دخل متمردو حركة “23 مارس”، المدعومة من رواندا، بلدة أوفيرا، شرقي الكونغو الديمقراطية، قرب حدود بوروندي، ما يعد أكبر تصعيد منذ أشهر خلال الحرب، وذلك بعد أقل من أسبوع على لقاء زعيمي رواندا والكونغو الديمقراطية مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب وتأكيد التزامهما باتفاق سلام.
وتُعد أوفيرا، الواقعة على ضفاف بحيرة تنجانيقا، مقراً للحكومة التي عينتها الكونغو الديمقراطية في إقليم “ساوث كيفو” وقاعدتها العسكرية، وذلك منذ سقوط بوكافو عاصمة الإقليم في يد الحركة، فبراير الماضي.
وقد تمكّن السيطرة على أوفيرا المتمردين من التقدم إلى ما وراء إقليم ساوث كيفو.
ولم يتضح حتى ظهر الأربعاء ما إذا كانت حركة 23 مارس تسيطر سيطرة كاملة على مدينة أوفيرا، التي أفاد السكان فيها بسماع دوي إطلاق نار. وصرح مصدر حكومي في الكونغو لوكالة “رويترز” بأن الجيش لن يتدخل حرصاً على سلامة المدنيين.
وقال لورانس كانيوكا، المتحدث باسم ائتلاف يضم حركة 23 مارس، على منصة إكس “تحررت مدينة أوفيرا الآن”.
لكن وزير خارجية بوروندي، إدوارد بيزيمانا، قال لرويترز إن أوفيرا “لم تسقط بعد”.
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 200 ألف شخص فروا من منازلهم في الأيام القليلة الماضية، وسقط عشرات المدنيين.
جهود الوساطة
ويأتي هذا التقدم الكبير لحركة 23 مارس عبر المنطقة الغنية بالمعادن، بعد أقل من أسبوع من لقاء رئيس الكونغو فيليكس تشيسكيدي ونظيره الرواندي بول كاجامي مع الرئيس دونالد ترمب في واشنطن، وتأكيد التزامهما باتفاق سلام توسطت فيه الولايات المتحدة.
ومنذ ذلك الحين، تتبادل الكونغو ورواندا الاتهامات بانتهاك ذلك الاتفاق.
وحث وزير خارجية الكونغو واشنطن على توسيع نطاق العقوبات على رواندا بهدف “استعادة مصداقية” جهود الوساطة التي تبذلها. وتنفي رواندا دعمها لحركة 23 مارس، وتتهم قوات الكونغو وبوروندي بأنها السبب في تجدد القتال.
مخاوف من عنف إقليمي
وشنت حركة 23 مارس تقدماً خاطفاً في شرق الكونغو، يناير الماضي، واستولت على مساحة أكبر من أي وقت مضى، بما في ذلك جوما وبوكافو، أكبر مدينتين في المنطقة.
ومنذ ذلك الحين، شدد المتمردون قبضتهم على السلطة في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، لكنهم لم يحققوا أي تقدم كبير في أثناء مشاركتهم في محادثات سلام بقيادة قطر في الدوحة.
وأفادت وكالة “رويترز”، الاثنين، بأن حركة 23 مارس سيطرت على لوفونجي، وهي بلدة كانت تشكل خط المواجهة منذ فبراير، وأن قتالاً عنيفاً يدور بالقرب من سانجي وكيليبا، وهما قريتان تقعان على الطريق المؤدي إلى أوفيرا من الشمال.
وعبرت الولايات المتحدة و9 أعضاء آخرين في مجموعة الاتصال الدولية للبحيرات العظمى، الثلاثاء، عن “القلق العميق” إزاء الاشتباكات المتجددة في ساوث كيفو، محذرين من أن العنف قد يزعزع استقرار المنطقة على النطاق الأوسع.
وفي مقابلة مع “رويترز”، في وقت متأخر الثلاثاء، قالت وزيرة خارجية الكونغو، تيريز كاييكوامبا فاجنر، إن على واشنطن تشديد العقوبات على رواندا، بحيث تستهدف “الأفراد في سلسلة القيادة” والمؤسسات مثل الجيش الرواندي للحد من قدرتها على شراء الأسلحة.
وأضافت: “يتعين على واشنطن استعادة مصداقية إجراءاتها من خلال المساءلة. لا يكفي الإدانة، ولا يكفي (إبداء) الاهتمام أو (الشعور) بالقلق”.
رواندا تدافع عن موقفها
تقول رواندا إن قواتها موجودة في شرق الكونغو من أجل “إجراءات دفاعية”، على الرغم من أن واشنطن والأمم المتحدة تقولان إن الأدلة على دعم رواندا للمتمردين واضحة.
وقال وزير خارجية رواندا، أوليفييه ندوهونجيريه، الأربعاء، إن فرض المزيد من العقوبات لن ينهي القتال، وألقى باللوم على كينشاسا في عدم تنفيذ اتفاقيات السلام أو الالتزام بوقف الغارات الجوية.
وأضاف أن قوات الكونغو كانت تهاجم مواقع المتمردين والمجتمعات المحلية في إقليم ساوث كيفو على مدى “أسابيع وأشهر” قبل التصعيد في الآونة الأخيرة.
وقالت وزارة الخارجية الرواندية “لم يطالب المجتمع الدولي بإنهاء هذه الهجمات التي أعدتها جمهورية الكونغو الديمقراطية لأشهر، وحرضت عليها في الأسبوع الماضي”، مضيفة أن بوروندي كانت تساعد قوات الكونغو في قصف المدن القريبة من حدودها.
وتابعت “حشد جيش بوروندي ما يقرب من 20 ألف جندي في ساوث كيفو لخدمة حكومة الكونغو الديمقراطية”.
ولم ترد بوروندي على بيان رواندا على الفور.
