“الكلاش الديري”.. قطعة مفقودة في موطن صناعتها
دير الزور- عبادة الشيخ
رغم الطلب على “الكلاش الديري” أو “الشاروخ ” كما يعرف محليًا، غاب الحذاء المرتبط بثقافة الأزياء في المنطقة عن محال الأحذية في ريف دير الزور، نظرًا إلى ارتفاع تكلفة المعابر والإتاوات المفروضة من قبل الحواجز العسكرية في مناطق سيطرة قوات النظام، التي ترفع بدورها تكلفة تصنيعه.
ورغم تطور صناعة الأحذية ودخول بضائع مستوردة بأشكال مختلفة وجديدة، مثل البضائع الإيرانية والصينية، لا يزال “الكلاش الديري” يحتفظ بأهميته لدى كبار السن في دير الزور وريفها.
يبلغ أحمد الجفال من العمر 55 عامًا، وهو من سكان بلدة درنج شرقي دير الزور، قال ل، إنه اعتاد شراء “الكلاش الديري” منذ عشرات السنوات مع بداية فصل الصيف، لكن هذا النوع من الأحذية صار نادر الوجود في المحال التجارية في المنطقة.
وأضاف أن الحذاء التقليدي في دير الزور كان سابقًا يتمتع بجودة عالية، ويحافظ على شكله مع مرور الوقت، إذ كان يُصنع من جلود البقر أو الماعز، لكنه صار اليوم، إن وجد، ذات جودة رديئة.
مهنة تراثية
قاسم الفهد، هو تاجر أحذية في ريف دير الزور الشرقي، قال ل، إن الأحذية المعروفة بـ”الكلاش الديري” لطالما كانت تصنع يدويًا من جلود المواشي، ويضاف إليها نعل فرنسي الصنع، يمتاز بمتانته.
وأضاف أن ارتفاع تكاليف الإنتاج أجبر الصانعين على استخدام مواد أقل جودة مما كانت عليه سابقًا، إذ صاروا يستخدمون النعل الجاهز المصنع محليًا، بالإضافة إلى “السيور” المصنوعة من مواد الجلد الصناعي رديء الجودة، ولا يقاوم الاستخدام المتكرر.
ورغم انخفاض جودته، حافظت أسعار “الكلاش الديري” على ارتفاعها، إذ يتراوح سعره اليوم بين 90 ألفًا و125 ألف ليرة سورية.
وفي حال توفر الأحذية المصنوعة من الجلود الطبيعية، قد يصل سعرها إلى 300 ألف ليرة سورية.
سامر الزغير، هو مالك لمحل خاص ببيع الأحذية في مدينة البصيرة شرقي دير الزور، قال ل، إن “الكلاش الديري” متوفر في بعض المحال التجارية، لكن ارتفاع تكاليف النقل من مناطق سيطرة النظام نحو تلك التي تسيطر عليها “الإدارة الذاتية” قلل من فرص توفره لدى بعض التجار.
وأضاف أن شراء 100 قطعة من إحدى الورشات في حي القصور أو الجورة بالجزء الذي يسيطر عليه النظام من دير الزور، قد يكلفه أكثر من 100 دولار أمريكي بين إتاوات للحواجز وأجور النقل بين مناطق السيطرة، ما يرفع من سعرها أمام الزبائن.
التاجر قال أيضًا، إن الطلب على “الكلاش الديري” يتركز في فصل الصيف، وأغلب زبائنه من كبار السن في المنطقة، إذ يعتبرون هذا النوع من الأحذية تقليدًا مكملًا للباس الصيفي التقليدي المعروف بـ”الكلابية”.
ووفق التجار الذين تحدثوا ل، يفضل الشبان واليافعون الأحذية الصينية والإيرانية ذات التصميم الجديد، التي تتراوح أسعارها بين 30 ألفًا و150 ألف ليرة سورية، ويبيع منها حوالي 50 إلى 100 زوج أسبوعيًا.
ويقتصر شراء “الكلاش الديري” على فئة الرجال وكبار السن من أبناء المنطقة.
تاريخ “الكلاش الديري”
وفق مقال نشره موقع “هنا دير الزور” المحلي، دخل “الكلاش الديري” إلى المحافظة عن طريق السيد عبد الله الصكعبي، قبل عشرات السنوات.
وكان يُصنع قديمًا من الجلد الطبيعي للبقر، إذ كان يعلّق الجلد ويُنشر حتى يجف، ثم يوضع فوقه اللبن والملح، ثم يُبرد ليصبح جاهزًا لعملية التصنيع.
ووفق الموقع المحلي، يُلصق “الكلاش” باستخدام مواد لاصقة خاصة، ثم يعمل الصانعون على خياطته بخيوط مصنوعة من أمعاء الحيوانات تسمى “السريدة”، ولا يدخل في صنعه أي معدن.
ويُلبس “الكلاش الديري” في فصل الصيف لحماية القدمين من حرارة الطرقات، ويشكل مع “الكلابية” زيًا تقليديًا لأهل المدينة والريف.
وأصبح “الكلاش الديري مدلولًا تراثيًا”، وفق الموقع المحلي، ونال شهرة في محافظات سورية أخرى مع مرور الوقت، ويُستعمل من قبل الذكور والإناث.
من أسمائه الشائعة: “أبو إصبع”، “الهجاني”، “الحجازي”، “المجذول”.
مرتبط
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
المصدر: عنب بلدي