المحكمة العليا تخالف قرار ترمب بعزل رئيس مكتب حماية المبلغين

أبقت المحكمة العليا الأميركية على رئيس الوكالة الفيدرالية، المسؤولة عن حماية المبلّغين عن المخالفات بشكل مؤقت، وذلك في أول كلمة لها بشأن المعارك القانونية المتعلقة بأجندة الرئيس دونالد ترمب، وفق ما أوردته “أسوشيتد برس”.
وجاء في أمر غير موقّع، أصدره القضاة، أن هامبتون ديلينجر سيظل في منصبه حتى الأربعاء على الأقل، وهو الموعد الذي ينتهي فيه الأمر القضائي المؤقت الصادر عن محكمة أدنى والذي يحميه من الإقالة.
وبأغلبية ضئيلة من 5 قضاة، لم توافق المحكمة العليا على طلب الإدارة بعزله فوراً، ولم ترفضه أيضاً، وبدلاً من ذلك، قررت تعليق البت في الطلب، مشيرة إلى أن الأمر القضائي الحالي سينتهي خلال بضعة أيام.
ومن المقرر أن تعقد القاضية الفيدرالية إيمي بيرمان جاكسون جلسة استماع، للنظر في تمديد أمرها الذي يمنع إقالة ديلينجر، وقد تعود القضية إلى المحكمة العليا بناء على قرارها.
وقال ديلينجر في بيان: “أنا سعيد بتمكني من مواصلة عملي كمراقب مستقل للحكومة ومدافع عن المبلّغين عن المخالفات. وأعرب عن امتناني للقضاة الذين رأوا أنه ينبغي السماح لي بالبقاء في منصبي، بينما تقرر المحاكم ما إذا كان مكتبي يستطيع الاحتفاظ بقدر من الاستقلال عن السيطرة السياسية المباشرة”.
ويُعد مكتب المستشار الخاص مسؤولاً عن حماية الموظفين الفيدراليين من الإجراءات الإدارية غير القانونية، بما في ذلك الانتقام ضد المبلّغين عن المخالفات. وبموجب القانون، لا يمكن إقالة رئيس المكتب، إلا لأسباب مثل عدم الكفاءة أو الإهمال الوظيفي أو سوء السلوك.
تشكيك في السلطة القضائية
في المقابل، أيّد القاضيان المحافظان نيل جورسوش وصامويل أليتو موقف الإدارة، مشككين في ما إذا كانت المحاكم تمتلك السلطة لإعادة مسؤول إلى منصبه بعد أن أقاله الرئيس.
وأقرّ جورسوش بأن بعض المسؤولين الذين تم تعيينهم بقرار رئاسي سبق وأن طعنوا في قرارات إقالتهم، لكنه أوضح أن هؤلاء المسؤولين عادة ما سعوا للحصول على تعويضات مالية، مثل صرف الرواتب المتأخرة، بدلاً من المطالبة بإعادتهم إلى مناصبهم عبر أمر قضائي.
ورفضت القاضيتان الليبراليتان سونيا سوتومايور وكيتانجي براون جاكسون، طلب الإدارة بعزل رئيس مكتب المستشار الخاص، في وقت تستمر فيه المعركة القانونية حول سلطات الرئيس في إقالة مسؤولي الوكالات المستقلة.
وتُعرف المحكمة العليا، ذات الأغلبية المحافظة، بتوسيعها لسلطات الرئيس، كما ظهر في قرارها العام الماضي بمنح الرؤساء حصانة من الملاحقة القضائية عن الأفعال التي يقومون بها أثناء توليهم المنصب.
وفي مذكرة قانونية، استخدمت وزارة العدل لغة حاسمة لحض المحكمة على السماح بعزل رئيس وكالة فيدرالية ذات صلاحيات محدودة.
وكتبت القائمة بأعمال المحامي العام، سارة هاريس، أن المحكمة الأدنى تجاوزت “خطاً دستورياً أحمر” بمنع إقالة ديلينجر، ما حال دون تمكين ترمب من “توجيه أجندة وكالة تنفيذية في الأيام الأولى الحاسمة للإدارة الجديدة”.
وشددت هاريس على أن المحكمة ينبغي أن تستغل هذه القضية لوضع حد لتدخل القضاة الفيدراليين، مشيرة إلى أن “الأسابيع القليلة الماضية شهدت وقف عشرات القرارات الرئاسية (أو حتى الإجراءات المحتملة) التي رأت المحاكم أنها تتجاوز صلاحيات الرئيس”.
وتم تعيين هامبتون ديلينجر في هذا المنصب من قبل الرئيس الديمقراطي جو بايدن، وصادق عليه مجلس الشيوخ لفترة مدتها 5 سنوات في عام 2024.
حكم Humphrey’s executor
وكانت المحكمة قد حدّت سابقاً من تأثير حكم صادر عام 1935، يُعرف بـ “هامفريز إكزيكيوتر” Humphrey’s executor، والذي يمنع الرؤساء من عزل مسؤولي الوكالات المستقلة الذين يتم تعيينهم بموافقة مجلس الشيوخ.
وأثار القضاة المحافظون تساؤلات بشأن القيود المفروضة على سلطة الرئيس في عزل رؤساء الوكالات، ففي عام 2020، أيّدت المحكمة بأغلبية 5-4 قرار ترمب بإقالة رئيس مكتب حماية المستهلك خلال ولايته الأولى.
وفي ذلك الحكم، كتب رئيس المحكمة العليا، جون روبرتس، أن “سلطة الرئيس في العزل هي القاعدة، وليست الاستثناء”، لكنه في الوقت ذاته، ميّز بين تلك القضية وبين محاولة عزل رئيس مكتب المستشار الخاص، مشيراً إلى أن المكتب يتمتع بسلطة محدودة، ولا يملك صلاحيات تنظيمية واسعة كما هو الحال مع مكتب حماية المستهلك.
وأبدت الإدارة الجديدة بالفعل نيتها الطعن في قرار “هامفريز إكزيكيوتر” بالكامل، والذي كان يمنع الرئيس الراحل فرانكلين روزفلت من إقالة أحد أعضاء لجنة التجارة الفيدرالية تعسفياً.
ويسعى ترمب إلى عزل مسؤولين يشغلون مناصب في مجالس إدارة وكالات فيدرالية مختلفة، مثل مجلس العلاقات العمالية الوطنية ومجلس مراجعة نظام الجدارة، وعلى غرار ديلينجر، فإن هؤلاء المسؤولين تم تعيينهم لفترات محددة، ويحميهم القانون الفيدرالي من العزل التعسفي. ومع ذلك، أوقفت المحاكم الأدنى بعض عمليات الإقالة حتى الآن.