اخر الاخبار

الشرع في باريس بأول زيارة لدولة أوروبية.. ملفان مهمان على طاولة ماكرون لدعم دمشق

يستقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره السوري أحمد الشرع يوم الأربعاء، في أول زيارة أوروبية له، حسبما أعلن قصر الإليزيه، ويأتي ذلك في وقت تشهد سوريا حراكاً سياسياً لضمان وحدتها واستقلالها، وتلعب باريس دوراً مهماً بالعديد من الملفات التي تخص دمشق.

وأوضحت الرئاسة الفرنسية أن الدعوة تأتي في إطار “إثبات التزام فرنسا التاريخي تجاه الشعب السوري الذي يتطلع إلى السلام والديمقراطية”، مشيرة إلى أن ماكرون سيناقش مع نظيره “سبل تحقيق الاستقرار في المنطقة، بما في ذلك لبنان، ومكافحة الإرهاب.”

وكان الرئيس الفرنسي قد وجه دعوة إلى الشرع لزيارة باريس في بداية فبراير/شباط الماضي، ليعود ويقرنها في مارس/آذار بـ”تشكيل حكومة سورية جامعة لكافة مكونات المجتمع المدني”.

 

ما هي الملفات التي يحملها الشرع إلى باريس؟

لا شك أن الزيارة الأوروبية الأولى ستحمل معها الكثير من الملفات ولا يخفى أن أبرزها التعافي الاقتصادي ورفع العقوبات، إضافة إلى الدور الأوروبي وتحديداً الفرنسي من مجريات الأحداث الداخلية في سوريا.

وفي حديث لوكالة “ستيب نيوز” مع السياسي السوري، فراس حاج يحيى، يقول: “من المتوقع أن تتضمن زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى فرنسا عدة ملفات مهمة، أبرزها: رفع العقوبات الاقتصادية، حيث يسعى إلى حشد الدعم الأوروبي، وخاصة الفرنسي، لرفع العقوبات المفروضة على سوريا بهدف تسهيل عملية التعافي الاقتصادي”.

يضيف: “الملف الثاني هو إعادة الإعمار، من خلال بحث سبل التعاون في إعادة بناء البنية التحتية السورية، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وبخاصة الفرنسية، في القطاعات الحيوية مثل النقل والطاقة”.

وبالفعل كان لفرنسا دور بارز من خلال أول عقد استثماري وقعته الحكومة السورية الجديدة، باستثمار شركة “سي إم إيه سي جي إم” الفرنسية، لتطوير وتشغيل ميناء اللاذقية لمدة 30 عاماً.

وحسب ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” ستباشر الشركة الفرنسية خلال هذه المدة بضخ استثمارات أولية بقيمة 30 مليون يورو خلال السنة الأولى، مخصصة لتطوير البنية التحتية والفوقية وصيانة المعدات الحالية والأرصفة، بالإضافة إلى إدخال أنظمة تشغيل وتكنولوجيا حديثة تعتمدها الشركة في موانئ عالمية أخرى، كما ستضخ في السنوات الثلاث التالية استثمارات إضافية تصل إلى 200 مليون يورو.

 

وحول ذلك يوضح “الحاج يحيى” أن توقيع العقد مع شركة “CMA CGM” الفرنسية لتشغيل محطة الحاويات في مرفأ اللاذقية تشير إلى بداية انفتاح اقتصادي بين البلدين.

 

ويقول: “هذا التعاون استعداد فرنسا للمساهمة في إعادة إعمار سوريا وتجاوز بعض العقبات الاقتصادية، رغم استمرار بعض العقوبات الدولية، ومن المتوقع مناقشة ملفين أو أكثر في هذا الجانب، الأول هو إمكانية دخول شركة “توتال” الفرنسية للتنقيب عن الغاز في البحر المتوسط، وهي نفس الشركة التي تنشط في لبنان”.

أما الملف الثاني بحسب السياسي السوري فهو الأموال السورية المجمدة في فرنسا، ويُقصد بها أموال رفعت الأسد المنهوبة من الشعب السوري والمحتجزة هناك، بالإضافة إلى الأصول السورية المجمدة في أوروبا والتي تُقدّر بحوالي 500 مليون دولار.

 

وكان الاتحاد الأوروبي قد قرر تعليق سلسلة من العقوبات المفروضة على سوريا في فبراير/شباط الماضي، بعد ما يقرب من 14 عامًا من الحرب، وشمل القرار رفع العقوبات عن خمس كيانات مالية رئيسية، هي المصرف الصناعي، ومصرف التسليف الشعبي، ومصرف التوفير، والمصرف الزراعي التعاوني، ومؤسسة الطيران العربية السورية.

كما تم السماح بإتاحة الموارد الاقتصادية لمصرف سوريا المركزي، مما ساعد في تسهيل العمليات المالية الضرورية.

 

إلى جانب ذلك، قرر الاتحاد الأوروبي تعليق القيود على قطاعات النفط والغاز والكهرباء والنقل، إضافة إلى تقديم استثناءات من الحظر المفروض على العلاقات المصرفية بين البنوك السورية والمؤسسات المالية الأوروبية، وذلك بغرض تسهيل المعاملات ذات الطابع الإنساني وإعادة الإعمار.

 

الدور الفرنسي في الشرق الأوسط

أكد “الحاج يحيى” أن الشرع اختار فرنسا لتكون وجهته الأولى أوروبياً وغربياً لتعكس أهمية الدور الفرنسي في المنطقة، وخصوصية العلاقات التاريخية بين البلدين.

ويقول: ” كانت فرنسا من أوائل الدول التي دعمت المرحلة الانتقالية في سوريا، وسعت إلى تنظيم مؤتمر دولي لدعمها، مما يجعلها شريكاً استراتيجياً في هذه المرحلة الحساسة، كما تُعد، إلى جانب المملكة العربية السعودية، من أبرز الداعمين لسوريا في مرحلتها الانتقالية وإعادة دمجها في المنظومتين العربية والدولية”.

 

ويضيف: ” يمكن لفرنسا أن تلعب دوراً مهماً في دعم الحوار الوطني والمصالحة بين مختلف الأطراف السورية، كما أن تعليقها على التوترات في الساحل والسويداء يعكس اهتمامها بوحدة واستقرار سوريا، وقدرتها على القيام بدور الوسيط بين الأطراف المتنازعة، خاصة في ظل علاقاتها الجيدة مع بعض المكونات السورية ومع الحكومة الانتقالية أيضاً”.

وقد أدانت وزارة الخارجية الفرنسية قبل أيام ما وصفته بـ”العنف الطائفي” الذي يستهدف الدروز في جنوب العاصمة السورية، ودعت الجهات السورية والإقليمية إلى وقف الاشتباكات، كما حثت السلطات السورية على بذل الجهد لاستعادة الهدوء.

وخلال الأحداث الأمنية في الساحل السوري أكدت باريس أن الانتهاكات المرتكبة ضد المدنيين في سوريا غير مقبولة، دون الإشارة إلى الجهات التي تسببت بالعنف.

 

وأضح “الحاج يحيى” أن فرنسا تسعى حالياً لاستعادة دورها التاريخي في سوريا والمنطقة من خلال الانخراط في العملية السياسية ودعم إعادة الإعمار.

ويتابع: “يعكس هذا التوجه رغبتها في تحقيق توازن إقليمي وربما تقديم بديل عن النفوذ الأمريكي والروسي، خاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، مع تصاعد النفوذ الإسرائيلي والتركي”.

 

أهداف الشرع الخارجية

يحاول الرئيس السوري، تقديم صورة مطمئنة للمجتمع الدولي الذي يحضه على احترام الحريات وحماية الأقليات، بعد توليه السلطة، وبعد توترات أمنية شهدتها عدة مناطق في الساحل والجنوب السوري.

وكان ماكرون قال، في 28 من آذار الماضي، إنه مستعد لاستقبال الشرع إذا انفتحت الحكومة السورية على كل المجتمع المدني، والتزمت بضمان الأمن للسماح بعودة اللاجئين السوريين.

 

وتابع ماكرون، “الحكومة التي تأخذ في الاعتبار جميع مكونات المجتمع المدني السوري، ومكافحة الإرهاب بشكل واضح وحازم، وعودة اللاجئين، هي العناصر الثلاثة التي سيتم الحكم على الانتقال على أساسها”.

 

وذكر أنه بناء على التطورات، ستكون فرنسا مستعدة لمواصلة الحوار واستقبال الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، موضحًا أن النقاشات التي جرت حتى الآن “إيجابية للغاية”.

 

وكان الرئيس السوري تلقى اتصالاً هاتفياً من ماكرون، في 5 من شباط الماضي، تضمن دعوة لزيارة فرنسا، وأعرب ماكرون حينها عن دعمه للمرحلة الانتقالية في سوريا، مؤكدًا مساعي بلاده لرفع العقوبات، تمهيدًا للنمو والتعافي.

من جانبه، أكد الشرع لماكرون أن سوريا ستكون جزءًا “إيجابيًا” وفاعلًا في المنطقة والعالم، وستركز على مصالحها بالاستقرار وسلامة الأراضي.

وتحدث الشرع عن التحديات التي تتمثل بالعقوبات الاقتصادية المفروضة، وعدم استكمال وحدة الأراضي السورية، مشيرًا إلى شمال شرقي سوريا، حيث تملك فرنسا نفوذاً لا يستهان به من خلال علاقاتها مع قوات قسد وقيادتها.

وكان لباريس دور مهم حين استضافت في 13 من شباط الماضي، مؤتمرًا لدعم سوريا جاء فيه تأكيد مشترك على الرغبة في العمل الجماعي من أجل ضمان نجاح العملية الانتقالية في سوريا بمرحلة ما بعد الأسد، في إطار عملية يجب أن يقودها السوريون ويملكونها، بروح المبادئ الأساسية لقرار مجلس الأمن “2254”، لتمكين الشعب السوري من بناء مستقبل أكثر أمنًا وسلامًا.

الشرع في باريس بأول زيارة لدولة أوروبية.. ملفان مهمان على طاولة ماكرون لدعم دمشق

المصدر: وكالة ستيب الاخبارية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *