وقعت جمهورية الكونغو الديمقراطية و”حركة 23 مارس” M23 المتمردة، السبت، على “إعلان مبادئ” تمهيداً للتوصل إلى حل سلمي للنزاع الممتد في المنطقة منذ عقود، في مراسم أعقبت جهود الوساطة القطرية التي استمرت لأشهر بعد بدء المحادثات في أبريل الماضي.

وجرت مراسم التوقيع بحضور ممثلين رسميين عن الطرفين، إلى جانب وفد قطري رفيع المستوى.

ووفقاً للإعلان من المقرر أن تبدأ مفاوضات اتفاق السلام في موعد أقصاه الثامن من أغسطس المقبل، ما يمنح الطرفين أقل من أسبوعين لإتمام الاتفاق إذا التزما بالموعد النهائي الجديد المحدد في 18 أغسطس.

وتعد هذه الخطوة تطوراً مهماً ضمن المساعي الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار في إقليم شرق الكونغو.

وتسيطر “حركة 23 مارس” على مساحة أراض أكبر من أي وقت مضى في شرق الكونغو بعد أن حققت تقدماً خاطفاً في وقت سابق من العام الجاري.

وقال مسعد بولس كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترمب للشؤون الإفريقية لوكالة “رويترز”، بعد مراسم التوقيع في الدوحة: “نحن واثقون ومتفائلون”.

 اتفاق نهائي وشامل

وشمل إعلان المبادئ التزامات متبادلة بين الجانبين، إضافة إلى إطار عام يمهّد لانطلاق مفاوضات بناءة تهدف إلى التوصل إلى اتفاق سلام شامل، بحسب بيان لوزارة الخارجية القطرية.

ومن المقرر أن تُستكمل المباحثات خلال المرحلة المقبلة، وبمشاركة فاعلة من الأطراف الإقليمية والدولية، بهدف الوصول إلى اتفاق نهائي وشامل يُكرس الأمن والاستقرار في المنطقة.

وأشار وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي، إلى التزام قطر بدعم مسارات الحل السياسي بالتنسيق مع الاتحاد الإفريقي، وبما يكمّل التقدم المحرز بتوقيع اتفاق السلام بين حكومتي الكونغو الديمقراطية ورواندا في واشنطن بتاريخ 27 يونيو الماضي.

ومارست الولايات المتحدة ضغوطاً لإبرام اتفاق سلام يمكنه الصمود في الدولة المضطربة الواقعة في وسط إفريقيا.

وأعرب الرئيس الأميركي، عن أمله بأن يجذب ذلك استثمارات غربية إلى منطقة غنية بمعادن منها التنتالوم والذهب والكوبالت والنحاس والليثيوم وغيرها.

ووقع وزيرا خارجية رواندا والكونغو اتفاق سلام الشهر الماضي، واجتمعا مع الرئيس ترمب في البيت الأبيض.

ودعا ترمب آنذاك الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي ونظيره الرواندي بول كاجامي إلى واشنطن لتوقيع حزمة من الاتفاقيات، من المحتمل أن تشمل صفقات اقتصادية.

وسيطرت “حركة 23 مارس”، في أحدث سلسلة من الاضطرابات التي دعمتها رواندا، على جوما كبرى مدن شرق الكونغو في يناير، واستمرت في تحقيق مكاسب بإقليمي شمال كيفو وجنوب كيفو.

وتنفي رواندا مزاعم بمساعدة “حركة 23 مارس”، التي سيطرت على مساحات من الأراضي في الكونغو تفوق أي مساحة سبق لها السيطرة عليها.

وأسفر القتال عن سقوط الآلاف وتشريد مئات الآلاف هذا العام، مع تصاعد خطر اندلاع حرب إقليمية شاملة. ونشر عدد من جيران الكونغو قواتهم بالفعل في شرق الكونغو عندما بدأ تقدم “حركة 23 مارس”.

وجاء إعلان السبت بعد عقد اجتماع مفاجئ بين الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي ونظيره الرواندي بول كاجامي، بوساطة الدوحة، داعياً خلاله إلى وقف إطلاق نار “فوري وغير مشروط”.

ورفضت الكونغو في السابق فكرة إجراء محادثات مع الحركة، واصفة إياها بـ”الجماعة الإرهابية”.

وفي حين أنكرت رواندا دعمها لـ”حركة 23 مارس”، قالت إن قواتها تصرفت دفاعاً عن النفس ضد جيش الكونغو ومسلحين من عرقية الهوتو على صلة بالإبادة الجماعية التي حدثت في رواندا عام 1994.

نقاط خلاف

وعبّرت مصادر في كلا الوفدين عن إحباطها من وتيرة المفاوضات وعدم إحراز تقدم في إجراءات بناء الثقة، بما في ذلك إطلاق سراح أعضاء الحركة المحتجزين لدى الكونغو، وإعادة فتح البنوك في الأراضي التي يسيطر عليها المتمردون.

ولا يحل إعلان المبادئ هذه القضايا، بل يلزم الطرفين “بتهيئة الظروف اللازمة” لتحقيق ذلك في نهاية المطاف.

ولا يتناول الإعلان مسائل أكبر تتعلق باحتمال انسحاب القوات الرواندية و”حركة 23 مارس” من شرق الكونغو.

وينص على أن الكونغو و”حركة 23 مارس”، متفقتان على ضرورة استعادة سلطة الدولة “على جميع الأراضي الوطنية” في إطار “اتفاق سلام نهائي”، لكنه لا يقدم تفاصيل.

ومع ذلك، قال المتحدث باسم حكومة الكونغو باتريك مويايا على منصة “إكس”، السبت، إن الإعلان “يأخذ في الاعتبار الخطوط الحمراء التي دافعنا عنها دوماً، بما في ذلك الانسحاب غير القابل للتفاوض” لـ”حركة 23 مارس”.

شاركها.