سمحت المحكمة العليا الأميركية للرئيس دونالد ترمب بالإبقاء على تجميد تعيين عضوة في لجنة التجارة الفيدرالية عيّنها الرئيس السابق جو بايدن، ومنعها من ممارسة مهامها لثلاثة أشهر إضافية على الأقل، رغم وجود قانون فيدرالي عمره قرن يقيّد سلطة الرئيس في إقالة مثل هؤلاء المسؤولين لأسباب سياسية.
وأعلن القضاة، الاثنين، أنهم سيستمعون في ديسمبر المقبل، إلى المرافعات بشأن ما إذا كان هذا القانون يتعارض مع الدستور لأنه يحد من قدرة الرئيس على السيطرة على السلطة التنفيذية.
وإذا ما أبطلت المحكمة هذا القانون، كما يتوقع كثير من الخبراء القانونيين، فإن ذلك، من شأنه فرض قيود أكبر على قدرة الكونجرس على تحصين قادة الوكالات التنظيمية ضد الضغوط السياسية، بحسب مجلة “بوليتيكو” الأميركية.
وتتعلق القضية المطروحة بربيكا سلوتر، عضوة لجنة التجارة الفيدرالية، التي حاول ترمب إقالتها في مارس.
وكانت محاكم أدنى قد أمرت بإعادتها إلى منصبها، غير أن رئيس المحكمة العليا جون روبرتس جمّد تلك القرارات مؤقتاً مطلع الشهر الجاري.
ومددت المحكمة العليا بكامل أعضائها هذا التجميد الاثنين، رغم معارضة القضاة الليبراليين الثلاثة، ما يبقي سلوتر خارج منصبها إلى حين البت في المسألة الدستورية.
ويُعد هذا القرار أحدث خطوة ضمن سلسلة من الأحكام الطارئة القصيرة الأمد والتي اتسمت بالانقسام الأيديولوجي لصالح ترمب في جدول أعمال المحكمة الطارئ.
سابقة عمرها 90 عاماً
وتضع هذه التطورات المحكمة على أعتاب تحرك كان القضاة المحافظون يدفعون نحوه منذ سنوات، يتمثل في إلغاء سابقة قضائية عمرها 90 عاماً تُعرف بـ”Humphrey’s Executor”، التي منحت الكونجرس سلطة إضفاء قدر من الاستقلالية على الوكالات الفيدرالية من خلال اشتراط أن يُعزل قادتها فقط في حالات سوء السلوك أو العجز عن أداء المهام.
ولم يقل ترمب إن سلوتر أو عضوة ديمقراطية أخرى في لجنة التجارة ارتكبتا أي مخالفات، لكنه أقالهما رغم القوانين الفيدرالية التي تحمي الأعضاء من الإقالة بدوافع سياسية. كما قام بخطوات مماثلة لإقصاء ديمقراطيين من مجالس تنظيمية أخرى، بينها مجلس علاقات العمل الوطني، ولجنة سلامة المنتجات الاستهلاكية، ومجلس أنظمة الخدمة الفيدرالية. وسمحت المحكمة العليا بشكل مؤقت بهذه الإقالات من خلال قرارات طارئة.
ويرى مراقبون أن الأغلبية المحافظة في المحكمة قد تمهّد بذلك لإلغاء سابقة Humphrey’s بشكل رسمي، ما سيعزز سلطة ترمب والرؤساء المقبلين على الهيمنة الكاملة على ما كان يُعرف سابقا بـ”الوكالات المستقلة.”
معركة الاحتياطي الفيدرالي
لكن لا تزال هناك تساؤلات بشأن تأثير قضية سلوتر على معركة قانونية أكبر تتعلق بمحاولة ترمب إقالة ليزا كوك من مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي.
فخلافاً للحالات الأخرى، يقول ترمب إن لديه “أسباباً وجيهة” لإقالتها، التزاماً بالقانون الذي يقيّد سلطة الرئيس على البنك المركزي. وحكمت محكمتان أدنى لصالح كوك معتبرتين أن الإقالة غير قانونية.
وكانت المحكمة العليا قد أشارت إلى أن الاحتياطي الفيدرالي قد يتمتع باستقلالية أكبر من باقي الوكالات التنظيمية التابعة للسلطة التنفيذية، ولا يزال طعن عاجل في قضية كوك بانتظار قرار المحكمة.
سيطرة كاملة على الوكالات الفيدرالية
وفي معارضة مكتوبة الاثنين، انتقدت القاضية إيلينا كاجان، بالاشتراك مع القاضيتين سونيا سوتومايور وكيتانجي براون جاكسون، الأغلبية المحافظة، معتبرة أن قراراتها المؤقتة سمحت لترمب بالتحكم الكامل في هذه الوكالات رغم أن سابقة Humphrey’s ما زالت سارية قانوناً.
وقالت إن المحكمة استخدمت أوامر إجرائية مختصرة بدلاً من إصدار آراء مكتوبة، لتجاوز سابقة قضائية قائمة.
وكتبت كاجان: “منحت الأغلبية، من خلال أمر تلو الآخر، الرئيس السيطرة الكاملة على جميع تلك الوكالات”.
وأضافت: “لا ينبغي أبداً استخدام جدولنا الطارئ كما حدث هذا العام للسماح بما تحظره سوابقنا، ولا لنقل سلطة الحكومة من الكونجرس إلى الرئيس، وبالتالي إعادة تشكيل مبدأ فصل السلطات في الأمة”.
أما قرار المحكمة الصادر الاثنين، فجاء في فقرة واحدة فقط، ولم يتضمن أي تفسير لمنح التجميد ولا أي رد على انتقادات كاجان، لكنه وضع القضية على مسار سريع وحدد موعداً مبكراً للنظر فيها قبل أن تصدر محكمة الاستئناف الفيدرالية في دائرة العاصمة حكمها النهائي.