وافقت الصين، الأحد، على السماح بتصدير بعض رقائق “نيكسبيريا” Nexperia، بعدما هدد نقصها صناعة السيارات حول العالم، وذلك في أعقاب جهود دبلوماسية أوروبية مكثفة، في ظل تهدئة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وبدأت الأزمة في أكتوبر الماضي، عندما استحوذت هولندا على شركة صناعة الرقائق التي تتخذ من هولندا مقراً لها، وهي شركة تابعة لعملاق الرقائق الصيني “وينجتك” Wingtech، ما دفع بكين إلى فرض قيود انتقامية على التصدير، بحسب مجلة “بوليتيكو”.
وقالت وزارة التجارة الصينية، الأحد، إن الصين منحت إعفاءات من قيود التصدير المفروضة على رقائق Nexperia “للاستخدامات المدنية”.
ولم توضح وزارة التجارة الصينية ما المقصود بالاستخدامات المدنية تحديداً، لكن إعلانها جاء بعد تصريحات من شركات ألمانية ويابانية أفادت بأن شحنات الرقائق المصنوعة في الصين من قبل Nexperia قد استؤنفت.
ومع ذلك، يُتوقع أن تظل العلاقات الثنائية بين الصين وهولندا، وبالتالي بين بكين والاتحاد الأوروبي، متوترة إلى أن تُحلّ النزاعات المتعلقة بملكية Nexperia وعملياتها.
وقالت الحكومة الصينية، السبت، إنها تنتظر إجراءات ملموسة من هولندا لحل الأزمة المتعلقة Nexperia، التي أدت إلى نقص في رقائق الشركة، وهددت قطاع إنتاج السيارات.
وذكرت الوزارة الصينية في بيان، الأحد، أن بكين ترحب بالجهود المستمرة من الجانب الأوروبي لحث الجانب الهولندي على تصحيح ممارساته “الخاطئة”.
جهود دبلوماسية مكثفة
وقال المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش في منشور على منصة “إكس”، إن الحكومة الصينية ستمنح إعفاءات من متطلبات الترخيص الصارمة التي فرضت على شركة Nexperia الهولندية، بشرط أن “يتعهد المشترون باستخدام أشباه الموصلات للأغراض المدنية فقط”.
وأشار شيفتشوفيتش إلى أنه على اتصال وثيق مع كل من السلطات الصينية والهولندية من أجل التوصل إلى توافق “دائم ومستقر”، يضمن استعادة تدفقات أشباه الموصلات بالكامل.
وقال متحدث باسم وزارة التجارة الصينية، السبت، إن الحكومة الهولندية لم تتخذ بعد أي إجراءات ملموسة بشأن مصادرة رقائق Nexperia، وأن بكين وافقت على طلب من وزارة الاقتصاد الهولندية لإرسال مسؤولين إلى الصين لإجراء مناقشات.
وأضاف المتحدث في بيان، أن “مصدر ومسؤولية الفوضى الحالية في سلسلة التوريد العالمية لأشباه الموصلات تقع على عاتق هولندا”.
فيما قال رئيس الوزراء الهولندي ديك شوف لـ”بلومبرغ”، الجمعة، على هامش قمة المناخ COP30 في البرازيل، إن “الصين أبلغتنا بأنها ستتيح استئناف الإمدادات من المصانع الصينية من رقائق Nexperia”.
وأضاف شوف أن القرار جاء نتيجة التعاون بين هولندا وألمانيا والمفوضية الأوروبية، بالإضافة إلى المحادثات الدبلوماسية الأخيرة بين هولندا والصين، إلى جانب الانفراج التجاري بين الولايات المتحدة والصين.
ورحب المستثمرون حول العالم بالاجتماع بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الصيني شي جين بينج في كوريا الجنوبية نهاية أكتوبر الماضي، الذي ساعد على تهدئة مخاوف بشأن النزاع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، والذي عطل تدفقات سلع وموارد حيوية.
هدنة تجارية مع واشنطن
وجاء تخفيف موقف بكين بعد أيام من اتفاق ترمب وشي على هدنة لمدة عام في حربهما التجارية.
وكجزء من الاتفاق، ستعلق الصين ضوابط التصدير الشاملة على المعادن النادرة، مقابل تعليق الولايات المتحدة تمديد حظرها على تصدير التكنولوجيا إلى فروع الشركات الصينية المدرجة في القائمة السوداء.
كما أجرى مسؤولون صينيون وأوروبيون محادثات في بروكسل، الجمعة، تناولت ضوابط التصدير، بما في ذلك المعادن النادرة وشركة “نيكسبيريا”.
وقال مسؤول حكومي هولندي، لصحيفة “فاينانشيال تايمز”، السبت: “ما زلنا على اتصال بالسلطات الصينية وشركائنا الدوليين للعمل على إيجاد حل بنّاء يعيد التوازن إلى سلسلة توريد الرقائق، وهو ما يعود بالنفع على نيكسبيريا واقتصاداتنا”.
ويُمثل الإعلان الصيني تهدئة محتملة في الخلاف الذي حرم شركات صناعة السيارات الأوروبية والأميركية واليابانية من الرقائق الأساسية لأجزاء من سلسلة التوريد، من الوسائد الهوائية إلى الإضاءة، ما يهدد بوقف الإنتاج لدى شركات صناعة السيارات الكبرى.
شركة “نيكسبيريا”
كانت “نيكسبيريا” Nexperia ويقع مقرها الرئيسي في مدينة نيميجن شمال شرق هولندا، أحدث شركة تقع في فخ النزاع التجاري العالمي المتصاعد قبيل المحادثات بين الصين والولايات المتحدة.
وانبثقت Nexperia عن قسم أشباه الموصلات في شركة Philips، التي تعود جذورها إلى عشرينيات القرن الماضي، وبِيعَت “نيكسبيريا” في عام 2017، إلى اتحاد صيني قبل أن تشتريها شركة “وينجتيك” الصينية.
والعام الماضي، أضافت الولايات المتحدة “وينجتيك” إلى “القائمة السوداء” لوزارة التجارة. وتُنتج رقائق أشباه الموصلات التي تصنعها شركة “نيكسبيريا” في ألمانيا وبريطانيا، ثم تُشحن إلى جنوب الصين للتجميع قبل توزيعها عالمياً.
وخفضت هولندا إنتاجها في أميركا الشمالية، بينما حذرت “فولكس فاجن” من نفاد إمداداتها من الرقائق بنهاية الأسبوع المقبل.
كما صرّح الرئيس التنفيذي لشركة “فورد”، جيم فارلي، بأن الحكومة الأميركية تسعى جاهدة لحل النزاع، وقال مسؤول تنفيذي أوروبي في قطاع السيارات إن التغيير في موقف الصين إيجابي وهام، لكنه حذّر من أن الاضطرابات في إمدادات الرقائق قد تستمر، حيث لا تزال تفاصيل التنفيذ غير واضحة.
بدورها، صرحت “وينجتيك” الأسبوع الماضي، أن هذه الخطوة كانت، من وجهة نظرها “محاولة لتمهيد الطريق لشركة هولندية للاستحواذ”.
وأضافت أن “نيكسبيريا تواجه تهديداً وجودياً نتيجة لهذا الخلاف، مع تعرض مئات الوظائف العالمية للخطر، وأن أي شركة تخلف نيكسبيريا محكوم عليها بالفشل”.
