أعربت الصين، الاثنين، عن استيائها الشديد، ومعارضتها لما وصفته بأنه “حملة تشويه وافتراءات” تستهدف النظام القضائي في هونج كونج، في إشارة إلى الانتقادات التي وجهتها دول أخرى لحكم الإدانة الصادر بحق رجل الأعمال جيمي لاي على خلفية أنشطته المؤيدة للديمقراطية.
وقالت وزارة الخارجية الصينية، إنها تحض الدول المعنية على احترام سيادة الصين والنظام القانوني لهونج كونج، لكنها لم تذكر اسم أي دولة.
وذكر المتحدث باسم الوزارة، قوه جيا كون للصحافيين: “نحض الدول المعنية على… عدم الإدلاء بتصريحات غير مسؤولة بشأن محاكمة القضايا القضائية في هونج كونج، وعدم التدخل في القضاء، أو في الشؤون الداخلية للصين بأي شكل من الأشكال”.
وأدانت المحكمة العليا في هونج كونج رجل الأعمال والناشط المؤيد للديمقراطية جيمي لاي بتهمة “التآمر مع قوى أجنبية”، في أبرز محاكمة شهدتها المدينة حتى الآن بموجب قانون أمني فرضته الصين، والذي قد يؤدي إلى سجنه مدى الحياة.
واعتقل لاي عام 2020، بعد احتجاجات واسعة، وأغلقت السلطات صحيفته المؤيدة للديمقراطية “أبل ديلي”، التي كانت من أبرز الأصوات المنتقدة لبكين، وفق “أسوشيتد برس”.
ولاي، البالغ من العمر 78 عاماً، ناقد صريح للحزب الشيوعي الصيني الحاكم، واعتُقل في عام 2020 بموجب قانون الأمن القومي، وذلك عقب احتجاجات واسعة مناهضة للحكومة هزّت هونج كونج.
وشكّل اعتقاله وإغلاق صحيفة “أبل ديلي” التي أسسها، وهي صحيفة شعبية دعمت حركة الديمقراطية، “ضربة” لحرية التعبير في مدينة كانت تُعدّ معقلاً لحرية الصحافة في آسيا، وفق “أسوشيتد برس”.
ومنذ ديسمبر 2020، يقبع لاي رهن الاحتجاز، وقد حُكم عليه خلال هذه الفترة بالسجن خمس سنوات وتسعة أشهر في قضية احتيال لا تتعلق بقانون الأمن القومي.
من الصين إلى هونج كونج
ووُلد لاي في البرّ الرئيسي الصيني، وكان في الثانية عشرة من عمره عندما وصل إلى هونج كونج متسللاً على متن قارب صيد، أملاً في حياة أفضل في المستعمرة البريطانية آنذاك. وبدأ العمل طفلاً في مصنع قفازات، حيث تعرّف إلى صناعة الملابس، وأسس لاحقاً سلسلة الملابس الشهيرة جيوردانو عام 1981.
وشكل قمع الاحتجاجات الطلابية المطالِبة بالديمقراطية في ميدان تيانانمن عم 1989، بداية اهتمامه بالإعلام.
وأسس مجلة “نيكست” عام 1990، وبعد خمس سنوات أطلق صحيفة “أبل ديلي”. وجذبت الصحيفة جمهوراً واسعاً بتقاريرها المثيرة أحياناً، وتحقيقاتها الاستقصائية، ومقاطع الفيديو القصيرة المتحركة. وبسبب انتقادها العلني لحكومتي هونج كونج والصين، لاقت رواجاً كبيراً لدى القرّاء المؤيدين للديمقراطية.
وفي عام 1994، وجّه لاي إهانة لرئيس الوزراء الصيني آنذاك لي بينج، واصفاً إياه بعبارة مسيئة في الثقافة الصينية، بعد أن برر قمع تيانانمن. وعلى إثر ذلك، مارست الصين ضغوطاً على علامة جيوردانو، ما اضطر لاي إلى بيع حصته في الشركة.
ناشط مؤيد للديمقراطية
وقال صديقه القديم والناشط لي وينج-تات إن لاي كان مؤمناً إيماناً راسخاً بالديمقراطية والحرية، وبمبدأ “حكومة صغيرة وسوق كبير” الذي يدعو إلى الحد الأدنى من تدخل الدولة والتجارة الحرة.
وأضاف أن هذا التوجه تشكّل بفعل طفولته في الصين، حيث عانت عائلته تحت حكم الحزب الشيوعي، وبفعل رحلته من الفقر إلى الثراء في هونج كونج.
ونظم لاي في تسعينيات القرن الماضي لقاءات غير رسمية لنواب ديمقراطيين وأكاديميين لمناقشة السياسات، على أمل التأثير في صناع القرار، بحسب لي.
كما شارك في التظاهرات، بما فيها احتجاجات عام 2014 المعروفة بـ”حركة المظلات”، وقدّم تبرعات لأحزاب مؤيدة للديمقراطية، وكانت صحيفته تحث القرّاء مراراً على المشاركة في الاحتجاجات.
وكان لاي من بين المتظاهرين في احتجاجات 2019 المناهضة للحكومة، والتي لم يكن لها قيادة مركزية. كما التقى آنذاك نائب الرئيس الأميركي مايك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو لبحث التطورات المرتبطة بمشروع قانون، سُحب لاحقاً، أشعل الاضطرابات، ما أثار غضب بكين.
احتجاجات 2020
في عام 2020، ومع اقتراب فرض قانون الأمن القومي الصيني على هونج كونج، أطلقت “أبل ديلي” حملة تشجع القرّاء على مطالبة الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب بـ”إنقاذ هونج كونج”.
وخلال المحاكمة، قال مسؤولون تنفيذيون في الصحيفة إن لاي كان يؤثر في التغطية التحريرية، واتهمه الادعاء بأنه طلب من الموظفين عدم استهداف ترمب بالنقد، فيما شهد لاي لاحقاً بأنه كان يأمل أن يتمكن الرئيس الأميركي من وقف قانون الأمن القومي.
وبعد دخول القانون حيّز التنفيذ في يونيو 2020، قال لاي لوكالة “أسوشيتد برس”: “هونج كونج ماتت”.
وبعد أكثر من شهر، اعتُقل لاي بموجب القانون خلال مداهمة الشرطة لمبنى الصحيفة، في عملية أحدثت صدمة في الوسط الإعلامي المحلي. وفي عام 2021، أدت اعتقالات كبار التنفيذيين وتجميد بعض الأصول إلى توقف الصحيفة عن الصدور.
