“القرآن والشريعة”.. رؤية حول فشل الإسلام السياسي
أفضت ثورات الربيع العربي التي بدأت نهاية عام 2010 في تونس، وامتدت إلى مصر وليبيا واليمن وسوريا، لظهور دور أكبر لحركات الإسلام السياسي أو التيارات السياسية الدينية، سواء عبر تولي السلطة بشكل مباشر كما حصل في مصر عبر حركة “الإخوان المسلمين”، وكذلك في المغرب، أو لعبها دورًا مؤثرًا في الحياة السياسية كما في ليبيا وتونس.
فشلت الأحزاب السياسية التابعة لهذا التيار بالحفاظ على سلطة انتظرتها طويلًا، سواء بسبب سوء أدائها أو لما تقول إنها “حرب تعرضت لها من قبل الدولة العميقة”، كما أن الفوضى التي سادت المنطقة أدت إلى ظهور حركات راديكالية ومتطرفة، لعبت دورًا جليًا في المعارك العسكرية على الأرض، كما الحال في سوريا على سبيل المثال.
خلال أكثر من عقد من الزمن، أعادت الظروف السياسية وتحركات هذه التيارات، سياسيًا أم عسكريًا أو حتى على صعيد تصريحاتها في الإعلام، النقاش حول دورها في حياة المجتمع، وكذلك النظرة إلى الدين ودوره وجوهره، من قبل عدة مثقفين وباحثين.
من هؤلاء الكتّاب ظهر اسم الكاتب والباحث المصري علي مبروك، الذي أصدر في عام 2015 كتابه “القرآن والشريعة: صراعات المعنى وارتحالات الدلالة”، ثم أعيد إصداره في عام 2024 بنسخة إلكترونية جديدة.
يناقش مبروك، أستاذ الفلسفة الإسلامية في كلية الآداب بجامعة “القاهرة”، في كتابه أسباب فشل مشروع الإسلام السياسي في المنطقة، وارتباط هذا الفشل بالضرورة بعوامل ذاتية تتعلق بفشله بإعادة التفكير في أصول الإسلام الكبرى، فيما يرى أن المسلمين يحتاجون في حال أرادوا أن يكونوا فاعلين إلى إعادة التفكير في هذه الأصول، وهو ما يحاول فعله ضمن صفحات الكتاب.
يدعو مبروك في الكتاب لإعادة النظرة إلى العلاقة بين المسلمين والأصول، لا لإعادة التفكير والتفسير، بل للدور الذي يلعبه المفكرون والمفسرون لهذه الأصول، بما في ذلك الجوانب الفقهية، ضاربًا ومفسرًا أمثلة تاريخية من الفتن والمعارك التي وقعت بين الصحابة خلال الصراع بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، وكيفية تحويل القرآن من كتاب مقدس لدى المسلمين إلى سلطة تهدف للسيطرة، وبالتالي أصبح معنى القرآن في حياة المسلمين مختلفًا، من كتاب يوضح أساسيات الدين الإسلامي إلى أمر مختلف تمامًا.
ويمكن للمجتمع أن يتطور ويتجه بشكل مختلف، دون التخلي عن معتقداته الدينية في حال أراد أو سعى لإعادة قراءة هذه الأصول الدينية والتعامل معها بشكل مختلف، وبالتالي الوصول إلى نتائج مختلفة عن تلك التي توصل إليها عبر عقود طويلة من صراع العقائد المختلفة في المنطقة.
وسبق لمبروك، المولود في عام 1958، أن أصدر عددًا من الكتب والدراسات قبل وفاته في 2016، منها “النبوة.. من علم العقائد إلى فلسفة التاريخ”، و”لعبة الحداثة بين الجنرال والباشا”، و”الخطاب السياسي”، و”السلطة والمقدس.. جدل السياسي والثقافي في الإسلام”، و”تأسيس التقديس- الشافعي نموذجًا”، بالإضافة إلى نشره عددًا من المقالات الخاصة بالعلاقة بين الفرد والدين.
كما عمل نائبًا لمدير المعهد الدولي للدراسات القرآنية في العاصمة الإندونيسية، جاكرتا.
مرتبط
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
المصدر: عنب بلدي