يشرف الرئيس الصيني شي جين بينج، الأربعاء، على عرض عسكري ضخم، “صُمّم لإذكاء الفخر الوطني” وإظهار الثقل الدبلوماسي للصين، في الذكرى الـ80 لانتهاء الحرب العالمية الثانية، بحضور عشرات الزعماء، في الميدان السماوي “تيانانمن”.
ومن بين الحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، والرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان، في سابقة هي الأولى التي تجمع قادة الدول الأربع في مكان واحد.
وتنظم الصين العرض لإحياء الذكرى الـ80 لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في مناسبة تهدف إلى استعراض بعضٍ من أحدث الأسلحة الصينية، وتسليط الضوء على ما تؤكد عليه القيادة الشيوعية من “إسهامات غير معترف بها” في هزيمة اليابان الإمبراطورية، وفق “نيويورك تايمز”.
وشددت السلطات إجراءاتها الأمنية في جميع أنحاء العاصمة بكين تحضيراً للعرض، الذي شارك في تدريباته أكثر من 40 ألف جندي ومدني وموظف، إذ سيسلك الموكب طريق “تشانج آن” المركزي الذي يمر بساحة “تيانانمن” ومدخل “المدينة المحرمة”.
وتشمل قائمة الضيوف الذين يُتوقع حضورهم العرض قائد المجلس العسكري الحاكم في ميانمار مين أونج هلاينج، ورئيس جمهورية الكونغو، دنيس ساسو نجيسو، وكذلك، الحضور اللافت لرئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيتسو، وهو زعيم دولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
ويُعرف فيتسو بانتقاداته للدعم الغربي لأوكرانيا، وبمساعيه لتعزيز علاقات بلاده الدبلوماسية والاقتصادية مع بكين.
والثلاثاء، قال فيتسو بعد لقاء مع بوتين، إن عضوية أوكرانيا في الناتو غير مقبولة.
ورأى نيل توماس، الزميل في مركز تحليل السياسات الصينية التابع لمعهد “سياسات المجتمع الآسيوي”، أن حضور قادة من 11 دولة من أصل 14 تحد الصين، بينها منغوليا ولاوس ونيبال، يشكل “دليلاً حياً على أن بكين باتت بالفعل قوة إقليمية عظمى”.
ما المتوقع من العرض العسكري؟
إذا ما استُرشد بالعرض العسكري الأخير في بكين عام 2015، بمناسبة ذكرى الحرب العالمية الثانية، فيُرتقب أن يشهد الحدث استعراضاً “منظماً بدقة”، يتخلله عرضاً لجنود بخطوات عسكرية منتظمة، وفرق موسيقية تعزف ألحاناً حماسية، وطائرات حربية تحلق في تشكيلات ضيقة مطلقة سحباً ملونة في السماء، بحسب “نيويورك تايمز”.
ومن المرجح أن يستعرض شي القوات من خلال فتحة سقف سيارة صينية الصنع من طراز “هونجتشي” مجهزة بميكروفونات، ليحيي الجنود بهتافاته المعتادة: “تحياتي لكم، أيها الرفاق”.
بعدها، سينضم شي إلى الزعماء الضيوف لمتابعة بقية الاستعراض، إذ كان عرض عام 2015 تضمن مشاركة قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية الذين لوحوا من على متن حافلات مكشوفة.
ويمثل العرض محور حملة أوسع أطلقها الحزب الشيوعي لـ”إذكاء النزعة القومية والمشاعر المناهضة لليابان”، إذ روج الحزب أفلاماً تركز على وحشية الجيش الإمبراطوري الياباني، ما ملأ دور السينما بالمشاهدين، ومهد الجمهور لتلقي رسالة شي.
ويخدم ذلك أهداف الحزب السياسية، إذ “يتيح له استدعاء ذكريات الصدمات التي خلفتها الحرب لحشد الدعم الداخلي في مواجهة ركود اقتصادي طويل الأمد، وبطالة مرتفعة بين الشباب، وتوترات مع الولايات المتحدة”.
كما أثارت الحملة خلافات مع اليابان، ففي الأسبوع الماضي، قدمت بكين احتجاجاً إلى طوكيو، بعد تقارير أفادت بأن اليابان طلبت من حكومات أوروبية وآسيوية عدم المشاركة في العرض.
ويُتوقع أن يؤكد شي على “الدور الأكبر” الذي لعبته الصين في الحرب العالمية الثانية، وهو أمر لا يحظى عادةً باعتراف في الغرب.
وتخدم إعادة صياغة رواية الحرب هدفين، أولهما يتمثل في إظهار الحزب باعتباره “منقذ الأمة”، رغم أن المؤرخين يؤكدون أن القوميين الصينيين خاضوا معظم القتال، أما الهدف الثاني، فيتمثل في تعزيز مطالب بكين بأراضٍ، خصوصاً تايوان، تقول إن الدول الغربية حرمتها منها في أعقاب الحرب.
ترسانة حديثة
ويتوقع أن يشهد العرض الكشف عن بعض من أحدث الأسلحة الصينية، في إطار هدف بكين بناء جيش “من الطراز العالمي”. ويشمل ذلك صواريخ باليستية عابرة للقارات قادرة على حمل رؤوس نووية، ودبابات من الجيل الجديد، وأنظمة قتالية غير مأهولة.
وتؤكد الصين أنها بحاجة إلى جيش متطور لضمان السلم والدفاع عن نفسها في مواجهة “المعتدين الخارجيين” وعلى رأسهم الولايات المتحدة.
وقالت “نيويورك تايمز”، إنه يبدو أن الكثير من الأسلحة التي سيُكشف عنها “مصممة لتعزيز قدرات بكين على غزو تايوان”، الجزيرة ذات الحكم الذاتي التي تصر الصين على أنها جزء من أراضيها.
ومن بين تلك الأسلحة صواريخ فرط صوتية مضادة للسفن قد تعرقل تدخل البحرية الأميركية، حال نشوب نزاع على الجزيرة، إضافة إلى طائرات مسيرة قتالية تساعد الجيش الصيني على التعامل مع التضاريس الجبلية لتايوان.
ورغم أن الاستعراض العسكري يهدف إلى إبراز قوة الصين، فإنه يتزامن مع فترة تعيش فيها القيادة العسكرية ارتباكاً نتيجة حملة لمكافحة الفساد.
ويبدو أن ثلاثة من المقاعد السبعة في “اللجنة العسكرية المركزية”، المجلس التابع للحزب الشيوعي والمشرف على القوات المسلحة، شاغرة، بعد توقيف بعض الأعضاء أو اختفائهم، بحسب “نيويورك تايمز”.