الشهور القبطية.. تقويم الفراعنة الذي لا يزال ينبض في حياة المصريين

الاحد 09 مارس 2025 | 03:10 مساءً
يعد التقويم القبطي امتدادًا للتقويم المصري القديم، الذي استند إلى نجم الشعرى اليمانية ، واعتمده المصريون القدماء لتنظيم مواسم الزراعة والحصاد، ولا يزال مستخدمًا في الريف المصري حتى اليوم، كما تبناه الأقباط لاحقًا وظل حاضرًا في العديد من المناسبات الدينية والزراعية.
أصل التقويم القبطي
يرجع أصل التقويم القبطي إلى عام 1235 قبل الميلاد، حيث قسمه المصريون القدماء إلى 12 شهرًا، كل شهر 30 يومًا، وأضيفت خمسة أيام تعرف بـ”الشهر الصغير” أو أيام النسيء، وفي 238 ق.م، أمر بطليموس الثالث بإضافة يوم سادس كل أربع سنوات، ليصبح عدد أيام السنة 365 يومًا، مماثلًا للتقويم الشمسي.
أسماء الشهور القبطية ومعانيها
تحمل شهور التقويم القبطي أسماء مصرية قديمة، حورت إلى القبطية، ولكل منها دلالة تاريخية أو دينية:
توت (1112 سبتمبر): نسبة للإله تحوت، إله الحكمة والكتابة.
بابة (1011 أكتوبر): نسبة إلى الأقصر، واحتفال “أوبت” للإله آمون.
هاتور (1011 نوفمبر): مرتبط بالإلهة حاتحور، إلهة الحب والموسيقى.
كيهك (1011 ديسمبر): يعني “عيد اجتماع الأرواح” في العقيدة المصرية القديمة.
طوبة (910 يناير): مشتق من “تاعبت”، وهو أحد الأعياد الفرعونية.
أمشير (89 فبراير): نسبة للإله “مخير”، المسؤول عن الزوابع والرياح.
برمهات (1011 مارس): ربما مرتبط بالملك أمنحتب.
برمودة (9 أبريل): نسبة للإله رنودة، إله الحصاد.
بشنس (9 مايو): مرتبط بالإله خونسو، إله القمر.
بؤونة (8 يونيو): نسبة لعيد “أنت” أو عيد الوادي.
أبيب (8 يوليو): نسبة للإلهة أبيبي.
مسرى (7 أغسطس): يعني “ولادة رع”، إله الشمس.
النسيء (الشهر الصغير): يُحتفل فيه بالإله أوزيريس.
التقويم القبطي في الأمثال الشعبية
ارتبطت الشهور القبطية بالأمثال الشعبية التي تعكس التغيرات المناخية وتأثيرها على الزراعة والحياة اليومية:
توت: “توت ري ولا تموت” (إشارة إلى بدء موسم الفيضان).
بابة: “بابة خش واقفل البوابة” (إشارة إلى بداية البرد).
هاتور: “هاتور أبو الدهب منثور” (إشارة لموسم حصاد القمح).
كيهك: “صبحك مساك شيل يدك من غداك، وحطها في عشاك” (للدلالة على قِصَر النهار).
طوبة: “طوبة تخلي الشابة كركوبة” (إشارة لشدة البرد).
أمشير: “أمشير أبو الزعابيب الكتير، ياخد العجوزة ويطير” (لوصف الرياح الشديدة).
برمهات: “روح الغيط وهات” (موسم نضج المحاصيل).
برمودة: “برمودة دق العامودة” (إشارة إلى حصاد القمح).
بشنس: “بشنس يكنس الغيط كنس” (حصاد المحاصيل المتبقية).
بؤونة: “بؤونة تنشف الميه من الماعونة” (دلالة على شدة الحر).
أبيب: “أبيب أبو اللهاليب” (إشارة إلى الحرارة المرتفعة).
مسرى: “مسرى تجرى فيه كل ترعة عسرة” (دلالة على ارتفاع منسوب النيل).
أمشير.. شهر الزعابيب والرياح العاتية
يعرف شهر أمشير بأنه الأكثر عواصف ورياحًا خلال العام، حتى أطلق عليه المصريون القدماء اسم “شهر النار”، حيث تبلغ الشمس ذروتها، مما يؤدي إلى موجات برد قاسية. ويقال إن أمشير “يستلف 10 أيام من طوبة”، أي أن تأثير برودته يمتد من الشهر السابق. كما يُقال في الأمثال:
“أمشير أبو الزعابيب الكتير”.
“الاسم طوبة والفعل لأمشير” (تشبيه للشخص الذي يبدو هادئًا لكنه يتصرف بتهور).
“أمشير أبو الزعابيب يخلي العجوز تقيد الحصير” (دلالة على شدة البرد).
دور التقويم القبطي في الزراعة والمناخ
ظل هذا التقويم أساسيًا في حياة الفلاح المصري، حيث يساعد في تحديد مواعيد الزراعة والحصاد بدقة، كما أنه يكشف التغيرات المناخية الموسمية التي تؤثر على المحاصيل، وهو ما جعله جزءًا من التراث الزراعي المصري الذي لا يزال حاضرًا حتى اليوم.
التقويم القبطي ليس مجرد تأريخ زمني، بل سجل حضاري يعكس فهم المصريين القدماء للزراعة، الفلك، والمناخ، مما يجعله أحد أقدم وأدق التقاويم التي عرفتها البشرية.
المصدر: بلدنا اليوم