– أمير حقوق

تشهد الساحة الدرامية السورية في السنوات الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في إنتاج الأعمال الكوميدية، وهو الأمر الذي أثار كثيرًا من التساؤلات حول أسباب هذا الانحدار وتأثيره على المشهد الفني السوري بشكل عام.

بينما كانت الدراما الكوميدية السورية في السابق، خاصة خلال فترات الثمانينيات والتسعينيات، حاضرة بقوة ومحققة نجاحًا جماهيريًا واسعًا، يشهد الواقع الحالي قلة الأعمال الكوميدية ذات الجودة والانتشار.

فقدت بريقها

خلال السنوات الماضية، شهدت المواسم الدرامية الرمضانية حضورًا خجولًا للأعمال الكوميدية، ورغم هذا الوجود القليل، فإنها لا تلقى إعجاب المشاهدين، معتبرين أنها محاولات غير ناجحة لتقديم هذا النوع الفني حاليًا.

الناقد الفني جوان ملا، قال ل، إن الدراما الكوميدية السورية ضعيفة جدًا، خاصة في الفترة الأخيرة، وأغلبية النصوص المقدّمة ليست قوية كوميديًا ولا تقدم طرحًا مهمًا ولا ثقلًا، لذلك الدراما الكوميدية تواجه تهديدًا مباشرًا بالحضور.

فقدت الدراما الكوميدية بريقها بسبب غياب النصوص بالدرجة الأولى، وهناك قلة بعدد كتّاب الدراما الكوميدية، وبالتالي بعض الأعمال المقدّمة تكون كمحاولة تقليد أو تهجين، وهذا ما أدى إلى تراجع الكوميديا في الدراما السورية، بحسب الناقد ملا.

بين الماضي والحاضر

تعتبر الأعمال الكوميدية السورية القديمة من أبرز الإنتاجات الفنية التي تركت بصمة في ذاكرة الجمهور السوري والعربي، والتي أبدعت فيها مجموعة من الفنانين والكتّاب، حيث تميزت بأسلوبها الفكاهي وسلاستها في المعالجة.

واستطاعت مزج الكوميديا بالعمل الاجتماعي والسياسي، مع الحفاظ على مستوى فني راقٍ، وما زالت حاضرة حتى يومنا هذا على تلفاز الأسرة.

وفي هذا السياق، اعتبر الناقد جوان ملا، أن الاختلاف بين جودة الأعمال الكوميدية الماضية والتي تقدم حاليًا يعود لعدة فوارق، أهمها العفوية بأداء الممثلين، وشفافية الطرح، والإسقاطات السياسية الثقيلة وغيرها على الأعمال الكوميدية، وتجسيد الواقع وطرح قضايا من صلبه، هذه الفوارق سجلت غيابها في الأعمال المقدّمة بالفترة الأخيرة.

وأيضًا كانت الأعمال الكوميدية السابقة تطرح قضية وضحكة بآن واحد، أما حاليًا فيقدم عمل بقضية مهمة دون تلك الضحكة المرافقة، أو “ابتذال وإسفاف بكثرة”.

 

 الأعمال الكوميدية السابقة كانت تطرح قضية وضحكة بآن واحد، أما حاليًا فيقدم عمل بقضية مهمة، دون تلك الضحكة المرافقة، أو ابتذال وإسفاف بكثرة.

جوان ملا

ناقد فني

 

الظهور بعيدًا عن الأداء

مهتمون بالمجال الدرامي، أرجعوا تراجع الحضور الكوميدي المتميز لقلة الفنانين الكوميديين، الذين لا يستطيعون أن يعيدوا للأعمال الكوميدية بريقها، فضلًا عن غياب الأسماء التي كانت تتصدر المشهد وتؤسس لنجاح الأعمال الكوميدية في السابق.

وهنا يرى الناقد جوان ملا، أن الفنانين باتوا يعتمدون على كيفية الظهور أكثر من كيفية الأداء الكوميدي، و”السوشيال ميديا” لعبت دورًا أساسيّا بتغيير معايير الطرح، إذ بدأ الفنانون يهتمون بطبيعة عرض النص على منصات التواصل الاجتماعي، بطريقة أكبر من اهتمامهم بأداء أدوارهم.

نصوص ثقيلة وجريئة

تتفاوت المطالب المتعلقة بعودة حضور الدراما الكوميدية السورية كسابق عهدها، حسب أولوية اهتمام صنّاع الكوميديا ومنتجيها.

الناقد جوان ملا، أوضح أن الدراما الكوميدية تتطلب نصوصًا كوميدية ثقيلة الطرح، وأن تحوي أفكارًا مهمة وأن تكون النصوص جيدة، ومتنوعة، ومختلفة وجريئة، وتحوي إسقاطات، وأن تكون عفوية، إضافة إلى نجوم يدركون أداء العمل الكوميدي، وهذا العمل ليس سهلًا، لأن الأداء الكوميدي ملعب ينفرد بنفسه جانبًا.

ويعتقد أنه يجب الابتعاد عن وصمة الفنان الكوميدي، فمثلًا كل من شكران مرتجى وأيمن رضا حاولا لسنوات طويلة أن يقدما أعمالًا غير كوميدية ليثبتا أنهما خارج الكوميديا، وليقدما أدوارًا متنوعة، ورغم ذلك، تلازمهما صفة “الفنان الكوميدي” حتى اليوم، لذلك الفنان يخاطر عندما يدخل عملًا كوميديًا خشية أن ينحصر بالأداء الكوميدي فقط.

 

الدراما الكوميدية تتطلب نصوصًا كوميدية ثقيلة الطرح، وأن تحوي أفكارًا مهمة وأن تكون النصوص جيدة، ومتنوعة، ومختلفة وجريئة، وتحوي إسقاطات، وأن تكون عفوية، إضافة إلى نجوم يدركون أداء العمل الكوميدي.

جوان ملا

ناقد فني

 

لا شك أن الدراما الكوميدية السورية تمتلك إرثًا غنيًا وتاريخًا حافلًا، ويظل الأمل معلقًا على عودة هذا النوع الفني إلى سابق عهده، ليعبّر عن هموم المجتمع بطريقة فكاهية وهادفة تليق بتاريخ سوريا الفني وإمكاناتها الكبيرة.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.