22 أكتوبر 2025Last Update :

صدى الإعلام – الكاتب: موفق مطر – يتميز الخطاب السياسي عموما بعبارات جوهرية، دالة على مرجعية ومنهج الخطيب، أو مُصدِر البيان، أو الناطق الاعلامي، أو الكاتب، أو المحلل السياسي، أما في حالتنا الفلسطينية تحديدا، فإن عبارة ” المسؤولية الوطنية ” -وهي عبارة اصطلاحية – باتت لفظا مركبا، مؤلفا من كلمتين هامتين جدا، لكنا إذا أخضعنا هذه العبارة لفحص دقيق، وبحث موضوعي لمقارنة مدى انطباق النطق الحرفي ( اللفظ ) مع المنهج العملي والسلوكي لدى الكثير ممن يستخدمونها شفاهة، او كتابة، اشخاصا كانوا او جماعات، او منظمات، أو أحزابا، سنكتشف تناقضا فظا، أفقدها معناها الأصلي، فاستخدمت كحشو لا اكثر بين كلمات سطور وفقرات الخطاب بالوسائل كافة، ولا عجب إذا قلنا إن من لا يعترف ولا يقر أصلا بمعنى الوطن والوطنية، هو صاحب الرقم القياسي في تدوير اسطوانتها على لسانه !..هنا نطلق اسئلة مشروعة: اولها – ألا يعلم هؤلاء أن واحدا في الوطن لا يصدق تلفظهم بعبارة ” المسؤولية الوطنية ” وأخواتها ومشتقاتها، لأن صور جرائم القتل والاغتيال بحق أبناء الوطن، وقصف الآخر بالتخوين والتكفير، لتبرير نفي من يعارضهم أو يختلف معهم من الوجود قد برهنت على تأصل عدائيتهم للعقل والفكر، والعقلانية والتفكير، ولفرض مفاهيمهم وتفسيراتهم الخاصة التي أحاطوها بهالات مقدسة، لحجب رؤى الناس عن الحقيقة.

ثانيها – كيف سيقنعنا هذا الذي استذكر ” المسؤولية الوطنية ” بامتلاكه نسبة من المصداقية ولو مجهرية، وهو يعلم، أننا نعلم، أن قراراته الفردية، الفئوية، اللامسؤولة قد تسببت بأفظع نكبة لقضية الوطن ؟! فالمسؤولية الوطنية هي قراءة ورؤية عقلانية شاملة، لأي فعل ورد الفعل، وحسابات دقيقة، أما من يأخذها كخطة انسحاب، لتخفيف أحمال وعبء هزيمته التي جلبت الويلات والنكبات على الشعب وأرض الوطن، فلا يؤتمن أبداً .

ثالثها – من يظن نفسه هذا الذي استخف بعبارة المسؤولية الوطنية، فراح يلوكها ويدورها على لسانه جانب “اليسار” تارة وجانب “اليمين” تارة أخرى ؟!! يمنحها بريقا في ملاحمه الكلامية تحت أضواء الفضائيات الاعلامية، ويكاد يغرق مجالس الجمهور من شدة تدفقها، ليخفي على البسطاء حقيقة مفاعيل الأوراق الخضراء (الدولارات) الكفيلة بجعل الأبكم أحسن متكلم.. فيوحي إلينا هذا “البهلوان الفضائي” أبو العريف ومتقن الكارات السبعة أن المسؤولية الوطنية مجرد سلعة محكومة بمعادلة العرض والطلب؟ لكنه في كل الأحوال كسبان .

رابعها- من منح شهادات الخبرة الاستراتيجية، والترخيص لمراكزهم البحثية والمتخصصة في تنظير أدمغة جنرالات وساسة منظومة الاحتلال الاسرائيلي، فكثرتهم تدفعنا للتساؤل بعد موجات تلو الموجات من الكلام الشعبوي، المسبوق على ألسنة الجالسين على الكراسي في المقاهي، لماذا لم يحطم هؤلاء الأرقام القياسية في المسؤولية الوطنية، ليرفعوا نسبة القراءة العلمية للأمور والأحداث لدى الجمهور وبالتوازي نسبة الانجازات والانتصارات، التي لا تتحقق بالتمنيات، أو قراءة الكف وتأليف المثير من عالم الأبراج الفلكية، فيما ابراج وعمارات ودور قطاع غزة أصبحت ركاما، وسكانها الذين مازالوا أحياء، باتوا على يقين أن حيواتهم وسلامتهم وأمنهم وحمايتهم لم تكن هدفا استراتيجيا ولا تكتيكيا حتى في حسابات حماس

خامسها – كيف استطاع الذي ينتمي لعائلة العدالة تبرير الجريمة ومنحها شهادة الشرعية القانونية ؟! وأي قدرةعلى التحدي لدى هذا اللابس ثوب العدالة، تمكنه من القاء عباءة المسؤولية الوطنية على اكتاف إرهابيين مجرمين بكل طمأنينة وعلنا، وكـأن جريمة إعدام مواطنين خارج إطار الشرعية القانونية وجهة نظر؟!

شاركها.