“الفن في الجنة” متحف تايلندي للخيال والوهم والحب
تأسّس متحف “الفن في الجنة” في مدينة باتايا عام 2012، من قِبل الكوريين، وهو أوّل متحف للوحات ثلاثية الأبعاد في تايلندا، وأكبرها في العالم.
يعرض المتحف الفن التفاعلي بتقنية الديجيتال، التي تجعل الصور واقعية حيّة، حيث يمكن للزوّار لمس اللوحات بخلاف المتاحف الأخرى، والمشاركة التفاعلية في صنع اللوحة التي يريدونها، عبر تطبيق يتيحه المتحف لهم على هواتفهم ، ثمّ الوقوف على علامة التصوير المرسومة على الأرض.
هكذا يستطيع الزائر أن يسبح مع الدلافين المرسومة على الحائط، أو يغوص في البحر، ويصطاد السمك أو يأخذ صورة مع أبي الهول، ما يسهم في اختبار تجربة ممتعة وغريبة.
يضمّ المتحف أكثر من 150 لوحة مرسومة باليد، تعتمد على الخِدع البصرية، رُسمت يدوياً من قِبل فنانين كوريين، وفيه أقسام متنوّعة أبرزها منطقة الخيال، ومنطقة الحب، والفن الوهمي وغيرها.
وهناك منطقة تحت البحر، لاختبار تجربة الحياة البحرية وأعماق المحيطات، كذلك منطقة السفارين وفيها مشاهد من الحياة البرية للحيوانات والغابات، ومنطقة الفن الكلاسيكي، وتتيح للزوّار التفاعل مع أشهر اللوحات الكلاسيكية، مثل لوحات الفنان الهولندي فان جوخ.
كما يضم منطقة الحضارات، التي تذهب في رحلة عبر تاريخ الحضارات المختلفة، ومنطقة مصر واستكشاف الحضارة الفرعونية المصرية القديمة، والأهرامات والمعابد، ومنطقة الثقافة التايلاندية.
الفن التفاعلي ما بعد الحداثة
يسهم المتحف بجعل التقنية، موضوعاً شعبياً لفهم الفن والتفاعل معه عبر تطبيق إلكتروني، ويسمح بالتقاط الصور الفوتوجرافية، أو إنجاز فيديوات تفاعلية مع اللوحات.
يشجّع المتحف على فن ما بعد الحداثة، ويكسر النظم التقليدية للمتاحف الأخرى، التي توسّع المسافة بين الفن والجمهور. كما يسهم في جعل الذكريات واللحظات العاطفية فنية، بمعنى اندماجها في اللوحات، وفي طريقة حفظها لاحقاً كصور فوتوغرافية وفيديوات تعتمد على التكنولوجيا الحديثة.
كما يستخدم الإضاءة الخاصة وتقنيات الرسم ثلاثي الأبعاد، من أجل تجربة بصرية مذهلة، في تفاعل الزوّار مع الألوان والتقنيات الهندسية بطريقة جذابة.
عند استخدام تطبيق المتحف على الهاتف، تتحوّل بعض اللوحات إلى مشاهد مُتحركة. على سبيل المثال، يمكن رؤية الأهرامات وهي تُبنى أمام أعين الزوّار، أو مشاهد الآلهة وهي “تتحرك” في طقوسها، أو حفر الصخور أو إشعال النار.
اللافت هو قسم “الغرفة الحمراء” التي تعتمد فكرة الفراغ، واستثماره في التقنية، ليتمّ مونتاج الصورة مباشرة، فعندما يجلس الزائر على كرسي من دون قوائم ووراءه خلفية خشبية، يظهر وكأنه جالس على كرسي صحيح ذي قوائم، وهكذا فهو يتسلق الجدران بينما هو جالس لا يتحرك. كذلك يبدو نحيلاً أو بديناً، صغيراً أو ضخماً.
وبغية تعزيز دمج الواقع بالافتراضي، يستطيع الزائر أن يأخذ صورة تذكارية وهو جالس بشكل “حقيقي” مع بوذا أو غاندي، ما يذكّر بتجربة التصوير في الأهرامات المصرية، التي تُظهر الشخص وهو جالس عند أبو الهول، أو رافعاً صخرة مع فارق الأسلوب والتقنية.
تجارب تصوير
تُستخدم الإضاءة الخافتة والمؤثّرات الصوتية مثل أصوات الرياح في الصحراء، أو خرير المياه أو أصوات الطيور والمراكب لجذب أجواء حقيقية شبيهة للواقع.
لا يعرض متحف “الفن في الجنة” تجارب تصوير مدهشة فحسب، ولكنه يتيح للجمهور، الإبداع كلّ بحسب خياله. “التقاط الصور هنا ليس للذكريات فقط، بل هو إبداع فني أيضاً”.
إن كل وضعية تصوير، يمكن أن تخرج منها صورة تنبض بالحياة وتترك انطباعاً لا يُنسى. هذا هو المكان الذي يمكن أن تُحفظ فيه أجمل الذكريات. هكذا، أصبح الفن راهناً تشاركياً وليس نخبوياً.
المدير العام للمتحف الفنان الكوري أوه هيونغ كوان أوضح لـ”الشرق”، “أن المتحف الثلاثي الأبعاد هو الأول في تايلندا، وأكبر متحف من نوعه في العالم. جميع اللوحات مرسومة يدوياً بتقنية ثلاثية الأبعاد ولوحات أخرى بتقنية الواقع المعزّز”.
أضاف: “شاركتُ شخصياً برسم بعض اللوحات مع 15 فناناً من كوريا الجنوبية في صالات العرض ذاتها. استغرق العمل عليه نحو 7 أشهر، لإنجاز بعض اللوحات رسماً، و ثلاثة أشهر لتطبيق تقنية الواقع المعزز”.
ولفت إلى افتتاح فروع أخرى في فيتنام وماليزيا وأستراليا، تستهدف السوق المحلي والعالمي.
الحضارة الفرعونية
يعتبر قسم الحضارة الفرعونية المصرية في المتحف واحداً من أكثر الأقسام إبداعاً وجذباً، ويقدّم تجربة أعظم الحضارات في التاريخ، من خلال عرض لوحات مشهدية كبيرة جداً في فضاء واسع، وأعمال فنية ثلاثية الأبعاد مستوحاة من الفنون والآثار المصر القديمة، يسهم في معايشة الحضارة الفرعونية بطريقة تفاعلية، تجمع ما بين الفن والتكنولوجيا والتاريخ.
تتزيّن الجدران برسومات ونقوش هيروغليفية معقّدة، تمّ تصميمها بعناية لتبدو وكأنها منقوشة على حجر من تلك الحقبة الزمنية ، فضلاً عن محاكاة التصميم الداخلي لمعابد الفراعنة مثل معبد الكرنك وأبو سمبل.
تتضمن اللوحات ثلاثية الأبعاد مداخل ضخمة للأهرامات، ومشاهد تعكس الحياة اليومية في مصر القديمة. يمكن للزوار دخول الأهرامات عبر اللوحات؛ هناك تماثيل ضخمة لرمسيس الثاني وأبو الهول ذات تفاصيل دقيقة، تبدو وكأنها منحوتات حقيقية، ما يُتيح للزوّار التقاط صور بجانبها وكأنهم في موقع أثري حقيقي.