قال الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، إن من الصعب الحديث عن شرط إسرائيل حول وجود منطقة منزوعة السلاح بأكملها في الجنوب السوري، متسائلًا، “إذا حدثت أي فوضى، فمن سيحمي المنطقة؟”.

وأضاف الشرع خلال حوار مع صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية نُشرت تفاصيله اليوم، الأربعاء 12 من تشرين الثاني، أنه إذا استُخدمت هذه المنطقة منزوعة السلاح من قبل بعض الأطراف كمنصة انطلاق لضرب إسرائيل، فمن سيكون مسؤولًا عن ذلك؟

“في نهاية المطاف، هذه أراضٍ سورية، ويجب أن تتمتع سوريا بحرية التعامل مع أراضيها”، قال الشرع.

وأضاف أن إسرائيل احتلت مرتفعات الجولان لحماية أمنها، وهي الآن تفرض شروطها في جنوبي سوريا لحماية الجولان، “لذا، بعد بضع سنوات، ربما تسيطر على وسط سوريا لحماية جنوبها، سيصلون إلى ميونيخ عبر هذا الطريق”، بحسب تعبيره.

وأشار إلى أن سوريا دخلت في حرب مع إسرائيل قبل 50 عامًا، ثم، في عام 1974، وُقعت اتفاقية “فك الارتباط”، التي دامت 50 عامًا، ولكن مع سقوط نظام الأسد، ألغت إسرائيل هذه الاتفاقية.

ولفت إلى أن إسرائيل وسعت وجودها في سوريا، وطردت بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام، واحتلت أراضي جديدة.

“لقد نفذوا أكثر من ألف غارة جوية في سوريا منذ 8 من كانون الأول 2024، شملت قصف القصر الرئاسي ووزارة الدفاع، لكن لأننا نريد إعادة إعمار سوريا، لم نرد على هذه الاعتداءات”، أضاف الشرع.

إن التقدم الذي أحرزته إسرائيل في سوريا لم يكن نابعًا من مخاوفها الأمنية، بل من طموحاتها التوسعية، وفق تعبير الشرع، معتبرًا أنه لطالما ادعت إسرائيل قلقها من سوريا، خوفًا من التهديدات التي تمثلها الميليشيات الإيرانية و”حزب الله” اللبناني، فالسلطة الجديدة طردت تلك القوات من سوريا.

انخراط في التفاوض

بشأن المفاوضات الجارية بين سوريا وإسرائيل، قال الشرع، “نحن منخرطون في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، وقد قطعنا شوطًا طويلًا نحو التوصل إلى اتفاق، لكن للتوصل إلى اتفاق نهائي، ينبغي لإسرائيل الانسحاب إلى حدود ما قبل 8 كانون الأول 2024”.

وتطرق مجددًا إلى أن الولايات المتحدة تدعم هذه المفاوضات، إلى جانب العديد من الأطراف الدولية “التي تدعم وجهة نظرنا في هذا الصدد، واليوم، وجدنا أن ترامب يدعم وجهة نظرنا أيضًا، وسيدفع بأسرع ما يمكن للتوصل إلى حل لهذه المسألة”.

العنف في سوريا

فيما يتعلق بالمخاوف التي أثارها معارضو رفع العقوبات عن سوريا لاستمرار العنف فيها، قال الشرع، إن سوريا خرجت من الحرب حديثًا، وكانت تعيش تحت وطأة دكتاتورية ونظام قاسٍ سيطر على البلاد لـ60 عامًا، وهي تمر اليوم بمرحلة انتقالية، وفي هذه المرحلة الانتقالية، تختلف الأوضاع والظروف والقوانين عن الدول المستقرة.

“نحن في مرحلة إعادة بناء الدولة، واستعادة القانون وإعادة بنائه، لكنني لا أقول إنه لا توجد مشكلات في سوريا، هذه ليست نهاية المطاف”، أضاف الشرع.

ولفت إلى أن هناك مصالح فردية لمجموعات معينة تسعى للاستقلال أو الحكم الذاتي، بعض هذه الأطراف يسعى لإيجاد مبرر لمصالحه، فيستخدم طائفته أو عقيدته كغطاء.

“يتحدثون عن تهديد وجودي لطائفتهم أو معتقدهم في سوريا، نعيش في تعايش مع جماعات مختلفة، جماعات دينية مختلفة، منذ 1400 عام، ما زلنا موجودين، وما زال لدينا هذا التنوع”، وفق تعبير الشرع.

ماضي الشرع

الشرع اعتبر أن القتال ليس عيبًا عند توجيه سؤال له حول ماضيه كمقاتل في سوريا والعراق، متابعًا “إن كان لأهداف نبيلة، وخاصة إن كان دفاعًا عن الأرض والشعب المظلوم”.

وأضاف أن الأمر جيد يستحق الإشادة، شارحًا أنه خاض حروبًا كثيرة، لكنه لم يتسبب في موت شخص بريء.

“عندما ينخرط شخص ما في القتال، ينبغي أن تكون لديه خلفية أخلاقية راسخة”، قال الشرع، مفسرًا أن المنطقة تأثرت بالسياسات الغربية والأمريكية، واليوم، الكثير من الأمريكيين يتفقون على أن بعض هذه السياسات كان خاطئة وأنها تسببت في حروب كثيرة بلا جدوى.

محاربة تنظيم “الدولة”

حول مواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية”، أوضح الشرع “أننا في حرب مع النظيم منذ عشر سنوات، وفعلنا ذلك دون تنسيق مع قوة غربية أو أي دولة أخرى”.

وأكد أن سوريا اليوم قادرة على تحمل هذه المسؤولية، لافتًا إلى أن إبقاء سوريا مقسمة، أو وجود أي قوة عسكرية خارج سيطرة الحكومة، يمثل البيئة الأمثل لازدهار التنظيم.

وأضاف أن الحل الأمثل هو أن تشرف القوات الأمريكية الموجودة في سوريا على دمج “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في قوات الأمن التابعة للحكومة، وستكون مهمة حماية الأراضي السورية من مسؤولية الدولة.

خطوة ضرورية لتمكين سوريا

الشرع أوضح في حديثه إلى صحيفة “واشنطن بوست”، أن قرار الإدارة الأمريكية تعليق العقوبات المفروضة على سوريا يمثل خطوة ضرورية لتمكين سوريا من التعافي بعد عقود من الحرب، مؤكدًا أن واشنطن تتجه نحو دعم استقرار سوريا ووحدتها.

“من الواضح من خلال سياسات ترامب أنه يؤيد استقرار سوريا ووحدتها الإقليمية، ورفع العقوبات بالكامل عن سوريا، وهو يدفع في هذا الاتجاه”، قال الشرع.

وأضاف أن أغلبية أعضاء الكونجرس، الذين التقاهم الاثنين 10 من تشرين الثاني، يؤيدون رفع العقوبات، معتبرًا أن “الإدارة الأمريكية متفقة على أن سوريا تستحق فرصة لتكون مستقرة، وتبني اقتصادها، وتحافظ على وحدة أراضيها”.

“مرحلة جديدة” من العلاقات مع أمريكا

أجرى الرئيس السوري، أحمد الشرع، مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” الأمريكية عقب لقائه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في البيت الأبيض الاثنين 10 من تشرين الثاني.

وقال الشرع خلال المقابلة، إن العلاقات بين دمشق وواشنطن دخلت “مرحلة جديدة” بعد عقود من القطيعة والعزلة.

وأضاف الشرع أن هذه هي المرة الأولى التي يزور فيها رئيس سوري البيت الأبيض منذ تأسيس الجمهورية السورية في أربعينيات القرن الماضي، مشيرًا إلى أن الزيارة تمثل تحولًا استراتيجيًا بعد سقوط النظام السابق ودخول سوريا مرحلة جديدة من التعاون مع الولايات المتحدة.

الشرع في واشنطن

عقد الرئيس الشرع لقاء مغلقًا مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الاثنين 10 من تشرين الثاني.

إدارة الرئيس الأمريكي وصفت الزيارة بأنها “خطوة تاريخية” تمهد لاختبار إمكانية إعادة دمشق إلى المسار الدبلوماسي بعد أكثر من عقد من الحرب والعزلة، وفق ما نقلته شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية.

تناول اللقاء ملفات الاتفاق مع “قسد”، والعقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، والاتفاق الأمني مع إسرائيل.

وتضمنت المباحثات بين الشرع وترامب، وفق ما نشرت الرئاسة السورية، سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتطوير التعاون في مختلف المجالات، إضافة إلى مناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وكان الرئيس السوري أحمد الشرع وصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية في 8 من تشرين الثاني، وهي الزيارة الثانية لأمريكا عقب زيارته السابقة للمشاركة في أعمال القمة الـ80 للأمم المتحدة في نيويورك.

وقال الرئيس السوري خلال لقائه ممثلي المنظمات السورية في الولايات المتحدة الأمريكية، إن العقوبات المفروضة على سوريا في مراحلها الأخيرة، داعيًا إلى مواصلة العمل حتى رفعها بالكامل.

واعتبر أن الفرصة المتاحة أمام السوريين اليوم هي فرصة “نادرة” ينبغي استثمارها.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.