يعتزم مسؤولون أميركيون تقديم خطة تشكيل القوة الدولية في غزة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، بعد أن أبدت دول مثل إندونيسيا وأذربيجان ومصر وتركيا استعدادها للمساهمة بقوات، حسبما نقل موقع “أكسيوس” عن 3 مصادر مطلعة.
وقال مسؤولون أميركيون إنهم أحرزوا تقدماً كبيراً في الأيام الأخيرة في صياغة قرار لمجلس الأمن الدولي لدعم القوة الدولية للاستقرار واستخدامه كولاية قانونية تسمح للدول بالمساهمة بقوات.
وأوضح مسؤول أميركي أن القيادة المركزية الأميركية تتولى إعداد خطة القوة، وتشمل إنشاء شرطة فلسطينية جديدة يتم تدريبها والتحقق منها بواسطة الولايات المتحدة ومصر والأردن، إلى جانب قوات من دول عربية وإسلامية.
ونقل الموقع عن المصادر قولها إن إندونيسيا وأذربيجان ومصر وتركيا من بين دول أبدت استعدادها للمساهمة بقوات، وأن بعض الدول الأخرى أعربت عن مخاوفها للولايات المتحدة نظراً للوضع الأمني الفوضوي في غزة.
وبموجب خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف إطلاق النار في القطاع، يُعد نشر قوة حفظ الاستقرار الدولية شرطاً لانسحاب إسرائيل من الأراضي التي ما زالت تسيطر عليها والتي تشكل نحو 50% من غزة، بحسب “أكسيوس”.
طبيعة القوة الدولية في غزة
وقالت مصادر مطلعة على العملية إن “القرار الأممي لن يحوّل القوة الدولية إلى قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة، وستتمكن الولايات المتحدة من الإشراف والمراقبة والتأثير على عملياتها”.
وأوضح مسؤول أميركي أن القوة الدولية ستنتشر أولاً في الجزء الجنوبي من غزة حيث لا تسيطر “حماس”، وذلك لإنشاء منطقة آمنة لإعادة الإعمار.
وقال مسؤول أميركي إن مصر وقطر وتركيا أبلغت الولايات المتحدة أن “حماس” قد توافق على نشر القوة الدولية للاستقرار، لافتاً إلى أن الوسطاء يعتقدون بناءً على المناقشات مع الحركة أنها ستوافق على مراقبة القوة للحدود، وربما تنفيذ مهام داخل غزة.
واعتبر المسؤول أن “القضية الأساسية هي أن حماس بحاجة لتصديق أن مقاتليها سيحصلون فعلاً على عفو إذا وافقت على المضي قدماً، بدلاً من مطاردتهم في اليوم التالي من قبل القوة الدولية أو أعدائهم الفلسطينيين”.
تشكك إسرائيلي
وأضافت المصادر أن “القرارات الرئيسية بشأن تشكيل القوة الدولية ستُتخذ في الأيام القليلة المقبلة، وتُعرض على إسرائيل والمشاركين المحتملين خلال الأسابيع القادمة”.
وقال مصدر مشارك في عمليات التخطيط: “إذا لم يكن لدينا أمن ونظام حكم موثوقان في غزة يوافق عليهما الإسرائيليون، فسنجد أنفسنا عالقين في وضع تواصل فيه إسرائيل شن هجمات”.
وذكر مسؤول إسرائيلي كبير أن الجانب الأميركي عرض أفكاره بشأن حجم القوات، قائلاً إن الإسرائيليين شددوا على أن الحجم أقل أهمية من شرعيتها لدى سكان غزة، ومدى استعداد القوة الدولية للقتال والقتل إذا لزم الأمر.
وأوضح مسؤول أميركي أن الإسرائيليين متوترون ومتشككون “لأنهم ليسوا في موقع السيطرة ولم يعد لديهم الأوراق”، على حد قوله.
وتابع المسؤول الأميركي: “قلنا لهم (للإسرائيليين): لنخلق الظروف المناسبة ونرى إن كانت حماس جادة أم لا”.
وقال إن “تركيا مستعدة للمشاركة، لكن إسرائيل تعارض أي وجود عسكري تركي في غزة. ومع ذلك، تريد الولايات المتحدة إشراك تركيا إلى جانب قطر ومصر لأنها تراها الأكثر قدرة على جعل حماس توافق”.
وأضاف المسؤول الأميركي: “كان الأتراك مفيدين جداً في إنجاز اتفاق غزة، وهجوم نتنياهو (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) على تركيا كان غير بنّاء للغاية”.
موافقة حماس
ولفت مصدر مشارك في خطط تشكيل القوة إن “الهدف الأساسي الآن هو الحصول على موافقة حماس على نشر القوة الدولية للاستقرار، بحسب مصدر مشارك بعمق في العملية”.
وأوضح: “إذا دخلت بيئة ترى فيها حماس أنك قوة احتلال، فسيكون الأمر صعباً. لكن إذا وافقت الحركة، فالوضع مختلف”. وواصل: “في مثل هذا السيناريو، لن تضطر القوة الدولية لخوض حرب ضد حماس، بل فقط فرض السلام ومحاربة العناصر التي تحاول التدخل”.
واعتبر مسؤولون أميركيون وإسرائيليون إن حماس تستخدم وقف إطلاق النار لإعادة تنظيم صفوفها واستعادة قبضتها على غزة، لكنهم أضافوا أن “الوضع الحالي على الأرض، في ظل إغلاق الحدود مع مصر وسيطرة إسرائيل على نصف القطاع يحد من قدرة حماس على إعادة التسلح والبناء”.
ونقل “أكسيوس” عن مسؤول أميركي كبير: “حماس لديها سقف منخفض جداً الآن”.
واعتبر المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون أن حماس في أضعف نقطة لها منذ نحو 20 عاماً وتحت ضغط شديد من الدول العربية والإسلامية للتخلي عن السلطة ونزع السلاح والتعاون مع خطة السلام التي طرحها ترمب.
لا فرصة ثانية
ويرى المسؤولون الأميركيون، بحسب الموقع، أن “القوة الدولية للاستقرار جزء أساسي من الحل — لكن ليس شيئاً يمكن التعجل فيه”.
وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى، لموقع “أكسيوس”، إنه “من الأفضل أن نتحرك ببطء، وننجز الأمر بشكل صحيح؛ لأننا لن نحصل على فرصة ثانية”.
وكانت القوة الدولية للاستقرار موضوعاً رئيسياً في الاجتماعات التي عقدها مبعوثو ترمب ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، ونائب الرئيس جي دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو خلال زياراتهم الأخيرة لإسرائيل، بحسب المصادر.
وأجرى كوشنر وويتكوف مشاورات موسعة قبل أسبوعين مع مجموعة من كبار الضباط العسكريين الإسرائيليين للحصول على آرائهم.
وقال أحد المسؤولين المشاركين إنهم يحاولون الاستفادة من إخفاقات جهود حفظ السلام السابقة في أماكن مثل لبنان وأفغانستان.
وأضاف مسؤول أميركي: “هناك اهتمام قوي من دول المنطقة بالمشاركة في القوة الدولية للاستقرار. لم يرفضها أحد والجميع ينتظرون التصميم النهائي”.
في المقابل، اعترف مصدر آخر مشارك في الخطط أن “معظم من يعرفون تاريخ هذا الصراع لا يمنحونه فرصة كبيرة للنجاح. عليك أن تكون مجنوناً حتى لا تكون متشككاً”، مستدركاً: “لكن في الوقت نفسه، لا أحد يريد أن يكون في الجانب الخطأ من ترمب”.
