الطاقة الشمسية بالملايين في اللاذقية
اللاذقية – ليندا علي
سخرت هنادي (48 عامًا)، الموظفة في القطاع العام، من فكرة الحصول على منظومة طاقة شمسية بملايين الليرات، في الوقت الذي تعجز فيه وزوجها عن تأمين الحد الأدنى من تكاليف الطعام لعائلتهما المكونة من ثلاثة أبناء أكبرهم عمره 16 عامًا.
وقالت السيدة التي تعيش في حي الدعتور إحدى المناطق العشوائية بمدينة اللاذقية، إن انتشار منظومة الطاقة المتجددة في المجتمع حكر على بعض أقارب المغتربين أو عوائل المتنفذين والتجار.
وترى هنادي في ألواح الطاقة سبيلًا جديدًا لتكريس الطبقية في المجتمع السوري، فمن يملك المال يستطيع الحصول على الطعام والكهرباء والترفيه، ومن لا يملك المال لا يحلم بالحصول على أكثر من الطعام.
يتجدد الحديث عن الطاقة الشمسية كمصدر للكهرباء في سوريا مع دخول فصل الصيف، نظرًا إلى الحاجة إليها في تشغيل مروحة أو ثلاجة صغيرة أو تأمين مياه باردة على الأقل، خاصة مع ازدياد ساعة تقنين التيار الكهربائي.
ولا يوجد توقيت ثابت للتقنين في سوريا، فقبل شهر كانت تصل الكهرباء بمقدار ساعة كل خمس ساعات قطع، ثم صارت تأتي نصف ساعة كل خمس ساعات ونصف قطع، وهي مدة لا تكفي لشحن بطارية أو تبريد مياه أو تسخينها.
قرض لا يغني عن الصيانة
عبد الله (39 عامًا)، موظف في أحد المعامل الخاصة بالمحافظة، قال إنه فكر بالحصول على قرض الطاقة الشمسية بسقف 35 مليون ليرة سورية، وحين سأل عن التفاصيل، اكتشف أنه سيدفع 300 ألف ليرة شهرية كقسط للقرض الذي تمنحه الحكومة دون فوائد، والقسط يعادل نصف راتبه تمامًا، فعدل عن الفكرة التي دغدغت أحلامه بالحصول على الكهرباء أخيرًا.
بدوره إياد (56 عامًا)، موظف حكومي، قال إنه غير مقتنع بالجدوى من الطاقة الشمسية، لذا حتى لو توفر له المال الكافي فإنه لن يقوم بتركيبها.
وأضاف أن التكلفة لا تشمل فقط أجور التركيب وشراء الألواح، إنما تشمل كذلك تبديل البطارية مرة كل عام أو عامين بمبلغ ليس بالهين ويتجاوز ملايين الليرات، متسائلًا هل سيحصل على قرض في كل مرة يحتاج إلى تركيب بطارية جديدة؟
واعتبر أنه يستطيع شراء مازوت بالسعر “الحر” ومولدة باستطاعة كبيرة مع كاتم صوت، لتشغيل الكهرباء في المنزل بمبلغ أقل بكثير من تكلفة الطاقة الشمسية.
وتابع أن السبب في إقبال البعض للحصول على الطاقة الشمسية سببه زيادة الحملات الإعلانية التي تقف خلفها الحكومة، نتيجة عجزها عن تأمين الكهرباء للناس، وبالتأكيد يستفيد منها “حوت واحد” على حد تعبيره.
المال يتحكم
تمنح حكومة النظام قرض الطاقة الشمسية دون فوائد بقيمة 35 مليون ليرة للطاقة المنزلية، وهو رقم يقترب من التكلفة الحقيقية إلى حد ما.
وبسؤال أحد مراكز المنظومات الشمسية في اللاذقية، قال أحد المهندسين فيه، إن تكلفة تركيب منظومة الطاقة الشمسية يتراوح بين 30 مليونًا و70 مليون ليرة، حسب الحاجة ورغبة المستهلك.
ولتشغيل ثلاجة وغسالة على البارد صباحًا مع مراوح وإنارة وشحن، يحتاج الشخص إلى طاقة شمسية بتكلفة نحو 30 مليون ليرة سورية، أما إن كان الهدف تشغيل المنزل كاملًا بما فيه المكيف صباحًا ومساء فإن التكلفة تصل إلى 70 مليون ليرة، وهي تكلفة متبدلة بحسب سعر صرف الليرة مقابل الدولار (الدولار 14850 ليرة).
وبالنسبة للبطاريات، فالمستهلك أمام خيارين، الأول بطاريتان أنبوبيتان تتحملان التشغيل بسعر 4.5 مليون ليرة للواحدة، ويجب تبديلهما مرة كل عامين بالحد الأعلى، أي أنه يلزم دفع تسعة ملايين ليرة كل سنتين.
والخيار الآخر، تركيب بطارية “ليثيوم” بسعر يتراوح بين 14 مليونًا و19 مليون ليرة، ويحتاج الشخص إلى تبديلها مرة كل 4 إلى 6 سنوات بحسب التشغيل والاستهلاك.
وبالتالي، فإن ذوي الدخل المحدود والموظفين لن يستطيعوا تحمل التكاليف العالية لاستمرار عمل الطاقة الشمسية في منازلهم، والذين حصل غالبيتهم عليها بقرض الـ35 مليون ليرة، فلا إمكانية مالية لهم لشراء البطاريات الأنبوبية أو “الليثيوم” لاحقًا.
وبحسب المحل، من المتوقع أن تزداد تكلفة تركيب منظومة الطاقة الشمسية، بعد قرار صدر مؤخرًا بفرض ضريبة بمقدار 25 دولارًا على كل لوح طاقة مستورد، والحد الأدنى من الألواح المطلوب تركيبها هو أربعة ألواح أي 100 دولار، سيتحملها المواطن وليس المستورد.
وترتبط العديد من الخدمات بالكهرباء، مثل الاتصالات التي تغيب مع انقطاع الكهرباء خصوصًا ليلًا، إضافة إلى تعطيل عمل بعض المؤسسات الحكومية بوقت التقنين، مع الصعوبات التي يواجهها الطلاب في الدراسة مساء.
ويبلغ الحد الأدنى للرواتب الحكومية في مناطق سيطرة النظام نحو 279 ألف ليرة، وارتفع متوسط تكاليف المعيشة لأسرة سورية مؤلفة من خمسة أفراد إلى نحو 12.5 مليون ليرة سورية شهريًا، بينما وصل الحد الأدنى إلى 7.8 مليون ليرة سورية.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي