحيفة، إن النظام الفيدرالي لا يحظى بتأييد شعبي في سوريا، وليس صحيحًا لمستقبل البلاد، مؤكدًا أن الأخيرة لم تطالب بالفيدرالية لأنها تعلم أن ذلك غير ممكن حاليًا.
وذكر أن هناك ضغوطًا شعبية من المكون العربي في المنطقة، يطالبون بعودة منطقتهم إلى سلطة الدولة السورية وإنهاء وجود “قسد”.
ووفق حديث الشرع، أعلنت “قسد” استعدادها للانضمام إلى الدولة ودمج قواتها العسكرية في الجيش السوري الجديد، “هم متفقون مع السلطة في دمشق، من حيث المبدأ، ولكن التفاصيل لا تزال قيد التفاوض”.
وأوضح أن دمشق تدخل في عملية التفاوض على أمل حل الأمور سلميًا دون أي ضرر، مضيفًا أن الأمور تجري “ليس بالكثير من التفاؤل”.
وتتواصل منذ أيام المفاوضات بين حكومة دمشق و”قسد”، وتريد الأخيرة الانضمام ككتلة واحدة في الجيش السوري، بينما ترفض السلطات وتريد انضمامها كأفراد.
“قسد” أمام جبهتين.. دمشق تفاوض وأنقرة تريد الحرب
تهديدات تنظيم “الدولة”
في معرض رده على تهديدات تنظيم “الدولة الإسلامية”، قلل الشرع من خطرها موضحًا أن القوات الأمنية تتابع الملف “بجدية كبيرة”.
وأحبطت قوات “الأمن العام” العديد من المحاولات التي كان يمكن أن ينفذها التنظيم لإحداث “فتنة واضطرابات في البلاد خلال الشهرين الماضيين، وفق الشرع.
وقال الرئيس السوري، إن الفرص أمام تنظيم “الدولة” قليلة، ولا وجود كبير لهم، باستثناء بعض الخلايا النائمة.
وهدد تنظيم “الدولة” حكومة دمشق في حال طبقت قوانين وميثاق الأمم المتحدة في السلم والحرب، خلال إصدار مرئي نشر في 24 من كانون الثاني الماضي.
شكوك بأصابع إقليمية وراء تحركات تنظيم “الدولة” في سوريا
توغل إسرائيل في الجنوب
أوضح الشرع خلال حديثه عن الوجود الإسرائيلي جنوبي سوريا، أن السلطات في دمشق تواصلت مع قوات مراقبة فض الاشتباك التابعة للأمم المتحدة (يوندوف) لإبلاغها بضرورة انسحاب إسرائيل، والتأكيد على التزام دمشق باتفاقية “1974”.
يدورها، أعربت قوات “يوندوف” عن استعدادها لدخول المنطقة العازلة، وفق الشرع.
وعول الشرع على الضغط الدولي للدول التي زارت دمشق أو لم تزرها، والتي أجمعت على إدانة توغل إسرائيل.
ونفى الشرع نيته التطبيع مع إسرائيل قائلًا، “نحن نريد السلام مع جميع الأطراف، ولكن هناك حساسية كبيرة تجاه إسرائيل في المنطقة، خاصة بعد الحروب الكبرى التي وقعت، واحتلالهم لمنطقة سورية، وهي الجولان، منذ عام 1967”.
وأضاف، “نحن دخلنا دمشق منذ شهرين فقط، وهناك العديد من الأولويات أمامنا، لذا من المبكر جدًا مناقشة مثل هذا الأمر، لأنه يتطلب توافقًا واسعًا داخل الرأي العام”.
ومنذ أولى ساعات سقوط النظام السابق في 8 من كانون الأول 2024، توغلت إسرائيل في العديد من المناطق جنوبي سوريا، بمدينتي درعا والقنيطرة، ترافق مع غارات جوية على الكثير من القطع العسكرية بعموم البلاد، وتدميرها.
ونددت العديد من الدول، منها قطر وتركيا والسعودية، بالتوغل الإسرائيلي، وقال الشرع في أكثر من مناسبة، إن ذرائع إسرائيل انتهت بخروج إيران و”حزب الله” من سوريا.
ما مستقبل التوغل الإسرائيلي في الجنوب السوري
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية
أرسل/أرسلي تصحيحًا
مرتبط
المصدر: عنب بلدي