قالت مصادر لـ”الشرق” إن الرئيس السوري أحمد الشرع بحث، الثلاثاء، مع قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، بحضور المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس باراك، آليات تنفيذ اتفاق “10 مارس” بين الجانبين السوريين، في أعقاب إعلان وزير الدفاع مرهف أبو قصرة التوصل إلى “اتفاق شامل” لوقف إطلاق النار بعد اشتباكات الاثنين في حلب.
وحضر لقاء الشرع مع قائد “قسد”، المبعوث الأميركي باراك، وقائد القيادة المركزية الأميركية، براد كوبر، ووزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، ووزير الدفاع، مرهف أبو قصرة، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة، حسين السلامة.
وحسبما ذكرت الرئاسة السورية في بيان، فقد بحث الشرع مع المبعوث الأميركي، آخر التطورات في الساحة السورية، وسبل دعم العملية السياسية وتعزيز الأمن والاستقرار، إلى جانب مناقشة آليات تنفيذ اتفاق “10 مارس”، بما يصون وحدة الأراضي السورية وسيادتها.
وكان وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، أعلن، في وقت سابق من الثلاثاء، الاتفاق مع قائد قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، مظلوم عبدي، على وقف فوري وشامل لإطلاق النار في شمال وشرق البلاد، وذلك في أعقاب وصول وفد من “قسد” إلى دمشق، بالتزامن مع زيارة باراك.
وكتب أبو قصرة في بيان نشره على منصة “إكس”: “التقيت قبل قليل بالسيد مظلوم عبدي في العاصمة دمشق واتفقنا على وقفٍ شاملٍ لإطلاق النار بكافة المحاور ونقاط الانتشار العسكرية شمال وشمال شرق سوريا، على أن يبدأ تنفيذ هذا الاتفاق فوراً”.
وتضمن وفد “قسد” في محادثات دمشق، الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية، إلهام أحمد، والقائد العام لوحدات حماية المرأة التابعة لـ”قسد”، روهلات عفرين، بهدف بحث تطبيق بنود اتفاق “10 مارس”، الذي وقعه عبدي مع الشرع، في وقت سابق من العام الجاري، والذي ينص على ضم قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري.
وتعد هذه الزيارة هي الثالثة لعبدي إلى دمشق، بعد توقيع الاتفاق، برفقة رئيسة دائرة العلاقات الخارجية، إلهام أحمد، والرئيسين المشتركين لوفد الإدارة الذاتية، فوزة يوسف، وعبد حامد المهباش.
بنود اتفاق “10 مارس”
ووقع كل من الرئيس السوري أحمد الشرع والقائد العام لـ”قسد” اتفاقية في العاشر من مارس الماضي، بثمانية بنود عامة، نصت بشكل رئيسي على دمج “قسد” وإدارتها الذاتية في سوريا في مؤسسات الدولة السورية، مع إعلان لوقف إطلاق النار في كامل الأراضي السورية، ما أدى إلى إيقاف اشتباكات اندلعت بين الجيش السوري، و”قسد”، والتي استمرت لأكثر من شهرين في محيط سد تشرين.
كما يشمل الاتفاق بنوداً أخرى تتعلق بضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة، والتأكيد على أن المجتمع الكردي مجتمع أصيل في سوريا وتضمن الدولة حقه في المواطنة وكافة الحقوق الدستورية، مع دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال وشرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما في ذلك المعابر الحدودية وحقول النفط والغاز ومطار القامشلي، وضمان عودة كافة المهجرين إلى بلداتهم وقراهم وتأمين حمايتهم من الدولة السورية، ورفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية، ودعم الدولة في مكافحة فلول الإرهاب وكافة التهديدات، التي تهدد أمنها ووحدتها، مع منح مهلة لتطبيق الاتفاق حتى قبل نهاية العام الجاري.
بنود اتفاق “10 مارس” بين “قسد” وحكومة دمشق
- ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة.
- المجتمع الكردي مجتمع أصيل في سوريا وتضمن الدولة حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية.
- دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال وشرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما في ذلك المعابر الحدودية وحقول النفط والغاز ومطار القامشلي.
- ضمان عودة كافة المهجرين إلى بلداتهم وقراهم وتأمين حمايتهم من الدولة السورية.
- رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية، ودعم الدولة في مكافحة “فلول الإرهاب” وكافة التهديدات، التي تهدد أمنها ووحدتها.
- منح مهلة لتطبيق الاتفاق حتى قبل نهاية العام الجاري.
لقاء الشرع وعبدي، والإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار، يأتي بعد يوم واحد من اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن السورية وعناصر “قسد” في حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، وانتشار عسكري في دير حافر ومسكنة ومحيط سد تشرين بريفها الشمالي الشرقي، بالتزامن مع زيارة قائد القوات المركزية الأميركية، والمبعوث الأميركي باراك، إلى مناطق شمال شرق سوريا الخاضعة لسيطرة “قسد”، ولقائهما قيادات في “قسد” والإدارة الذاتية.
ومنذ توقيع الاتفاق في مارس الماضي، عُقد 4 جولات تفاوضية بين ممثلين عن الحكومة السورية و”قسد”، بواقع اجتماعين في الحسكة واجتماعين في دمشق، كان آخرها اجتماع عقد في مطلع يوليو الماضي، بين وفد ضم حينها وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، ووزير الدفاع، مرهف أبو قصرة، والداخلية، أنس خطاب، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة حسين السلامة، مع وفد ضم القائد العام لـ”قسد”، مظلوم عبدي، ومسؤولة دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية، إلهام أحمد، والرئيسين المشتركين لوفد الإدارة الذاتية، فوزة يوسف، وعبد حامد المهباش، دون الخروج بأي نتائج.
تجميد الاتفاق رغم إجراءات “بناء الثقة”
وأكدت مسؤولة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية، إلهام أحمد، في تصريحات صحافية، أن المباحثات توقفت عند ملف دير الزور، وسط أنباء عن رغبة دمشق في استلامها بالكامل، لكونها مناطق عربية، وتمسك “قسد” بوجود الأسايش والمجالس المحلية هناك ودمجها في مؤسسات الدولة.
على الرغم من اتخاذ الطرفين، إجراءات عديدة لبناء الثقة والبدء في تطبيق تدريجي للاتفاق، من خلال عقد اتفاقية أمنية نصت على بدء دخول مؤسسات الدولة السورية إلى حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، والتوافق على تشاركية في إدارتهما أمنياً وخدمياً، مع تبادل الأسرى بين الطرفين وتبييض السجون من المعتقلين من الجانبين، بالإضافة إلى إخراج دفعتين من قاطني “مخيم الهول” المنحدرين من مناطق تخضع لسيطرة الحكومة السورية لأول مرة منذ تأسيس المخيم في عام 20105، إلا أن كل تلك الإجراءات جُمدت تدريجياً، مع تجميد غير معلن لمسار اتفاق “10 مارس”، منذ مطلع يوليو الماضي.
وترى الحكومة السورية، أن الاندماج يعني حل “قسد” و”الأسايش” لنفسهم ككتل عسكرية، مع الانضمام بشكل فردي للجيش السوري، على اعتبار أن غالبية عناصرهم من العشائر العربية الرافضة للانفصال، مع التأكيد على أن المطالبة بالفيدرالية أو الإدارة الذاتية تفتح باباً لتهديد وحدة البلاد السياسية والجغرافية، وأن حماية الحدود ومحاربة الإرهاب وإدارة موارد البلاد من نفط و طاقة وسدود وغيرها”، هو “مسلمات لاتحتاج مفاوضات”.
وترى “قسد” والإدارة الذاتية الكردية، أن الإعلان الدستوري الخاص بإجراء الانتخابات، همش مناطق سيطرتها عن استحقاق مجلس الشعب وجلسات الحوار الوطني.
وأبدت “قسد” والإدارة الكردية، استعدادها للاندماج في مؤسسات الدولة مع المحافظة على الهيكلية العسكرية والإدارية ككتلة واحدة، كما تطالب بتطبيق نظام الإدارة الذاتية أو اللامركزية كنموذج إداري للحكم، مع تخصيص مناطق سيطرتها بجزء من واردات النفط والطاقة المدارة في معظمها من قبلها منذ أكثر من 10 سنوات، وتشميلها في خطط الدعم العربي والدولي لإعادة الإعمار.