الصين تستعد لصراع طويل الأمد مع أميركا: لن نركع أمام الضغوط

تعهدت الصين، الثلاثاء، بأنها “لن تركع أبداً” أمام ضغوط الرسوم الجمركية التي يفرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، فيما يستمر الرئيس شي جين بينج بإرسال رسائل تفيد بالاستعداد لـ”صراع طويل الأمد” مع الحرب التجارية، وسط إصرار من إدارة ترمب بأن التجارة الحرة مع الصين تضر الولايات المتحدة، وتضارب بشأن وجود اتصالات بين واشنطن وبكين من أجل التوصل لاتفاق تجاري.
ونشرت وزارة الخارجية الصينية، الثلاثاء، مقطع فيديو يتضمّن لقطات لمصانع صينية عالية التقنية وإطلاق مركبة فضائية.. ويحمل تعليقاً بأن الصين لن تتراجع حتى تُسمع أصوات الضعفاء..”، مع الإشارة إلى شركات يابانية وفرنسية تضررت من السياسات الأميركية، في محاولة واضحة لبناء نوع من التضامن الدولي.
وبعد أشهر من التصريحات المتشددة ضد الصين، بدأ ترمب مؤخراً في اعتماد لهجة أكثر اعتدالاً، إذ قال الأسبوع الماضي إن الرسوم المفروضة على السلع الصينية، والتي تصل في بعض الحالات إلى 245%، “ستنخفض بشكل كبير”، وادعى أنه على تواصل مع الزعيم الصيني شي جين بينج.
في المقابل، ترفض بكين التراجع، وتصرّ على الصمود في محاولة لإجبار ترمب على التنازل أولا، رغم أن الاقتصاد الصيني كان يواجه صعوبات حتى قبل اندلاع الحرب التجارية.
ورغم أن الصين أعفت بعض السلع الأميركية، بما في ذلك أشباه الموصلات، من الرسوم التي تبلغ 125%، الأسبوع الماضي، إلا أن المسؤولين الصينيين ما زالوا يرفضون مراراً مزاعم الإدارة الأميركية بأن هناك مفاوضات جارية بشأن الرسوم الجمركية، أو أن ترمب وشي تحدثا هاتفياً.
كسب دعم الدول النامية
قال سونج قوه يو، نائب مدير مركز الدراسات الأميركية بجامعة فودان في شنجهاي: “قد تساعد الإجراءات المضادة التي تتخذها الصين، وعرضها للتحدي، في كسب تأييد ودعم من دول نامية أخرى تضررت بسبب الرسوم الجمركية”، مضيفا: “لا نسعى لأن نكون أبطالا لأحد، لكن لابدّ أن يقف أحد ويتصدى”، وفقاً لصحيفة “واشنطن بوست”.
وشدد وزير الخارجية الصيني، وانج يي، على رسالة مماثلة خلال اجتماع دول “البريكس”، الاثنين، في البرازيل، على دور الصين كمدافع عن التجارة الحرة والتعددية.
وقال وانج، في بيان رسمي: “إذا اخترنا أن نمنح المتنمر شبراً واحداً عبر الصمت أو التنازل أو التراجع، فإننا لا نفعل سوى تشجيعه على أخذ المزيد”.
وفي الوقت نفسه، كتب عشرات السفراء الصينيين، معظمهم في دول نامية، مقالات في صحف محلية هذا الشهر هاجموا فيها السياسة التجارية الأميركية، واعتبروا أن الرسوم الجمركية تضر على نحو غير متناسب بالدول الفقيرة.
وحمّلت وزارة التجارة الصينية، الثلاثاء، الولايات المتحدة مسؤولية إعادة طائرات بوينج، مشيرة إلى أن قرار ترمب “التلويح بعصا الرسوم الجمركية” أدى إلى تعطيل أنشطة التجارة والاستثمار المعتادة لدى العديد من الشركات، مضيفة أن “ذلك يلحق ضرراً كبيراً بشركة بوينج أيضا”، بحسب
وفي اليوم السابق، أعلن مسؤولون صينيون أن بلادهم قادرة على تأمين احتياجاتها من الغذاء والطاقة حتى من دون التجارة مع الولايات المتحدة.
وخلال الحرب التجارية التي اندلعت في الولاية الرئاسية الأولى لترمب، ردّت بكين على الرسوم الأميركية بفرض رسوم على السلع الزراعية الأميركية، في خطوة استهدفت معيشة المزارعين الأميركيين، الذين يُعدّون من الكتل السياسية الأساسية الداعمة لترمب.
وفي ذلك الحين، كانت الصين تعتمد بشكل كبير على الواردات الزراعية من الولايات المتحدة، مثل فول الصويا. لكن، وبحسب إفين باي، الخبيرة في سياسة الزراعة الصينية لدى شركة “تريفيوم تشاينا” للاستشارات، فقد استعدّ المسؤولون في بكين لمواجهة تجارية جديدة مع واشنطن من خلال تنويع مصادر الاستيراد، بما في ذلك اللجوء إلى دول مثل البرازيل، وفق “واشنطن بوست”.
صراع طويل الأمد
ورغم محاولات المسؤولين الصينيين البحث عن أسواق بديلة للبضائع الصينية في أوروبا وآسيا، يؤكد الخبراء أن من الصعب تعويض السوق الأميركية الهائلة.
وفي ظل غياب مثل هذه الإشارات، يواصل الرئيس شي جين بينج إرسال رسائل تعبئة للشعب الصيني استعداداً لصراع طويل الأمد مع ترمب.
فقد دعت مدونة تابعة لصحيفة “بكين ديلي” الرسمية، الاثنين، القراء إلى إعادة قراءة خطابات ماو تسي تونج، الزعيم المؤسس للصين الشيوعية، تحت عنوان “في الحرب المطولة”، التي تناولت الصراع مع اليابان في ثلاثينيات القرن الماضي.
كما لجأ دبلوماسيون صينيون مؤخرا إلى مواقع التواصل الاجتماعي لنشر اقتباسات من أقوال ماو، في إطار إدانتهم لما وصفوه بالترهيب الأميركي.
وجاء في التدوينة: “وسط غيوم الحاضر الملبّدة، من المفيد إعادة قراءة في الحرب المطوّلة لفهم التفكير الجدلي بأن الخطر والفرصة يتلازمان، واستيعاب الرؤية الاستراتيجية التي تفسر لماذا ’ستحقق الصين في النهاية النصر النهائي”.
وأضاف المقال: “فقط من خلال الجرأة على النضال والإتقان فيه، يمكن تحويل الخطر إلى فرصة، والأزمة إلى أمان”.