وافقت بكين على تسريع إجراءات الموافقة على تراخيص تصدير المعادن النادرة لبعض الشركات الأوروبية، بعد أن تسببت القيود الصارمة التي فرضتها الصين على شحنات هذه المعادن الحيوية في إرباك سلاسل الإمداد العالمية، حسبما أفادت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، السبت.

وكان مسؤولون أوروبيون ومجموعات صناعية، قد اشتكوا من أن نظام التراخيص الجديد المتعلق بالمعادن النادرة والمغناطيسات المرتبطة بها، والذي فُرض عقب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في أبريل الماضي، قد يؤدي إلى إيقاف المصانع على نطاق واسع.

إلا أن وزارة التجارة الصينية أعلنت، في بيان، السبت، أن بكين “مستعدة لإنشاء مسار أخضر للطلبات المؤهلة بهدف تسريع الموافقة”.

ولم يتضمن البيان تفاصيل حول سرعة الإجراءات أو أسماء الشركات الأوروبية المشمولة. لكن مسؤولاً تنفيذياً أوروبياً مقيم في بكين، طلب من الصحيفة عدم كشف هويته، حذر من أن الشركات المصنعة قد تظل تواجه تأخيرات في استلام شحنات المعادن النادرة والمغناطيسات في المدى القريب إلى المتوسط، نظراً لـ”التراكم الهائل” في طلبات التراخيص.

وتسبب قرار الصين في أبريل، بشأن تعليق صادرات مجموعة واسعة من المعادن الأرضية النادرة والمغناطيسات ذات الصلة في اضطراب سلاسل التوريد الأساسية لشركات صناعة السيارات، وشركات قطاع الطيران والفضاء، وأشباه الموصلات، والمتعاقدين العسكريين في أنحاء العالم.

محادثات ثنائية

وجاء هذا الإعلان عقب اجتماع عُقد في باريس الأسبوع الماضي بين وزير التجارة الصيني وانج ون تاو، والمفوض الأوروبي لشؤون التجارة والأمن الاقتصادي ماروش شيفتشوفيتش. 

وكانت “فايننشال تايمز” قد أفادت، الخميس، بأن الشركات الأوروبية ضغطت على المسؤولين في بكين من أجل إنشاء مسار خاص لتسريع إصدار تراخيص التصدير للشركات “الموثوقة”. 

وكان شيفتشوفيتش قد قال، الأربعاء، إنه أثار مع نظيره الصيني مسألة تأخيرات تسليم المعادن النادرة، والتي تؤثر على خطوط الإنتاج في مجموعة واسعة من الصناعات.

وخلال محادثاته مع الوزير وانج ون تاو، اقترح شيفتشوفيتش رفع القيود عن المنتجات المخصصة للاستخدام المدني، أو – في حال تعذر ذلك – منح الشركات تراخيص استيراد سنوية. 

ودعا وانج الاتحاد الأوروبي، إلى “اتخاذ تدابير فعالة لتسهيل وضمان وتعزيز تجارة الممتثلة للأنظمة للمنتجات التكنولوجية المتقدمة مع الصين”.

ورحبت المفوضية الأوروبية في بيان بالإعلان الصيني، واصفةً تسوية هذه القضية بأنها “ذات أهمية استراتيجية للاتحاد الأوروبي بالنظر إلى الوضع المقلق الذي يواجهه القطاع الصناعي الأوروبي”. وأضافت أنها “ستتابع عن كثب كيفية تنفيذ هذه الإجراءات على أرض الواقع”، مؤكدة أن “المفوض والوزير سيظلان على تواصل”. 

وتابعت المفوضية: “كما قال المفوض شيفتشوفيتش في باريس، فإننا نسعى في نهاية المطاف إلى حل منهجي أكثر شمولاً يغطي فترة أطول أو إلى التمييز بين المنتجات المدنية وتلك ذات الاستخدام المزدوج”.

ملفات خلافية

وتُعد المعادن النادرة واحدة من عدة ملفات خلافية بين بروكسل وبكين. إذ يجري الجانبان أيضاً محادثات بشأن اعتراض الصين على الرسوم الجمركية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على السيارات الكهربائية الصينية، بالإضافة إلى الرسوم الصينية على الكونياك الفرنسي. 

وبحسب وزارة التجارة الصينية، فإن المناقشات حول أسعار السيارات الكهربائية الصينية المباعة في دول الاتحاد وصلت إلى “المرحلة النهائية”، إلا أن الأمر لا يزال يتطلب “مزيداً من الجهود من الطرفين”. ومن المقرر أن تعلن الصين نتيجة تحقيقها في واردات البراندي الأوروبي في 5 يوليو المقبل.  

وأدت تدابير مكافحة الإغراق الصينية التي طبقت رسوماً تصل إلى 39% على واردات البراندي من أوروبا، مع تحمل الكونياك الفرنسي العبء الأكبر، إلى توتر العلاقات بين باريس وبكين أيضاً.

وفرضت رسوم البراندي بعد أيام من اتخاذ الاتحاد الأوروبي إجراءات ضد واردات السيارات الكهربائية صينية الصنع، لحماية صناعته المحلية، مما دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى اتهام بكين “بالانتقام المحض”.

وسعت بكين إلى تحسين علاقاتها مع بروكسل منذ عودة الرئيس الأميركي ترمب إلى الحكم، إلا أن مسؤولين في الاتحاد الأوروبي، قالوا إنه، على الرغم من التصريحات الودية، فإن بكين لم تُبدِ تنازلات تُذكر بشأن الملفات الخلافية حتى الآن. 

وتزايد قلق بكين من أن أوروبا باتت تتبع القيود التي فرضتها الولايات المتحدة على بيع أشباه الموصلات ومعدات تصنيع الرقائق إلى الصين.

وكان ترمب قد أعلن، الجمعة، أن جولة جديدة رفيعة المستوى من المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين ستُعقد الاثنين المقبل في لندن، مما يمهّد الطريق لتخفيف التصعيد في الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. 

شاركها.