قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، السبت، إن القواعد الروسية في بلاده يجري التفاوض بشأنها حالياً مع موسكو، وأكد أن سوريا تريد التوصل إلى اتفاقية أمنية مع إسرائيل “تراعي هواجس دمشق، دون التفريط في شبر من أراضيها”.
وأضاف الشيباني في مقابلة مع قناة الإخبارية السورية بثتها، السبت، أن الجانبين السوري والروسي ناقشا جميع الموضوعات مثل مصير الرئيس السابق بشار الأسد، والضباط الهاربين خلال زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى موسكو بالإضافة إلى العلاقات المستقبلية، وآفاق التعاون حال تجاوز النقاط الخلافية.
وأشار إلى أنه “في السادس من ديسمبر 2024، أي قبل سقوط النظام، جرى لقاء مع الروس، في وقت كانت فيه الكفة قد مالت لصالح الثوار.. كان اللقاء مهماً، وتم بتوجيه من الرئيس الشرع، بهدف تفادي أي تداخل، وتوضيح مسار التغيير، والتأكيد على أن ما يجري هو تغيير للنظام، وليس تغييراً لتحالفات سوريا”.
وشدّد على أنه تم التأكيد خلال اللقاء على أنه “إذا كانت هناك تحالفات مستقبلية مع موسكو، فإنها ستصب في مصلحة الشعب السوري، ولن تكون كما في السابق، وأن سوريا لن تكون موقعاً لأي حرب بالوكالة”.
واعتبر الشيباني أن “التأثير الروسي في خطة إسقاط النظام لا يتجاوز 20%، إذ إن 80% كانت للجهود العسكرية من الثوار السوريين الذين وصلوا إلى حماة وما بعدها”، واصفاً المحادثات مع روسيا بأنها “كانت في ظل المعركة المحتدمة، ولم تكن في منتدى سياسي”.
وأشار إلى أنه في اليوم الرابع والخامس من المعركة كان هناك قصف شديد على إدلب وحلب، وبعد جلسة المحادثات مع الروس تم إيقاف القصف بشكل كامل لتبقى المعركة ميدانية.
وأوضح أنه “من الأمور التي أخبرها للروس خلال الجلسة قبل سقوط النظام، أن العلاقات السورية الروسية حقيقة تاريخية، لكن الذي أساء إلى هذه العلاقة وجعل السوريين ينظرون لها بسلبية، هو استخدام النظام لهذه العلاقة”، مشدداً على أنها “تحتاج إلى إصلاح”، معتبراً أن “إسقاط النظام لا يعني القطيعة مع روسيا، ولكن سيتم بناؤها بما يخدم الشعب السوري ودون انتهازية”.
وعن الدور الروسي في ملف التعويضات وإعادة إعمار سوريا، قال الشيباني: “دائماً ما نتحدث مع موسكو في هذا الشأن، وهم مدركون لذلك، لكننا لم نتوصل بعد إلى آلية لجبر الضرر أو التعويض.. أما الشكل النهائي للعلاقة، فقد يُعلَن عنه لاحقاً من قبل الرئيس الشرع”.
وأكد الشيباني أن الاتفاقيات التي أبرمتها روسيا مع النظام السابق لن يُقبَل بها، مبيناً أنهم لم يتوصلوا بعد إلى اتفاقيات جديدة، ومشيراً إلى أن البند المتفق عليه مع موسكو هو إعادة تقييم الاتفاقيات السابقة، أو صياغة اتفاقيات جديدة من البداية.
وبشأن القواعد الروسية، قال: “هي محل تفاوض وتخضع لإعادة تعريف، ففي السابق كان دورها معروفاً، أما اليوم فإن دور القواعد الروسية، التي انحسر وجودها في قاعدتي طرطوس وحميميم، يحتاج إلى نقاش، خاصة بعد الانسحاب من معظم الأراضي السورية وتخفيف الوجود العسكري”.
وأشار إلى أنه تم إعادة تصحيح العلاقة مع الصين التي كانت تقف سياسياً إلى جانب النظام السابق، وتستخدم حق النقض “الفيتو” لصالحه، وفي بداية الشهر المقبل ستكون هناك أول زيارة رسمية لبكين.
ملف السويداء
وعن خارطة الطريق التي تم توقيعها بين الولايات المتحدة، وسوريا، والأردن بشأن مستقبل محافظة السويداء، قال الشيباني: “إن ملف السويداء هو جرحٌ سوري، وما حدث لم يكن خياراً للحكومة السورية، وربما كان فخاً وقعنا فيه جميعاً، وقد أُسيء إليه من قبل أطراف خارجية، وتحديداً إسرائيل”.
وأضاف: “عندما نتعامل مع ملف السويداء، فإننا نتعامل معه من منطلق وطني، باعتباره مشكلة داخلية، لا قضية دولية”.
وتابع: “عندما يُطرح هذا الملف للتدويل، نفضّل أن تكون هناك مقاربة دولية تأخذ بعين الاعتبار جميع النقاط التي تهم المحافظة في الوقت الراهن”، مطالباً بالنظر إلى المأساة الإنسانية من هذا المنطلق، لا باعتبارها ملفاً سياسياً يُستخدم في المفاوضات أو للمطالبة بالتقسيم أو الفيدرالية.
كما أكد أن السويداء جزءٌ أصيل من سوريا، داعياً “النخب، ومشايخ العقل، وكل حريص على مصلحة السويداء إلى العمل من أجل تجاوز هذه الأزمة”.
قوات سوريا الديمقراطية
واعتبر الشيباني أن الإدارة الحالية نجحت في إقناع الدول التي تهتم بملف قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بأن الحل الوحيد له هو “اتفاق 10 مارس”؛ لأن عدم وجود قوات سوريا الديمقراطية ضمن مؤسسات الدولة يعمق الشرخ بينهم وبين الدولة السورية، مؤكداً أن الشراكة يجب أن تتم بأسرع وقت ممكن.
وأضاف: “هناك فرصة تاريخية لمنطقة شمال وشرق سوريا في سبيل أن تكون جزءاً فاعلاً في هذه المرحلة، وأي تأخير في تنفيذ اتفاق العاشر من مارس سينعكس سلباً ويعرقل مصالح المدنيين وعودة المهجرين إلى مناطقهم”.
ووقع كل من الشرع، والقائد العام لـ”قسد” مظلوم عبدي اتفاقية في العاشر من مارس، تضم 8 بنود عامة، نصت بشكل رئيسي على دمج “قسد” وإدارتها الذاتية في سوريا بمؤسسات الدولة السورية، مع إعلان لوقف إطلاق النار في كامل الأراضي السورية، ما أدى إلى إيقاف اشتباكات اندلعت بين الجيش السوري و”قسد”، استمرت لأكثر من شهرين في محيط سد تشرين.
بنود اتفاق “10 مارس” بين “قسد” وحكومة دمشق
- ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة بالعملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة.
- المجتمع الكردي مجتمع أصيل في سوريا وتضمن الدولة حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية.
- دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال وشرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما في ذلك المعابر الحدودية وحقول النفط والغاز ومطار القامشلي.
- ضمان عودة كافة المهجرين إلى بلداتهم وقراهم وتأمين حمايتهم من الدولة السورية.
- رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية، ودعم الدولة في مكافحة “فلول الإرهاب” وكافة التهديدات، التي تهدد أمنها ووحدتها.
- منح مهلة لتطبيق الاتفاق حتى قبل نهاية العام الجاري.
اتفاقية أمنية مع إسرائيل
وقال وزير الخارجية السوري إن إسرائيل أرادت أن تفرض واقعاً جديداً ومشروعاً توسعياً مستغلة التغيير في سوريا، ووصف الممارسات الإسرائيلية بأنها “تعزّز عدم استقرار بلادنا”، مشدداً على تمسك سوريا بانسحاب القوات الإسرائيلية لما قبل الثامن من ديسمبر الماضي.
وأعلن الشيباني رغبة سوريا في التوصل إلى اتفاقية أمنية لا تقوض السيادة السورية وتراعي ما وصفها بـ”الهواجس الأمنية الإسرائيلية والسورية”، وتحترم أمن البلدين، مؤكداً عدم استعداد بلاده للتنازل عن “شبر من أراضيها”.
وعبر وزير الخارجية السوري عن أمنياته بتخفيف التوتر مع الجانب الإسرائيلي، كي لا يؤثر ذلك على عملية إعادة الإعمار والاستقرار في سوريا.