أعدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، رأياً قانونياً سرياً، يبرر شن ضربات قاتلة ضد قائمة سرية وواسعة من العصابات وتجار المخدرات المشتبه بهم، وفق ما أفاد به أشخاص مطلعون على الأمر لشبكة CNN.
ويجادل الرأي القانوني، الذي أعده مكتب المستشار القانوني في وزارة العدل، ولم يُكشف عنه سابقاً، بأن الرئيس يمتلك صلاحية استخدام “القوة المميتة” ضد مجموعة واسعة من العصابات لأنها تمثل تهديداً وشيكاً للأميركيين.
وأوضح المطلعون على الرأي القانوني، أن قائمة العصابات تتجاوز تلك التي صنفتها إدارة ترمب علناً على أنها “منظمات إرهابية”.
ويكتسب هذا الرأي أهمية خاصة، لأنه يبدو أنه يبرر حرباً مفتوحة ضد قائمة سرية من الجماعات، مانحاً الرئيس سلطة تصنيف مهربي المخدرات بصفتهم “مقاتلين أعداء”، وإصدار أوامر بتصفيتهم فوراً من دون مراجعة قضائية.
ومن الناحية التاريخية، كان يُنظر إلى المتورطين في تجارة المخدرات بصفتهم مجرمين يتمتعون بحقوق التقاضي، وكانت خفر السواحل الأميركية تعترض سفن التهريب وتعتقل المهربين.
وقالت مصادر إن المذكرة التي وجهتها وزارة العدل الأميركية إلى المشرعين في الكونجرس، الأسبوع الماضي، والتي عرضت فيها الأساس القانوني لسلسلة من الضربات ضد قوارب في الكاريبي، استندت بشكل كبير إلى رأي مكتب المستشار القانوني للوزارة.
وجادلت المذكرة بأن الولايات المتحدة تخوض “نزاعاً مسلحاً” مع العصابات، وأشارت إلى أن الرئيس صنف مهربي العصابات على أنهم “مقاتلين غير شرعيين”.
وطلب المشرعون مراراً من وزارتي العدل والدفاع (الحرب)، نسخة من الرأي القانوني، وكان آخر هذه الطلبات، الأسبوع الماضي، غير أن الوزارتين لم تقدما الوثيقة إلى الكونجرس حتى الآن.
ومن المقرر أن تدلي وزيرة العدل، بام بوندي، بشهادتها أمام الكونجرس، الثلاثاء، إذ يُرجح أن تواجه أسئلة من المشرعين بشأن الأساس القانوني الذي تستند إليه إدارة ترمب في تنفيذ ضربات قاتلة ضد زوارق يُشتبه في تورطها بتهريب المخدرات وأفراد يُزعم انتماؤهم إلى العصابات في منطقة الكاريبي.
جدل بشأن قانونية الضربات الأميركية
ونفذ الجيش الأميركي حتى الآن، ما لا يقل عن أربع ضربات استهدفت زوارق تعمل في منطقة الكاريبي، أسفرت عن قتل أشخاص تقول إدارة ترمب إنهم على صلة بعصابات مخدرات صُنفت في الأشهر الأخيرة على أنها “منظمات إرهابية”.
ونُفذت أحدث هذه الضربات الأسبوع الماضي، وأسفرت عن قتل أربعة أشخاص كانوا على متن القارب، وفقاً لمنشور على وسائل التواصل الاجتماعي لوزير الحرب، بيت هيجسيث.
وقالت مصادر مطلعة، إن عدداً من المحامين العسكريين في البنتاجون، بينهم خبراء في القانون الدولي داخل مكتب المستشار العام لوزارة الدفاع، أعربوا عن مخاوف بشأن قانونية “الضربات المميتة” التي استهدفت مهربي مخدرات مشتبه بهم.
وقال عدد من المحامين العسكريين الحاليين والسابقين، المنتمين إلى سلك القضاء العسكري، إن هذه الضربات “لا تبدو قانونية”.
ولا يستطيع محامو البنتاجون، حتى في حال وجود اعتراضات لديهم، تجاوز رأي مكتب المستشار القانوني، وهو التفسير القانوني السائد للسلطة التنفيذية، كما أن كثيرين من محامي وزارة الدفاع مترددون في إبداء معارضة علنية.
وقالت سارة هاريسون، المستشارة القانونية السابقة في وزارة الحرب الأميركية (الدفاع سابقاً): “إذا كان رأي مكتب المستشار القانوني واسع النطاق كما يبدو، فإنه يعني أن وزارة العدل فسرت صلاحيات الرئيس على نحو يمنحه سلطات استثنائية تتيح له بمفرده خوض حرب أوسع بكثير مما أجازه الكونجرس بعد هجمات 11 سبتمبر”.
وأضافت: “هذا المنطق يعني أن أي مجموعة صغيرة كانت أو متوسطة أو كبيرة، تهرب المخدرات إلى الولايات المتحدة، يمكن للإدارة اعتبارها تشن هجوماً على البلاد والرد عليها بالقوة المميتة”.
صلاحيات استخباراتية
ويشكل رأي وزارة العدل، جزءاً محورياً من حملة الإدارة المتصاعدة ضد عصابات المخدرات في أميركا اللاتينية، والتي تشمل أيضاً توسيع صلاحيات وكالة الاستخبارات المركزية CIA لتنفيذ عمليات استهداف مميتة وشن أنشطة سرية في المنطقة.
وبحسب CNN، فإن ترمب أجرى تحديثات على صلاحيات وكالة الاستخبارات المركزية في الفترة نفسها التي وقع فيها توجيهاً سرياً يأمر الجيش ببدء تنفيذ ضربات ضد عصابات المخدرات في أميركا اللاتينية في وقت سابق من هذا الصيف.
وفي أبريل الماضي، أفادت CNN بأن وكالة الاستخبارات المركزية، بدأت مراجعة صلاحياتها لاستخدام القوة المميتة ضد عصابات المخدرات في المكسيك وخارجها، في إطار سعي إدارة ترمب إلى جعل مكافحة العصابات أولوية كبرى بالنسبة للوكالة.
وقال مسؤول استخباراتي رفيع سابق للشبكة، إن هناك توجيهاً رئاسياً، يُعرف باسم “فايندينج” finding، يجيز للوكالة تنفيذ عمليات سرية ضمن مهمة مكافحة المخدرات، يعود تاريخه إلى ثمانينات القرن الماضي.
وأضاف المسؤول، أن هذا التوجيه يُعتبر إلى حد كبير “مفتوحاً” من حيث تحديد نوع العمليات التي يمكن أن تنفذها الوكالة، مشيراً إلى أنه كان موضع نقاش واسع داخل الإدارة منذ بداية الولاية الثانية لترمب.
وأوضح أن الإدارة كانت تعمل على تحديث هذا التوجيه لتقديم إرشادات أوضح للوكالة، بشأن الخطوات المحددة التي يتعين عليها اتخاذها في المنطقة لدعم حملة ترمب ضد العصابات.
غير أن توسيع صلاحيات الوكالة ليشمل تنفيذ عمليات استهداف مميتة ضد عناصر العصابات، ينطوي أيضاً على مخاطر كبيرة، إذ يوجد في أميركا اللاتينية عدد أكبر نسبياً من المواطنين الأميركيين والمقيمين الدائمين (حاملي البطاقة الخضراء)، ممن قد يملكون الصفة القانونية لمقاضاة الحكومة الأميركية، حال تعرضهم للأذى، وهو ما وصفته الشبكة بأنه يمثل “تحدياً جديداً بالنسبة للوكالة”.