وجه الرئيس السوري في المرحلة المؤقتة، أحمد الشرع، خطابًا مصورًا بعد ساعات من التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في السويداء جنوبي سوريا، يفضي بانتشار قوى الأمن فيها.
وقال الشرع، في الخطاب الثاني منذ اندلاع التصعيد في الجنوب، اليوم السبت 19 من تموز، إن “الأحداث الأخيرة التي شهدتها محافظة السويداء شكّلت منعطفًا خطيرًا”، معتبرًا أن “الاشتباكات العنيفة بين هذه المجموعات كادت تخرج عن السيطرة لولا تدخل الدولة السورية لتهدئة الأوضاع.
“الدولة السورية تمكّنت من تهدئة الأوضاع رغم صعوبة المشهد”، بحسب الشرع، “لكن التدخل الإسرائيلي دفع البلاد إلى مرحلة خطيرة تهدد استقرارها، نتيجة القصف السافر على الجنوب وعلى مؤسسات الحكومة في دمشق. وعلى إثر هذه الأحداث، تدخلت الوساطات الأمريكية والعربية في محاولة لتهدئة الوضع”.
وشكر الرئيس السوري الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين، الذين اتخذوا “مواقف قوية في رفضهم القصف الإسرائيلي والانتهاكات المتكررة للسيادة السورية”.
كما ثمن “الدور الكبير” الذي قامت به الولايات المتحدة الأمريكية في تأكيدها الوقوف إلى جانب سوريا في هذه الظروف الصعبة.
وكان المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توماس براك، أعلن عن اتفاق دولي لوقف إطلاق النار في السويداء جنوبي سوريا، بعد أيام من العنف والانتهاكات المتبادلة.
وقال براك عبر تغريدة في “إكس“ فجر اليوم، السبت 19 من تموز، إن الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اتفقا على وقف إطلاق النار في السويداء.
وأضاف أن الاتفاق جاء بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، وتبنته تركيا والأردن وجيرانهما.
أبرم الاتفاق في وقت كانت العشائر تستمر في التعبئة من كل المحافظات السورية للهجوم على السويداء، بينما تتحصن فصائل محلية داخل المدينة.
مع خروج الدولة من بعض المناطق، وتسليم جماعات محلية شؤون المدينة، في 17 من حزيران، “بدأت مجموعات مسلحة من السويداء بشن هجمات انتقامية ضد البدو وعائلاتهم هذه الهجمات الانتقامية، التي ترافقت مع انتهاكات لحقوق الإنسان، دفعت باقي العشائر إلى التوافد لفك الحصار عن البدو داخل السويداء”، بحسب الشرع.
لكن الرئيس السوري تبرأ من جميع الجرائم والتجاوزات التي جرت سواء كانت من داخل السويداء أو خارجها، وأكد أهمية تحقيق العدل وفرض القانون.
وتعهد أن الدولة تلتزم بحماية الأقليات والطوائف كافة في البلاد، وهي ماضية في محاسبة جميع المنتهكين.
وأضاف أن محافظة السويداء “لا تزال جزءًا أصيلًا من الدولة السورية، كما أن الدروز يشكلون ركنًا أساسيًا من النسيج الوطني السوري”، بينما أثبتت “الأحداث الأخيرة أن أبناء السويداء بجميع أطيافهم يقفون إلى جانب الدولة ويرفضون مشاريع التقسيم”.
دعوة إلى الالتزام
بدورها، ذكرت منصات الرئاسة السورية عبر مواقع التواصل، أن الوقف الشامل والفوري لإطلاق النار في السويداء، جاء حرصًا على حقن دماء السوريين، وللحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسلامة شعبها، واستجابة للمسؤولية الوطنية والإنسانية.
ودعت الرئاسة في بيانها الذي نشرته عبر صفحتها في “فيسبوك” اليوم، السبت 19 من تموز، جميع الأطراف دون استثناء، إلى الالتزام الكامل بهذا القرار ووقف كافة الأعمال القتالية فورًا في جميع المناطق، وضمان حماية المدنيين، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية دون أي عوائق.
وطالبت بفسح المجال أمام الدولة السورية، ومؤسساتها وقواتها، لتطبيق هذا الوقف بمسؤولية، وبما يضمن تثبيت الاستقرار ووقف سفك الدماء.
وحذرت الرئاسة من أي خرق لهذا القرار، واعتبرت ذلك انتهاكًا صريحًا للسيادة الوطنية، وسيواجه بما يلزم من إجراءات قانونية وفقًا للدستور والقوانين النافذة.
وكشف البيان أن قوات الأمن بدأت بالانتشار في عدد من المناطق لضمان تنفيذ وقف إطلاق النار، والحفاظ على النظام العام، وتأمين حماية المواطنين وممتلكاتهم بما يعزز التهدئة والاستقرار.
التزام
تجمع عشائر الجنوب أعلن في بيان اليوم وقفًا فوريًا وشاملًا لكافة الأعمال العسكرية، وأكد الالتزام التام بذلك.
وقال إن ذلك يأتي استجابة لقرار رئاسة الجمهورية بالوقف الشامل لإطلاق النار، وانطلاقًا من حرصها على حقن الدماء.
ودعا لإطلاق سراح جميع المحتجزين من أبناء العشائر دون أي تأخير، كخطوة أولى لبناء الثقة، وتأمين العودة الآمنة لجميع النازحين إلى منازلهم وقراهم دون استثناء أو شروط، وفتح قنوات للحوار والتنسيق، بما يضمن عدم تكرار ما حدث، والسير نحو استقرار دائم.
بدورها قالت الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز، التي يقودها حكمت الهجري، أحد أبرز القادة الرافضين لدخول الحكومة إلى السويداء، إنها تمد يدها لـ”التعامل مع كل إنسان شريف لإنهاء الاشتباكات الحالية ووقف إطلاق النار، والاحتكام لصوت العقل”.
قوى الأمن تدخل السويداء
بدوره، أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، اليوم، أن قوى الأمن الداخلي بدأت بالانتشار في محافظة السويداء، في إطار “مهمة وطنية”، هدفها الأول حماية المدنيين ووقف الفوضى، وذلك إثر الأحداث الدامية التي تسببت بها “مجموعات خارجة عن القانون”، وبتوجيه مباشر من رئاسة الجمهورية.
وقال عبر “فيسبوك“، إن الدولة، بكل مؤسساتها السياسية والأمنية، ماضية في مساعيها لاستعادة الأمن والاستقرار في السويداء، وستسخر قوى الأمن كل طاقاتها سعيًا لوقف الاعتداءات وحالة الاقتتال، وإعادة الاستقرار إلى المحافظة.
وشهدت محافظة السويداء، منذ 13 من تموز، تصعيدًا عنيفًا تخلله اشتباكات وانتهاكات متبادلة بين عشائر البدو وفصائل محلية موالية للرئيس الروحي للطائفة الدرزية، حكمت الهجري، ومن قوى الأمن ووزارة الدفاع.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي