بدت المحكمة العليا الأميركية مستعدة لتوسيع صلاحيات الرئيس دونالد ترمب في إقالة رؤساء عدد من الوكالات التنظيمية، رغم إعراب أحد القضاة البارزين عن رغبته في حماية “الاحتياطي الفيدرالي” من الضغوط السياسية، بحسب ما نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال”. 

وخلال ساعتين ونصف من المرافعات الشفوية، ناقش القضاة حدود سلطة الرئيس ترمب، الذي يؤكد امتلاكه صلاحيات “شبه مطلقة” لإقالة قادة الوكالات، على الرغم من القوانين الفيدرالية التي تحميهم من الإقالة بسبب خلافات سياسية.

وطرح القاضي بريت كافانو سؤالاً مباشراً على المحامي العام دي جون ساور بشأن مخاوف اقتصاديين من أن تحقيق ترمب فوزاً واسعاً في القضية قد يهدد استقلال مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي.

وقال كافانو، وهو مُعيَّن من قِبَل ترمب: “أشارك هذه المخاوف”.

ومع ذلك، بدا كافانو ومعه القضاة المحافظون الخمسة الآخرون أكثر ميلاً لتأييد حجج الإدارة القائلة إن الرئيس يملك حقاً أكبر في التحكم في عشرات الهيئات التنظيمية داخل السلطة التنفيذية، مثل لجنة التجارة الفيدرالية والمجلس الوطني للعلاقات العمالية، وفق “وول ستريت جورنال”.

ويُعيَّن رؤساء تلك الوكالات من قِبَل الرؤساء، ويُصادق على تعيينهم مجلس الشيوخ، ويخدمون لمدد متفاوتة، غالباً مع وضع قيود على عدد المنتمين للحزب نفسه داخل كل وكالة في الوقت ذاته.

لكن القاضي نيل جورستش، وهو أيضاً مُعيَّن من قِبَل ترمب، أشار إلى أن هذه الوكالات قد تتحول عملياً إلى “فرع رابع من الحكومة” غير مشروع، يديره بيروقراطيون غير منتخبين وغير خاضعين مباشرة للرئيس أو للكونجرس.

ودفع القضاة الليبراليون الثلاثة باتجاه معاكس، مؤكدين أن للكونجرس الحق في تشكيل لجان ثنائية من الخبراء للإشراف على ملفات سياسية حساسة. ولم يعترض رؤساء سابقون قبل ترمب على القوانين التي تمنح هؤلاء الخبراء قدراً من الحماية الوظيفية.

وقالت القاضية سونيا سوتومايور: “الوكالات المستقلة موجودة منذ تأسيس الدولة. هذا ليس ابتكاراً حديثاً”.

إقالات سابقة

وتناولت القضية التي نُوقشت، الاثنين، إقالة ترمب لريبيكا سلوتر، وهي مفوضة ديمقراطية خدمت في لجنة التجارة الفيدرالية منذ عام 2018.

ومن المنتظر أن تنظر المحكمة في يناير المقبل في قضية أخرى تتعلق بمحاولة ترمب إقالة عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك، على أن تصدر الأحكام في القضيتين بحلول يوليو 2026.

وبعد إقالة سلوتر في مارس الماضي، رفعت الأخيرة دعوى لاستعادة منصبها، معتبرة أن قرار عزلها خالف قانوناً فيدرالياً يجيز للرئيس إقالة أعضاء لجنة التجارة الفيدرالية فقط إذا أظهروا “عدم كفاءة أو تقصيراً في أداء المهام أو سلوكاً سيئاً”.

ولم يزعم ترمب أن سلوتر ارتكبت أي مخالفة من هذا النوع، بل اكتفى بالقول إن استمرارها في اللجنة “يتعارض” مع أولويات إدارته. واعتبر أن القيود القانونية على الإقالة غير دستورية، رغم حكم للمحكمة العليا عام 1935 أيد هذه القيود.

وذكرت “وول ستريت جورنال” أن موقف القضاة المحافظين “لم يكن مفاجئاً”، إذ وسعت محكمة روبرتس خلال السنوات الـ15 الماضية من صلاحيات الرئيس في التحكم بقادة الوكالات الفيدرالية، وخلال هذا العام، سمحت المحكمة، عبر قرارات عاجلة، بدخول إقالة سلوتر ومسؤولين آخرين حيز التنفيذ أثناء استمرار النزاع القانوني بشأن دستورية قرارات ترمب.

لكن المحكمة تعاملت بشكل مختلف مع قضية كوك، إذ أوقفت مؤقتاً تنفيذ قرار إقالتها بانتظار نظر القضية.

وفي أمر عاجل صدر في مايو الماضي، ألمحت المحكمة إلى أن الهيكل الفريد للاحتياطي الفيدرالي و”تقاليده التاريخية المميزة” قد يمنحانه استقلالية أكبر من غيره من الوكالات.

شاركها.