– رأس العين
في الوقت الذي اعتاد فيه سكان مدينتي تل أبيض ورأس العين، شمالي سوريا، انخفاض أسعار الفروج خلال فصل الصيف، شهدت الأسواق هذا العام ارتفاعًا ملحوظًا، ما زاد من أعباء الأهالي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
وتنخفض الأسعار عادة في هذا الوقت من السنة، بسبب ارتفاع درجات الحرارة وزيادة أعداد الفروج الداخلة للمنطقة خوفًا من نفوقها في تركيا، إلا أن سعر الكيلوغرام الواحد وصل إلى 35 ألف ليرة سورية (حوالي 3.2 دولار)، بعد أن كان 25 ألف ليرة (أقل من ثلاثة دولارات) قبل شهر.
ويعادل كل دولار أمريكي نحو 10900 ليرة سورية، ويبلغ مقابل العملة التركية 41 ليرة، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار العملات النقدية.
تعتبر العملة السورية الأكثر تداولًا في منطقة “نبع السلام” التي تضم مدينتي رأس العين وتل أبيض، إلى جانب الدولار، والليرة التركية، نظرًا إلى وقوع المنطقة تحت نفوذ تركي.
غلاء في موسم الانخفاض
اشتكى مصطفى مراد، وهو أب لأربعة أطفال من تل أبيض، من ارتفاع أسعار الفروج، إذ كان ينتظر حلول فصل الصيف لتراجع الأسعار كما جرت العادة، لكن الواقع جاء عكس توقعاته.
وأشار إلى أنه عادة ما ينتظر فصل الصيف وانخفاض أسعار الفروج، إلا أن السعر هذا العام بقي عند مستوى أسعار الشتاء، ما زاد من الأعباء على الأسر.
وذكر مصطفى أن غياب الرقابة على الأسواق وافتقاد الإجراءات اللازمة لمنع التلاعب بالأسعار أسهما في استمرار الغلاء، مؤكدًا أن هذا الوضع يزيد من معاناة الأهالي، ويجعل تأمين أبسط احتياجاتهم الغذائية تحديًا يوميًا.
لم تعد ملاك سلمو (44 عامًا)، من قرية لوذي شرقي رأس العين، قادرة على شراء الفروج لأطفالها الذين يطلبونه منها يوميًا.
قالت ملاك ل، إن سعر الفروج أصبح مقاربًا للحوم الحمراء، إذ انخفض سعر اللحوم الحمراء إلى نحو 55 ألف ليرة (حوالي 5.4 دولار)، والفرق بينهما لم يعد شاسعًا كما كان في السابق.
وأوضحت أنها بدأت بشراء نصف كيلو من لحم الخروف يكفي لتأمين وجبات الأطفال بدل الفروج، بهدف تخفيف الأعباء المالية على الأسرة.
وأشارت إلى أن استمرار ارتفاع أسعار الفروج رغم حلول الصيف وعدم انخفاضه كما هو معتاد يزيد من معاناة الأهالي، مطالبة بمحاسبة التجار وضبط الأسواق لضمان حماية القدرة الشرائية للمستهلكين.
وأدى ارتفاع أسعار الفروج إلى تغيّر عادات العائلات الغذائية، حيث قلّت وجبات الدجاج واستُبدلت بها الخضراوات والحبوب الأقل تكلفة.
ويُعدّ سعر الفروج مرتفعًا مقارنة بأجور العمال اليومية، التي انخفضت مع تراجع سعر الدولار إلى ما بين 50 ألفًا و60 ألف ليرة سورية (بين 4.5 و5.5 دولار تقريبًا)، وسط قلة فرص العمل واعتماد الأهالي على قطاعي الزراعة وتربية الماشية لتأمين احتياجاتهم.
احتكار التجار للسوق
يشكو أصحاب محال الفروج في تل أبيض من احتكار التجار للسوق، إذ إن هذا الاحتكار يجبرهم على شراء الفروج بأسعار مرتفعة، ويمنع أي منافسة حقيقية، بينما يضطر المستهلكون لدفع مبالغ أكبر لتأمين وجباتهم اليومية.
سمير الحموي، صاحب محل لبيع الفروج في تل أبيض، قال ل، إن ارتفاع الأسعار سببه سيطرة مجموعة من التجار الذين يجلبون الفروج من تركيا، ويتفقون فيما بينهم على تحديد الأسعار، ما يمنع وجود أي منافسة حقيقية في السوق.
وأوضح الحموي أن التجار يتلاعبون بالأسعار لفرض سيطرتهم، ما يخلق حالة من عدم الاستقرار ويجبر المستهلكين على دفع مبالغ أكبر مقابل الفروج، إذ إنهم مضطرون للتعامل معهم لأنهم المصدر الوحيد للفروج.
وأضاف أن الفروج الذي يصلهم غالبًا يكون “ضعيف الصحة” وغير مطابق للمواصفات المطلوبة، ما يزيد من معاناة الأهالي في تأمين وجباتهم اليومية، خصوصًا للأطفال.
وأشار إلى أن ارتفاع أسعار الأعلاف، إلى جانب غياب المداجن المحلية التي تكفي لتغطية احتياجات السوق، يفاقمان أزمة الفروج، ويجعلان التحكم بالأسعار بالكامل في يد مجموعة محدودة من التجار.
الحصار عامل آخر
من جانبه، مدير الرقابة والتموين في المجلس المحلي برأس العين، إبراهيم خزيم، أوضح ل أن ارتفاع أسعار الفروج مرتبط بعدة عوامل، أبرزها عدم قدرة المنطقة على استيراد الفروج من الداخل السوري بسبب حصار “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) المنطقة، ونقص المداجن المحلية، واعتماد السوق على الفروج المستورد من تركيا.
وأضاف أن المديرية تنفذ جولات دورية على الأسواق لمراقبة الأسعار وضمان التزام التجار بالتسعير العادل، لكنها تواجه صعوبات بسبب تقلبات أسعار الصرف.
وبيّن أن ضعف المنافسة في السوق يسمح للتجار بفرض الأسعار بشكل غير عادل، ما يزيد الأعباء على المستهلكين ويجعل الوضع أكثر هشاشة.
وأشار إلى أن المجلس المحلي يسعى لإدخال تجار جدد إلى السوق لخلق منافسة حقيقية، بما يسهم في ضبط الأسعار وتحسين توفر الفروج للمستهلكين ضمن الإمكانيات المتاحة.
تقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، وتسيطر عليهما الحكومة السورية، بينما تحيط بهما جبهات القتال مع “قسد”، إذ يعتبر منفذها الوحيد نحو الخارج هو تركيا.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي