الشرع في الإمارات.. أبرز ملفات الزيارة وما ستفعله أبو ظبي لأجل دمشق

استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، اليوم الأحد، الرئيس السوري أحمد الشرع الذي وصل البلاد في إطار زيارة عمل رسمية. اللقاء الذي جمع الزعيمين في قصر الشاطئ بأبوظبي جاء ليؤكد على مسار جديد من التعاون والانفتاح العربي تجاه سوريا بعد سنوات من العزلة والصراع.
الشيخ محمد بن زايد شدد خلال اللقاء على أن دولة الإمارات ستدعم سوريا بكل ما تستطيع، مشيرًا إلى أن استقرار سوريا وتعزيز أمنها هو من مصالح المنطقة بأسرها. كما أكد حرص بلاده على تقديم الدعم الكامل للشعب السوري في مواجهة تحديات المرحلة الانتقالية، متمنيًا للرئيس الشرع التوفيق في قيادة بلاده نحو مستقبل يعمه الأمن والاستقرار والتنمية.
كما بحث الجانبان العلاقات الأخوية وسبل تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، إلى جانب التطورات في سوريا، حيث أعربت القيادة الإماراتية عن التزامها بدعم إعادة إعمار سوريا بما يتوافق مع تطلعات شعبها نحو حياة كريمة.
جانب من استقبال رئيس الإمارات #محمد_بن_زايد للرئيس السوري #أحمد_الشرع في العاصمة أبوظبي أكد من خلالها الرئيس الإماراتي دعمه لتطلعات الشعب السوري pic.twitter.com/FGiP8LtYiP
— Step News Agency وكالة ستيب نيوز (@Step_Agency) April 13, 2025
الرؤية الإماراتية.. علاقات تاريخية ومسارات قانونية
المحلل الإماراتي الدكتور جاسم خلفان يرى، خلال حديث لوكالة “ستيب الإخبارية” أن الزيارة تعكس متانة العلاقة التاريخية بين البلدين، حيث يقول: “لا شك أن العلاقات بين البلدين قوية وراسخة عبر التاريخ. واليوم، تُفتح الأبواب بين البلدين والشعبين للعمل في شتى ميادين التعاون الاقتصادي والأخوي.”
ويضيف: “يكفي أن تستقبل دولة الإمارات العربية المتحدة الرئيس السوري، لتؤكد للعالم أنها تقف إلى جانب سوريا، قيادةً وشعبًا. فالعلاقات الدولية القوية التي تربط دولة الإمارات بدول العالم ستكون دافعًا لها لحث الدول الصديقة على الاعتراف بالحكومة السورية الجديدة.”
الدكتور خلفان يشير أيضًا إلى أهمية الضمانات والتطمينات القانونية التي يمكن أن تقدمها الإمارات للدول المترددة في دعم سوريا: “من الضروري أن تكون هناك ضمانات وتطمينات قانونية تقدمها سوريا لبعض الدول، لضمان دعمها. وأهم ما في الأمر هو استقرار الوضع داخل سوريا، وعيش الشعب في أمن وأمان، وعودة الحياة إلى مسارها الطبيعي وفق الأصول الديمقراطية وسيادة القانون.”
ويختتم تحليله بتأكيده على أهمية هذه الزيارة: “إن زيارة الرئيس السوري للإمارات اليوم، وما تشهده العلاقات من تقارب، سيُعجِّل في عودة سوريا إلى الحضن العربي والمجتمع الدولي.”
مصالح متبادلة ونفوذ إقليمي
أما المحلل السياسي السوري حسن الشاغل، فقد تناول الزيارة من زاوية المصالح الاستراتيجية لكل من سوريا والإمارات، متسائلًا: ماذا تريد الإمارات من سوريا؟
ويقول الشاغل: “من المهم إدراكه أن أكثر ما يهم أبو ظبي هو أن تحقق الإدارة السورية الجديدة الأمن والاستقرار الداخلي، وألا تكون مصدر مهدد وتوتر لمحيطها الإقليمي.”
ويضيف: “قد ترى الإمارات في سوريا مركزاً استراتيجياً لتوسيع نفوذها السياسي والاقتصادي وفقاً للمعادلة الحالية. فبعد انقضاء النفوذ الإيراني قد تجد أبو ظبي موطئ قدم مهم لها في سوريا.”
ويشير إلى أن أبو ظبي قد تنافس على مشاريع إعادة الإعمار، موضحًا: “من المتوقع أن تنافس الإمارات على عملية إعادة الإعمار في سوريا مستقبلاً، عبر الاستثمار في مجال الطاقة والسوق المصرفي والبنوك، والبنية التحتية والتجارة، وفي الموانئ السورية ذات الموقع الاستراتيجي.”
أما عما يطلبه الرئيس الشرع من الإمارات، فيلخص الشاغل ذلك في عدة نقاط: “تخفيف العقوبات بمساندة لوبيات الإمارات، وقد يطلب الرئيس الشرع من قادة الإمارات تفعيل نفوذهم لدى الدول الغربية لتخفيف أو تعليق العقوبات على البلاد، لتكون الإمارات بما تمتلكه من نفوذ أحد الأدوات للتخلص من العقوبات الدولية على سوريا.”
ويضيف: “يدرك الرئيس الشرع مخاوف الإمارات الأمنية والسياسية من التغيير الحاصل في سوريا، ويرى في الزيارة إلى أبو ظبي وتقديم الضمانات اللازمة ضرورة لبناء الثقة بين البلدين.”
ويتابع: “زيارة الرئيس الشرع لأبو ظبي قد تسهم في تطوير موقفها، بما يتلاءم مع الدول العربية الداعمة، ما يدعم عملية الاستقرار الداخلي للبلاد، ويزيل العقبات أمام التعاون بين الدول العربية وسوريا.”
مقاربات أمنية وسياسية
بدوره، يرى المحلل السياسي السوري ماجد عبد النور، في حديث لوكالة “ستيب الإخبارية” أن الزيارة لا يمكن فصلها عن التصعيد الإسرائيلي الأخير على الأراضي السورية، ويقول: “أعتقد أنها زيارة مهمة خصوصاً أنها تأتي بعد التصعيد الإسرائيلي على سوريا في الفترة الأخيرة. يبدو هناك رسالة إسرائيلية سُلمت للإمارات موجهة للحكومة السورية تتعلق بمطالب إسرائيلية محددة.”
ويعدد بعض هذه المطالب: ومنها “الحد من نفوذ تركيا. إبعاد الجيش السوري عن الجنوب السوري. منع نشاط حماس وحركات المقاومة الفلسطينية داخل سوريا”.
كما يتحدث عبد النور عن إمكانية تطوير العلاقات بين الدولتين: “لا يمكن التنبؤ بما ستكون عليه مستقبل العلاقات بين البلدين لكن أعتقد إذا وصلت الدولتان لصيغة تفاهم مشتركة يمكن أن تتطور نحو الأفضل، وخصوصاً أن هناك إرادة سورية بعلاقات جيدة مع الإمارات.”
ويضيف: “يتوقف إمكانية دعم الإمارات لسوريا على مدى تفاهم الحكومتين وبناء الثقة بينهما، يمكن حينها أن تستخدم الإمارات نفوذها السياسي بمساعدة سوريا.”
وحول الرؤية السورية الأوسع، يقول: “سيحاول الشرع بناء علاقات مع جميع دول المنطقة ويحاول تبديد هواجس الدول وتخوفاتها من الإدارة السورية ومستقبل سوريا، بما فيهم الإمارات العربية.”
ويختتم: “ربما تكون هذه الزيارة إحدى المحطات المهمة، وخصوصاً أن للإمارات نفوذ كبير في المنطقة العربية. ولكن الانفتاح العربي قد بدأ قبل هذه الزيارة، خصوصاً زيارة الشرع للسعودية والأردن ومصر في قمة الجامعة العربية.”
زيارة بطابع استراتيجي وإقليمي
زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى الإمارات تأتي في توقيت حرج، وسط تحولات إقليمية متسارعة، وعودة تدريجية لسوريا إلى الساحة العربية والدولية. وبين الرغبة السورية في كسر العزلة الدولية والدور الإماراتي الذي يحرك خطواتٍ متقدمة إقليميًا، تبدو الزيارة خطوة محورية نحو بناء تحالفات جديدة، وتنسيق المصالح في منطقة تحتاج إلى الاستقرار أكثر من أي وقت مضى.
المصدر: وكالة ستيب الاخبارية