بعد خمس سنوات على إنشائها خلال الولاية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي أثار آنذاك سخرية واسعة بسبب شعارها المستوحى من مسلسل “ستار تريك” الشهير، وألهم مسلسلاً كوميدياً من إنتاج “نتفليكس” بطولة ستيف كاريل، لا تزال “قوة الفضاء” الأميركية تسعى إلى نيل الاحترام، وفق “بلومبرغ”.
وقال الجنرال مايكل جيتلاين، نائب قائد عمليات الفضاء في “قوة الفضاء” الأميركية، خلال مؤتمر عُقد في واشنطن في مارس الماضي: “كثير من الناس لا يدركون حتى أن قوة الفضاء موجودة فعلياً”، مضيفاً: “كان ذلك ترفاً نتمتع به عندما لم تكن الفضاء ساحة تنافس.. لكننا لم نعد نملك هذا الترف اليوم”.
وأشارت “بلومبرغ” إلى أن خصوم الولايات المتحدة يسابقون الزمن لتوسيع نفوذهم الاستراتيجي في الفضاء، بدءاً من عمليات “القتال بين الأقمار الاصطناعية” التي تجريها الصين، وصولاً إلى تطوير روسيا أسلحة نووية مضادة للأقمار الاصطناعية.
غير أن مؤيدي “قوة الفضاء” يرون أن أحدث وأصغر فروع القوات المسلحة الأميركية لم يحصل بعد على التمويل الكافي لمواجهة هذه التهديدات في عصر التسلّح الفضائي الجديد.
وبدا أن “قوة الفضاء”، التي يُنظر إليها على أنها “رودني دينجرفيلد” الجيش الأميركي، في إشارة إلى الممثل الكوميدي المعروف بعدم حصوله على التقدير، بدأت تحظى بلحظة تسليط الضوء الشهر الماضي، عندما أعلن ترمب، في 20 مايو، عن تعيين مايكل جيتلاين لقيادة مشروع “القبة الذهبية”، وهو درع دفاعي صاروخي مقترح يتمركز في الفضاء.
إيرادات متوقعة بالمليارات
ومن المتوقع أن يُدر هذا المشروع المعقد مليارات الدولارات على عمالقة الصناعات الدفاعية، والشركات الناشئة في مجال الفضاء، إذ أفاد مكتب الميزانية في الكونجرس بأن الولايات المتحدة قد تحتاج إلى إنفاق ما يصل إلى 542 مليار دولار على مدى 20 عاماً لتطوير وإطلاق شبكة من الصواريخ الاعتراضية المتمركزة في الفضاء.
وقال ترمب إن جيتلاين “رجل موهوب للغاية”، مشيراً إلى دوره في تأسيس “قوة الفضاء”، وأضاف أن هذا الفرع العسكري “أثبت أنه نجاح هائل”.
وأعرب بيتر هايز، المحاضر في معهد سياسات الفضاء بجامعة جورج واشنطن، عن اعتقاده بأن مشروع الدرع الصاروخي الذي يطرحه ترمب ربما يكون بوابة “قوة الفضاء” نحو دور أكثر أهمية، مشبهاً إياها بالدمية الخشبية “بينوكيو” التي تتوق لأن تتحوّل إلى “ولد حقيقي” وتتجاوز وضعها كقوة من الدرجة الثانية.
وأوضح هايز أن “القبة الذهبية” توفر “مهمة قتالية طبيعية، من شأنها أن تجعل قوة الفضاء كياناً حقيقياً”.
ولكن بعد أسبوع ونصف فقط من إعلان تعيين جيتلاين، كشفت الإدارة الأميركية عن مشروع موازنة الرئيس، التي اقترحت تخصيص نحو 26.3 مليار دولار لـ”قوة الفضاء”، مقارنة بـ29.6 مليار دولار كان قد طلبها الرئيس السابق جو بايدن العام الماضي.
وقد تتغير الأرقام والمخصصات المتعلقة بـ”قوة الفضاء” مع استمرار مراجعة مشروع الموازنة في الكونجرس، بحسب “بلومبرغ”.
تحذير من تقليص الموارد
وكان قائد “قوة الفضاء”، الجنرال تشانس سالتزمان، قال في 6 مايو الماضي، أمام إحدى لجان مجلس النواب إن الميزانيات المقيدة أعاقت قدرة القوة على أداء مهامها.
وأضاف: “رغم الارتفاع الهائل في التهديدات الفضائية والأهمية المتزايدة للفضاء خلال دورات الميزانية الأخيرة، فإن قوة الفضاء شهدت تقليصاً في الموارد”.
ومع احتدام معركة الميزانية، قد يجد سالتزمان حلفاء من الحزبين، إذ قال السيناتور المستقل أنجوس كينج، الذي يصوّت عادة مع الديمقراطيين، خلال جلسة استماع في 20 مايو، إن تمويل “قوة الفضاء” “غير كافٍ تماماً”.
أما النائب الجمهوري مايك روجرز، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، فعبر عن قلقه خلال جلسة استماع في 5 يونيو الجاري بشأن “قدرة الولايات المتحدة على القتال والانتصار في الفضاء”، لافتاً إلى أن الميزانية المقترحة “قد لا توفر التمويل الكافي لقوة الفضاء”.
وتشكل التوترات المتصاعدة مع الصين فرصة أخرى لزيادة التمويل. ففي مارس الماضي، وقبل التصديق على تعيينه وزيراً للقوات الجوية، وهي الوزارة التي تشمل “قوة الفضاء”، حذر تروي ماينك أعضاء مجلس الشيوخ من “التهديد السريع التطور الذي تشكله الصين”.
وقال ماينك إن “قوة الفضاء” قد تحتاج إلى “زيادة كبيرة في التمويل والموظفين”، لمواجهة هذا التحدي.
وفي 17 أبريل الماضي، نشرت “قوة الفضاء” تقريراً بعنوان: “القتال الفضائي: إطار للتخطيط”، شرحت فيه رؤيتها بوضوح، وقالت إن التقرير “يؤكد الأهمية الحاسمة للتفوق في الفضاء”.