كشف رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري أن مسار التفاوض المقترح بين لبنان وإسرائيل قد سقط بسبب رفض تل أبيب التجاوب مع مقترح أميركي بهذا الشأن، قائلاً لـ”الشرق الأوسط” إن المسار الوحيد حالياً هو مسار “الميكانيزم” الذي يضم ممثلين للدول المعنية والراعية لاتفاق وقف العمليات العدائية الذي أوقف حرب لبنان الأخيرة في نوفمبر الماضي.
والتقى بري، الاثنين، رئيس الجمهورية جوزيف عون، حيث شكّلت الأوضاع الأمنية في الجنوب وملف التفاوض مع إسرائيل محوراً أساسياً في الاجتماع الذي اكتفى بعده بالقول: “اللقاءات دائماً ممتازة مع فخامة الرئيس”.
وقالت رئاسة الجمهورية، في بيان، إنه “تم عرض خلال اللقاء الأوضاع العامة في البلاد، ولا سيما في الجنوب في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية. كما تطرق البحث إلى التطورات في المنطقة بعد قمة شرم الشيخ والاتفاق حول غزة”.
وأتى لقاء عون مع بري بعد ثلاثة أيام على اجتماع رئيس الجمهورية جوزيف عون مع رئيس الحكومة نواف سلام وبعد ساعات على كلام لافت للمبعوث الأميركي توم براك الذي حذّر لبنان من أن التردُّد في نزع سلاح “حزب الله” قد يفتح الباب لتحرُّك إسرائيلي.
بري: تم التراجع عن أي مسار للتفاوض مع إسرائيل
وقال الرئيس بري إن الموفد الأميركي توماس براك أبلغ لبنان بأن إسرائيل رفضت مقترحاً أميركياً يقضي بإطلاق مسار تفاوضي يستهل بوقف العمليات الإسرائيلية لمدة شهرين، وينتهي بانسحاب إسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلة وإطلاق مسار لترسيم الحدود وترتيبات أمنية، وتالياً، يقول بري إنه “تم التراجع عن أي مسار للتفاوض مع إسرائيل، ولم يبقَ سوى الآلية المتبعة عبر لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار (الميكانيزم)”.
ونقل براك إلى الجانب اللبناني، الأسبوع الماضي، مبادرة تقوم على أن يجتمع رؤساء الجمهورية جوزيف عون، والبرلمان نبيه بري، والحكومة نواف سلام معه لمناقشة انسحاب إسرائيلي من لبنان خلال شهرين، ووقف الخروقات، في إشارة إلى مفاوضات غير مباشرة لحل الأزمة، وكان رد لبنان إيجابياً على المبادرة الأميركية.
وقال بري إن “براك أبلغ لبنان بشكل رسمي أن المبادرة رفضتها إسرائيل، وبالتالي، لم يعد هناك من مسار دبلوماسي قائم، إلا العمل ضمن آلية لجنة (الميكانيزم)”. وأشار إلى أنه “حصل تطور مهم في آلية عملها، بعدما باتت تجتمع كل أسبوعين، خلافاً للمسار الذي اتبعته في السابق”، حيث كانت تعقد اجتماعات متقطعة ومتباعدة.
بري “متشائل”: متمسكون باتفاق وقف إطلاق النار
وشدد بري: “إننا متمسكون باتفاقية وقف إطلاق النار التي تم التوصل إليها في نوفمبر 2024، وهي الاتفاقية التي يفترض أن تشرف على تنفيذها لجنة الميكانيزم”، مشيراً إلى أنها “الآلية المعتمدة حالياً، ولا شيء سواها”.
وأمام هذه التطورات، رفض بري القول إنه متشائم أو متفائل، قائلاً: “أنا متشائل”، في إشارة إلى مساحة مختلطة بين التشاؤم والتفاؤل.
براك يحذّر لبنان من عواقب وخيمة
وقال براك عبر منصة “إكس”، في منشور له بعنوان: “وجهة نظر شخصية – سوريا ولبنان القطعتان التاليتان نحو سلام المشرق”، إن “13 أكتوبر 2025 سيذكر كلحظة فارقة في دبلوماسية الشرق الأوسط الحديثة”.
وفي الشأن اللبناني قال: “حان الوقت الآن ليتحرك لبنان بشأن سلاح حزب الله”، محذراً من أنه “إذا استمرت بيروت في التردد بشأن نزع السلاح فقد تتصرف إسرائيل بشكل أحادي وستكون العواقب وخيمة”.
وأشار إلى أن “حزب الله” قد يسعى لتأجيل انتخابات 2026 في لبنان “بذريعة الحرب مع إسرائيل”، لافتاً إلى أن ذلك سيخلق “فوضى عارمة ويمزق النظام السياسي الهش ويعيد إشعال فتيل انعدام الثقة الطائفية”.
وأضاف: “الاعتقاد بأن ميليشيا واحدة قادرة على تعطيل الديمقراطية قد يدعو إلى تدخل إقليمي ويخاطر بدفع لبنان من الأزمة إلى انهيار مؤسسي كامل”.
وقال: “يبقى مبدأ الحكومة اللبنانية (دولة واحدة، جيش واحد) أكثر من مجرد طموح، مقيداً بسيطرة حزب الله السياسية وخوفه من الاضطرابات المدنية”.
وقال براك: “في وقت مبكر من هذا العام، قدمت الولايات المتحدة خطة (محاولة واحدة أخرى)، وهي عبارة عن إطار لنزع السلاح المرحلي، وحوافز اقتصادية تحت إشراف الولايات المتحدة وفرنسا لكن رفض لبنان اعتمادها بسبب تمثيل وتأثير حزب الله في مجلس الوزراء اللبناني…”.
وأشار إلى أن “الخطوات الشجاعة لسوريا نحو اتفاق حدودي، آملاً تطبيعاً مستقبلياً، تشكّل أولى خطوات تأمين الحدود الشمالية لإسرائيل. ويجب أن يكون نزع سلاح حزب الله الخطوة الثانية”، معتبراً أن لبنان “يواجه الآن خياراً حاسماً: أن يسلك طريق التجديد الوطني أو يبقى غارقاً في الشلل والتدهور”.
ورأى أنه “إذا فشلت بيروت في التحرك، فإن الذراع العسكرية لحزب الله ستواجه حتماً إسرائيل مواجهة كبيرة، في لحظة قوة إسرائيل ونقطة ضعف حزب الله المدعوم من إيران. وبالمقابل، سيواجه جناحه السياسي على الأرجح عزلة محتملة مع اقتراب انتخابات مايو 2026”.