اللواء الدكتور محسن الفحام يكتب: عندما تكون الرؤية ثاقبة

الجمعة 21 مارس 2025 | 08:17 مساءً
اللواء الدكتور محسن الفحام
دائماً ما أكون حريص على متابعة كلمات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى خاصة خلال هذه الأيام والتى يموج فيها العالم بالصراعات والتخوفات من السياسة الأمريكية الجديدة تجاه دول العالم المختلفة بصفة عامة ومنطقة الشرق الأوسط بصفة خاصة والتى تشهد اعتداءات مستمرة ومدمرة إسرائيلية على الشعب الفلسطينى الأعزل في اختراق واضح لاتفاقية وقف إطلاق النار والاستعداد للمرحلة الثانية من مراحل الهدنة وتبادل الأسرى بين الجانب الإسرائيلى وبين حركة حماس.
وعلى الرغم من تلك الهموم التي تقع على كاهل الدولة المصرية وزعيمها الذى يتحمل العبء الأكبر من القضية الفلسطينية وتصديه الحازم لفكرة تهجير الفلسطينيين الى خارج القطاع إلا أن الجانب الأبرز والأهم من لقاءات الرئيس الأخيرة جاءت لتؤكد على ثوابت ورسائل مهمة للشعب المصرى الذى يحظى حالياً بقدر كبير من الأمن والسلام وسط النيران المتأججة التي تحيط بنا من جميع الاتجاهات، ففي زيارة سيادته للأكاديمية العسكرية أكد أن المرحلة تتطلب الوعى والإدراك الصحيح بكافة القضايا والموضوعات التى تطرأ على الساحة بما يعزز ركائز الأمن القومى المصرى وأن مصر تتعامل مع كل القضايا والتحديات بحسابات دقيقة جداً وتريث وصبر كبير مشدداً على أهمية تماسك الشعب المصرى مطالباً بضرورة أن نكون على قلب رجل واحد حتى نستطيع تجاوز أى تحديات مؤكداً على ضرورة الاهتمام بالعلوم المتخصصة حتى نستطيع أن يكون لدينا شخصيات علمية متكاملة قادرة على أن تدير أمور عملها بشكل علما واحترافى.
وفى لقاء سيادته بطلبة أكاديمية الشرطة أكد إنه على الرغم من التهديدات والتحديات المتزايدة فإنه لا يمكن لأحد المساس بأمن مصر وذلك رغم الصراعات والحروب والأزمات في الكثير من دول المنطقة علاوة على إستمرار خطر الإرهاب والتنظيمات الإرهابية وتزايد التدخلات الخارجية في شئون دول المنطقة التى تذكى الصراعات والحروب….إلا أن الجبهة الداخلية المصرية وصلابتها وتماسكها ساهمت فى مواجهة أى تهديدات تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار البلاد عبر الشائعات الهدامة والأكاذيب حيث أدرك الشعب المصرى حجم التحديات والمؤامرات التى تحيط بمصر وتستهدف كسرها.
ثم جاء لقاء سيادته فى إحتفالية الإفطار السنوي للقوات المسلحة ليشدد ويؤكد على دور الإعلام في ترسيخ القيم والأخلاق ونشر الوعى بصحيح الدين داخل الأسرة المصرية حيث أكد سيادته على أهمية وحيوية “وعى المصريين” وضرورة أن يكونوا على دراية كاملة بكل قضايا وطنهم وجهود الدولة لحل المشكلات ومواجهة التحديات التى تتعرض لها الأسر المصرية حالياً من محاولات إثارة وتشكيك وتفكيك لأواصرها …كما تحدث عن مفهوم “الإعلام الإيجابى” الذى يجب أن تتحلى به جميع أجهزة الدولة التى تتعامل مع هذا الملف من أجل بناء مواطن مصرى متمسك بثوابت ومبادئ المجتمع من خلال الإنتاج الدرامى المصرى الذى يناقش قضايا المجتمع الحقيقية التى تهم المواطن والبعد عن أعمال الغث والهزل فقط أو الإعلام الذى لا يبنى أمة ولكن لابد من البحث عن الصالح الذى يؤثر بشكل إيجابي على المواطن نفسه والذى يسعى الى تكوين أسرة سليمة متماسكة يخرج منها أجيالاً يعتمد عليها ومجتمعاً يتحلى بأعلى قدر من الوعى والإيجابية.
وهنا أعود إلى عنوان المقال وهو “عندما تكون الرؤية ثاقبة” ونتساءل عن مقصدى له، هناك دور رئيسى وحيوى تقوم به مصر حالياً تجاه القضية الفلسطينية ومسألة تهجير الشعب الفلسطيني الى خارج أرضه كرهاً أو طوعًا ومن اليوم الأول تصدت مصر لتلك المؤامرة التى أعقبتها تصريحات مباشرة وواضحة من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب …وعلى الرغم من نجاح المساعى المصرية فى نزع فتيل القتال بين إسرائيل وحماس على إعتبار أن حماس تقاتل إلا أن إسرائيل عاودت إعتداءها مرة أخرى على قطاع غزة منذ عدة أيام مما ترتب عليه إستشهاد مئات الضحايا معظمهم من الأطفال حيث بررت إسرائيل ذلك أن حماس لم تف بوعدها تجاه تسليم الرهائن الموجودين لديها وهى ذريعة واهية تخترعها إسرائيل وسوف تخترع غيرها وغيرها إلى أن تحقق هدفها فى تصفية القضية الفلسطينية وتهجير شعبها… وللأسف فإن حماس تساعدها فى ذلك سواء كان ذلك عن قصد أو بدون قصد ومن المؤكد أن السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى لديه الرؤية الثاقبة تجاه ما يحدث من خلال معلومات مؤكدة وخبرة واسعة فى التعامل مع الجانبين بل إنه يدرك إنه من المحتمل أن تتراجع بعض دول المنطقة عن تأييدها المطلق للشعب الفلسطيني نتيجة ما تقوم به حركة حماس من تصرفات ومواقف لا تخدم على الإطلاق الدعوة إلى الإيقاف النهائي للاعتداءات الإسرائيلية ومحاولات فرض الأمن والسلام على ما بقى حياً من أبناء الشعب الفلسطيني …فمن الذى يضمن بعد أن تضخ بعض الدول عشرات المليارات من الدولارات لإعادة إعمار غزة أن يقوم أحد صبية أو مراهقى حركة حماس بإطلاق صاروخ لا يحقق أى هدف سوى إعطاء ذريعة جديدة لإسرائيل أن تدك وتدمر المباني والعقارات والمنشآت التي صرف عليها تلك المليارات والتى راحت هباء منثوراً.
السيد الرئيس لديه هذه الرؤية ويدرك أنه إذا فشل فى إعادة تأهيل قطاع غزة أو حدث اعتداء إسرائيلى جديد عليها سوف تتحمل مصر المسئولية الكاملة عن ذلك… ومن هنا فإن سيادته يقوم حالياً بتهيئة جميع مؤسسات الدولة وجيشها وشرطتها وإعلامها أن يكونوا على قلب رجل واحد بالفعل تجاه أى رد فعل سلبى قد تتعرض له البلاد…فالموضوع جد خطير والمسئولية ثقيلة حتى بعد موافقة القمة العربية على الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة إلا إنه ساعة الكرب فالجميع سوف يرفع يده.
الرئيس يعلم ذلك جيداً ومن هنا وجب علينا جميعاً وبحق أن نقف وراء سيادته وندعمه بكل ما نملك من وسائل عن طريق المؤسسات المدنية ووسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعى والتواصل مع الإعلام الخارجى بل ومع أبناء الشعب الفلسطينى الساعى الى الحياة الآمنة المطمئنة التي تسعى الدولة المصرية الى تحقيقها لهم بكل ما تملك من وسائل وأساليب سياسية سلمية بل إنها قد تتعرض لخسائر اقتصادية وسياسية نتيجة وقفتها القوية والشريفة والواضحة مع الشعب الفلسطينى الشقيق.
المصدر: بلدنا اليوم