المخابرات الألمانية تتراجع عن تصنيف حزب البديل كيانا متطرفاً

تراجع جهاز الاستخبارات الداخلية الألمانية مؤقتاً عن قراره الأخير بتصنيف حزب “البديل من أجل ألمانيا” AfD اليميني المتطرف، كـ”كيان متطرف”، وذلك بعد أيام فقط من الإعلان عن التصنيف المثير للجدل.
وأبلغ المكتب الفيدرالي لحماية الدستور، وهو أحد أجهزة المخابرات الداخلية، محكمة إدارية في مدينة كولونيا، أنه “سيعلق مؤقتاً” هذا التصنيف، في انتظار استكمال الإجراءات القضائية الجارية، بحسب مجلة “بوليتيكو”.
وبهذا، سيُعاد تصنيف الحزب كـ”حالة مشتبه بها”، وهو تصنيف أدنى، يتيح للمكتب الاستمرار في مراقبته، ولكن بقيود قضائية صارمة.
وجاء هذا التراجع المفاجئ بعد أن تقدّم الحزب بـ”طعن عاجل”، متهماً الحكومة السابقة التي كان يقودها أولاف شولتز، بشن حملة تشويه سياسية قبيل مغادرتها السلطة.
ولم يقدم المكتب أي تفسير رسمي لهذا التحول المفاجئ في موقفه، وفق ما جاء في ملفه المقدم للمحكمة.
وكان القرار الأصلي للمكتب، الذي استند إلى تقرير داخلي أعده خبراء في 1100 صفحة، سابقة من نوعها في تاريخ ألمانيا الحديث.
ولم يسبق أن تم تصنيف حزب ممثل بالكامل في البوندستاج “البرلمان” كـ”تنظيم متطرف مؤكد”، وهو ما كان سيفتح الباب أمام تعزيز أدوات المراقبة، بما في ذلك تجنيد المخبرين.
تقدم البديل في الاستطلاعات
ومن المتوقع أن يعمّق هذا التراجع الجدل السياسي المحتدم بشأن ما إذا كان ينبغي حظر حزب “البديل” رسمياً، خاصة في ظل تصدره استطلاعات الرأي الوطنية.
من جانبهم، واصل زعيما الحزب أليس فايدل وتينو تشروبالا اتهام السلطات باستغلال التصنيف للإضرار بالحزب سياسياً، مؤكدين: “سنواصل معركتنا القانونية حتى النهاية”.
وحزب “البديل من أجل ألمانيا” هو حزب المعارضة الرئيسي في البلاد، وحل ثانياً في الانتخابات الفيدرالية التي جرت في فبراير الماضي.
وتوصل تقرير الأخير الذي أعده خبراء، إلى أن “حزب البديل من أجل ألمانيا” هو “منظمة عنصرية ومعادية للمسلمين”، وكان من شأن هذا التصنيف أن يسهل على السلطات استخدام أساليب سرية لمراقبة الحزب، مثل تجنيد مخبرين سريين واعتراض الاتصالات.
وذكر المكتب الفيدرالي لحماية الدستور في بيان سابق، أن “المفهوم السائد للشعب داخل الحزب، القائم على العرق والأصل… يقلل من قيمة شرائح كاملة من السكان في ألمانيا وينتهك كرامتهم الإنسانية”.
وأضاف المكتب: “ينعكس هذا المفهوم في موقف الحزب العام المعادي للمهاجرين والمسلمين”. وقال إن الحزب أثار “مخاوف وعداء غير منطقيين” تجاه أفراد وجماعات.
واعتبرت وزارة الداخلية الألمانية حينها، قرار التنصيف أنه ربما يعرض التمويل العام لـ”حزب البديل لألمانيا” للخطر، فيما واجه الموظفون المدنيون الذين ينتمون إلى منظمة مصنفة على أنها “متطرفة” خطر الفصل، اعتماداً على دورهم داخل هذا الكيان.
وجاء قرار التراجع عن التصنيف بعد يومين من أداء المستشار الألماني الجديد فريدريش ميرتس اليمين الدستورية، ووسط نقاش محتدم حول كيفية التعامل مع “حزب البديل من أجل ألمانيا” في البرلمان الجديد.
وفاز الحزب بعدد قياسي مرتفع من المقاعد، مما يتيح له من الناحية النظرية رئاسة عدد من اللجان البرلمانية الرئيسية، على الرغم من أنه سيظل بحاجة إلى دعم أحزاب أخرى.
وتبادلت ألمانيا والولايات المتحدة مؤخراً الانتقادات بشأن قرار التصنيف، ما دفع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو للتدخل والمطالبة بالتراجع عن التصنيف، ليأتي التعقيب من وزارة الخارجية الألمانية بأن “القرار صدر بعد تحقيق شامل”.
من جهته، حث ميرتس مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الامتناع عن التدخل في سياسة بلاده، وقال إنه طلب من المسؤولين الأميركيين “الابتعاد عن السياسة الألمانية”.
وأضاف: “لقد ابتعدنا إلى حدٍ كبير في السنوات الأخيرة عن الحملات الانتخابية الأميركية، وهذا الأمر يشملني شخصياً”.
وأوضح أنه “أبلغ المسؤولين الأميركيين أنه لم ينحاز لأيٍ من المرشحين. وأطلب منكم قبول ذلك في المقابل”.