تشهد مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، موجات نزوح مستمرة، حيث يواجه أكثر من 36 ألف نازح أوضاعاً إنسانية صعبة، بسبب نقص الغذاء ومياه الشرب، إضافة لانعدام المأوى وغياب الخدمات الأساسية، وسط تحذيرات من “انهيار كامل” للوضع الإنساني.
وقال المتحدث باسم تنسيقية النازحين واللاجئين في دارفور آدم رجال لـ”الشرق”، إن منطقة طويلة الواقعة في شمال دارفور استقبلت نحو 700 طفل دون أسرهم، داعياً المنظمات الإنسانية إلى تكثيف جهودها لتقديم الدعم والإغاثة للمتضررين.
وأوضح أن النساء والأطفال وكبار السن من أكثر الفئات تضرراً، حيث تسجل حالات متزايدة من سوء التغذية بينهم، متهماً قوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات ضد النازحين قبل وصولهم إلى منطقة طويلة.
ودعا آدم رجال الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى التوصل لهدنة إنسانية وفتح ممرات آمنة لتقديم المساعدات للمدنيين.
وسقطت عاصمة ولاية شمال دارفور، التي كانت آخر معقل كبير للجيش السوداني في إقليم دارفور بغرب السودان، في يد قوات الدعم السريع الأحد، لينتهي حصار استمر 18 شهراً.
ورفضت قوات الدعم السريع اتهامات سابقة بارتكابها انتهاكات، ووجهت اتهامات مضادة للجيش السوداني.
قلق من تزايد موجات النزوح
في ما أعلنت شبكة أطباء السودان، وصول 642 نازحاً من مدينة الفاشر إلى منطقة الدبة بالولاية الشمالية، بعد “رحلة شاقة محفوفة بالمخاطر”، جراء الانتهاكات التي ترتكبها قوات الدعم السريع في الفاشر، حسب قولها.
وقالت في بيان إنها “تتابع بقلق بالغ تزايد حركة النزوح من المدينة”، مشيرة إلى أن “النازحين يعيشون أوضاعاً إنسانية قاسية، خاصة بين الأطفال والنساء وكبار السن”.
وأضاف البيان أن “الأسر الفارة من ويلات الحرب لجأت إلى الولاية الشمالية بحثاً عن الأمان، لكنها تواجه الآن تحديات معيشية خطيرة تفوق قدرة المجتمعات المستضيفة على الاستجابة”، وذلك وسط توقعات بتضاعف أعداد النازحين خلال الأيام المقبلة نتيجة استمرار تدهور الأوضاع في دارفور.
ودعت شبكة أطباء السودان، السلطات المحلية والمنظمات الإنسانية داخل السودان وخارجه إلى التحرك العاجل لتقديم المساعدات الطبية والغذائية والإيوائية، إضافة إلى الدعم النفسي والاجتماعي للنازحين، محذّرة من انهيار الوضع الإنساني بشكل كامل ما لم تُتخذ إجراءات سريعة.
فيما دعت منظمة أطباء بلا حدود قوات الدعم السريع إلى تجنيب المدنيين المخاطر، والأطراف الدولية إلى التحرك العاجل لوقف عمليات القتل.
إمدادات طبية طارئة
وأعلن المركز الإفريقي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، السبت، أنه سيرسل إمدادات طبية طارئة إلى السودان عقب الهجوم الذي شنته قوات الدعم السريع على مستشفى في الفاشر.
وأكد المركز في بيان أنه أرسل خبراء في مجال الرعاية الصحية الطارئة ومتخصصين في الفحوصات الطبية لتقييم الموقف ودعم الجهود الصحية، كما يعمل فريق لمكافحة الأوبئة يتبع المركز بشكل وثيق مع وزارة الصحة السودانية ومنظمة الصحة العالمية للتأكد من أعداد الضحايا ومراقبة خطر انتشار الأوبئة.
وحث المركز جميع الأطراف المتصارعة على حماية المعامل والمنشآت الصحية التي تتعامل مع مواد خطيرة للوقاية من أي أخطار صحية في ظل تعرض السودان لانتشار أمراض الكوليرا وحمى الدنج والحصبة والدفتيريا التي زادت خطورتها بفعل النزوح الجماعي وعدم حصول الناس على رعاية صحية كافية.
وكان وزير الإعلام السوداني خالد الأعيسر، قال الأربعاء، إن عدة آلاف من المدنيين سقطوا ضحايا لهجمات نفذتها قوات الدعم السريع هذا الأسبوع في مدينتي الفاشر وبارا الواقعة في ولاية شمال كردفان.
كان قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) أعلن “تشكيل لجنة تحقيق في تجاوزات حصلت في الفاشر”، بحسب تعبيره، متعهداً بمحاسبة “أي جندي أو ضابط ارتكب أي جرم أو تجاوز حدوده في الفاشر”.
وقال “حميدتي”، الأربعاء، إن معركة الفاشر فُرضت على قواته، ولم يكن أمامها خيار سوى القتال.
وأضاف، في كلمة مصورة، أن “تحرير الفاشر أصبح جزءا من معركة وحدة السودان سلماً أو حرباً”، معلناً تشكيل لجنة تحقيق في “تجاوزات” حدثت من جانب قواته في المدينة الواقعة بإقليم دارفور ومحاسبة أي جندي أو ضابط “ارتكب أي جرم أو تجاوز حدوده”.
واندلعت الحرب بين الجيش السوداني والدعم السريع في أبريل 2023، بسبب صراع على السلطة خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للتحول نحو حكم مدني، وأدى الصراع إلى نزوح ملايين السودانيين ومعاناة أكثر من نصف السكان من الجوع والأمراض.
