المحروقات تشلّ الحياة بتل أبيض ورأس العين

– رأس العين
تشهد مدينتا تل أبيض ورأس العين انقطاعًا متكررًا للمحروقات وارتفاعًا في أسعارها، لضيق المنطقة جغرافيًا، وغياب أي منفذ رسمي لوصول المواد النفطية.
وتصل المحروقات إلى المدينتين عبر طرق “التهريب” من مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، والتي يسيطر عليها ويديرها “سماسرة” وتجار.
وارتفعت أسعار المحروقات في المدينتين، إذ بلغ سعر ليتر المازوت 13000 ليرة سورية بعد أن كان بـ00010 ليرة، وسجل البنزين 00015 مقارنة بـ10000 ليرة، في حين ارتفع سعر ليتر الكاز المستخدم في مواقد الطبخ من 8000 إلى 14000 ليرة سورية.
أسعار مرتفعة
يعتمد زيدو السعيد (35 عامًا) على دراجته النارية كمصدر أساسي لدخله في مدينة تل أبيض، إذ توفر له يوميًا ما يقارب 90000 ليرة سورية من خلال نقل الأشخاص ضمن المدينة والريف.
بسبب الارتفاع المستمر في أسعار البنزين، اضطر زيدو إلى زيادة أجرة نقل الركاب بنسبة 20%، ما أدى إلى تراجع الإقبال على استخدام الدراجة النارية كوسيلة نقل، وأصبح دخله اليومي لا يتعدى 40000 ليرة سورية.
وقال ل، إن الارتفاع المستمر في أسعار البنزين دفعه للتفكير في البحث عن مهنة أخرى تضمن له دخلاً جيدًا وتحسن من وضعه المالي، إذ تتراوح أجور العمال اليومية بين 80000 و100000 ليرة.
وذكر أن عدد العاملين على الدراجات النارية في تل أبيض كان يتجاوز الـ40 شخصًا، لكن 30 منهم تركوا العمل في هذا المجال بسبب ارتفاع أسعار المحروقات، بينما بقي عشرة أشخاص يبحثون عن فرص عمل أخرى.
لا يملك علاء هيثم (40 عامًا) تكلفة تركيب مشروع طاقة شمسية لسقاية أرضه المزروعة بـ125 دونمًا من الشعير، ما اضطره للاعتماد على محرك ديزل لاستخراج المياه من البئر.
كان علاء يشتري برميل المازوت (200 ليتر) قبل نحو شهر بمبلغ 1.5 مليون ليرة، لكن السعر ارتفع مؤخرًا إلى ما يقارب المليوني ليرة سورية.
وقال علاء ل، إنه يحتاج يوميًا إلى نحو 100 ليتر من المازوت لتأمين سقاية الأرض، وهو مبلغ يتعذر عليه تأمينه باستمرار، ما أجبره على التخلي عن زراعة نحو 60 دونمًا، والاكتفاء بري 65 دونمًا فقط لتقليل التكاليف.
وأشار إلى أن استمرار هذا الوضع يهدد الموسم الزراعي بالكامل، خصوصًا في ظل غياب الدعم، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وعدم وجود أي جهة تعوض الخسائر أو تؤمّن بدائل كالطاقة الشمسية.
شلل في الأعمال
لا توجد أسعار ثابتة للمحروقات في رأس العين وتل أبيض، إذ تشهد تقلبات مستمرة نتيجة قلة وصولها، وصعوبة تأمينها من المناطق التي تسيطر عليها “قسد” بطرق غير نظامية (تهريب).
وتُباع المحروقات المهرّبة بالدولار الأمريكي، ويتم حساب سعر الليتر على هذا الأساس، ما يؤدي إلى تقلبات مستمرة في الأسعار، من ارتفاع أو انخفاض بين حين وآخر.
عدنان الخلف صاحب محطة محروقات في تل أبيض، قال ل، إن الارتفاع المستمر في أسعار المحروقات القادمة من مناطق “قسد” وانقطاعها المتكرر، تسبب بشلل في العمل له ولأصحاب محطات الوقود الآخرين في المدينة.
وأوضح أنهم في حالة حيرة بشأن تسعير المحروقات، حيث أصبحوا غير قادرين على تحديد السعر المناسب، ما تسبب في أزمة ثقة بينهم وبين السكان.
وأضاف أن من واجبات الحكومة السورية الجديدة فتح الطرق وإيجاد حلول للمنطقة، التي لا تُعرف حتى الآن على وجه الدقة تبعيتها الإدارية.
وأشار إلى أنه في حال استمرار هذه الأوضاع، سيضطر إلى إغلاق المحطة حتى تتحسن الظروف وتصل كميات كافية من المحروقات بأسعار معقولة إلى المدينة.
انخفاض واردات المحروقات بنسبة 40%
المورد الأساسي للمحروقات لمنطقتي تل أبيض ورأس العين قال في حديثه مع، إن السبب الرئيس لأزمة المحروقات في المنطقة يعود إلى صعوبة وصولها عبر طريق “M4” الدولي، الذي يفصل بين المدينتين عن مناطق سيطرة “قسد”.
وأوضح أن الكميات الواصلة للمنطقة تشهد انخفاضًا مستمرًا، ما يرافقه ارتفاع في الأسعار بسبب فرض إتاوات من بعض المتنفذين من طرف “قسد” على الصهاريج التي تستطيع الوصول إلى منطقة التفريغ.
وأضاف أنه مقارنة بنهاية عام 2024، انخفضت الكميات الداخلة إلى المدينتين بنسبة 40%، بالإضافة إلى تدهور جودة المحروقات.
وأشار إلى أن الحل الوحيد يكمن في فتح الطرق وتوريد المحروقات بشكل عاجل إلى المنطقة، خصوصًا مع دخول فصل الصيف وزيادة الطلب عليها لري المحاصيل الزراعية.
تواصلت مع المجالس المحلية في تل أبيض ورأس العين، حيث بيّنوا أن وصول المواد النفطية الواردة من مناطق سيطرة “قسد” لا يخضع لمتابعتهم، ويعتمدون بشكل أساسي في أعمالهم على الواردات القادمة من تركيا.
ومن وقت لآخر، تتكرر أزمات مواد المحروقات في رأس العين، وأبرزها كانت في آب 2023، حين شهدت المدينة وريفها الواسع أزمة في المحروقات بسبب انقطاع معظم أنواعها.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي