الصين تدرس معالجة مسألة “الفنتانيل” لبدء محادثات مع أميركا

أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، نقلاً عن مصادر مطلعة، الجمعة، بأن الصين تدرس سبل الاستجابة لمخاوف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن مزاعم الدور الصيني في تجارة مخدر الفنتانيل، ما قد يشكل فرصة لخفض التوترات وفتح المجال أمام استئناف المحادثات التجارية بين أكبر اقتصاديين في العالم.
وقالت المصادر، إن الوزير وانج شياو هونج وهو قيصر الأمن لدى الرئيس الصيني شي جين بينج، استفسر خلال الأيام الأخيرة عما يريد فريق ترمب من الصين فعله فيما يتعلق بالمكونات الكيميائية المستخدمة في صنع الفنتانيل.
وتنتج الشركات الصينية كميات كبيرة من المواد المعروفة باسم “المواد الأولية” (precursors)، والتي تُباع عبر الإنترنت، وتُرسل من الصين إلى عصابات في المكسيك وغيرها، حيث تُستخدم لصناعة مخدر الفنتانيل، وتهريبه إلى الولايات المتحدة، بحسب الصحيفة.
وتدرس بكين إرسال وانج، وهو وزير الأمن العام، وعضو بارز في مجلس الدولة (مجلس الوزراء الصيني)، إلى الولايات المتحدة للقاء كبار مسؤولي إدارة ترمب، أو الاجتماع في دولة ثالثة.
وقالت المصادر إن المحادثات لا تزال غير مؤكدة، لكنها أشارت إلى أن بكين ترغب في “تخفيف” حدة موقف ترمب بشأن حملته التجارية ضد الصين.
يأتي هذا التطور وسط تصاعد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة ما أدى إلى فرض كل جانب فعلياً حصاراً تجارياً على الآخر، ما انعكس سلباً على الاقتصاد الصيني، الذي يعاني من أزمة عقارية مستمرة منذ سنوات، وضغوط انكماشية، وضعف في ثقة المستهلكين والشركات، وفقاً لـ”وول ستريت جورنال”.
وفي الوقت الذي يُعِدّ فيه شي بلاده لصراع طويل الأمد مع أميركا، ويواصل تعزيز السيطرة المركزية على الاقتصاد والمجتمع، فإن تصاعد المعاناة الاقتصادية يمنح بكين حوافز للانخراط مع واشنطن لتخفيف الضغوط على المدى القريب.
وفي تغير واضح في النبرة، قالت وزارة التجارة الصينية، الجمعة، إنها تدرس بدء محادثات مع الولايات المتحدة لوقف الحرب التجارية، معربة عن رغبة بكين في أن تُظهر إدارة ترمب “الجدية” في التفاوض.
وكانت الوزارة الصينية تشدد سابقاً على وجوب أن تخفض واشنطن الرسوم الجمركية المرتفعة المفروضة على بكين قبل بدء أي مفاوضات.
وقالت يون سون، مديرة برنامج الصين في مركز ستيمسون (Stimson Center) بواشنطن: “قد يكون ملف الفنتانيل هو كاسر الجليد الذي تبدأ من خلاله الدولتان الحديث بنبرة أكثر إيجابية. كلا الطرفين متحمسان لبدء مفاوضات”.
وفرض ترمب منذ بداية رئاسته في يناير الماضي، رسوماً جمركية بنسبة 20% على الصين بسبب دورها في أزمة تعاطي الفنتانيل، التي تتسبب بوفاة عشرات الآلاف من الأميركيين سنوياً.
ورفضت بكين في حينها الرد، معتبرة أن واشنطن تستخدم قضية الفنتانيل كـ”ذريعة لمهاجمة الصين تجارياً”.
ولاحقاً زادت إدارة ترمب الرسوم إلى 145% على الواردات الصينية، فيما ردّت بكين بفرض رسوم بنسبة 125% على السلع الأميركية.
وتسبب هذه الرسوم الباهظة في انخفاض حجم التجارة الثنائية بين البلدين، وزيادة الضغوط التضخمية في أميركا، والتهديد بدفع الصين نحو الركود الاقتصادي.
وأفادت صحيفة “وول ستريت جورنال”، بأن إدارة ترمب تدرس خفض الرسوم الجمركية كوسيلة لتهدئة التوتر مع بكين، بعد شكاوى من شركات التجزئة الأميركية بشأن احتمال نفاد البضائع من الأسواق.
لكن المسؤولين الأميركيين أشاروا إلى أنهم لن يتصرفوا بشكل أحادي، ويطالبون بخطوات مقابلة من الصين.
وفي الأسابيع الأخيرة، استثنى الطرفان بعض السلع من الرسوم الجمركية، لكن هذه الاستثناءات يبدو أنها جاءت بهدف الحد من الأضرار الاقتصادية، وليس على سبيل التنازلات السياسية.
ويُعد حديث بكين عن تقديم عرض في ملف الفنتانيل أحدث تطور في المسار المعقد للعلاقات الثنائية التي تشهد جفاءً في قنوات الاتصال.
فمنذ أسابيع فقط، اشتكى مسؤولون صينيون بشكل خاص من عدم قدرتهم على الوصول إلى فريق ترمب الأساسي، لكن يبدو أن الأمور قد تغيرت، حيث تحدث ترمب وأعضاء في حكومته مراراً في الأيام الأخيرة عن تواصل مع الجانب الصيني، إلا أن بكين كانت تنفي ذلك حتى أواخر هذا الأسبوع.
وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الجمعة، أن بكين “تقوم حالياً بتقييم” التصريحات المتكررة من المسؤولين الأميركيين التي أعربت عن الرغبة في التفاوض بشأن الرسوم الجمركية.