أبدت الحكومة المغربية استعدادها لـ”حوار عاجل” مع ممثلي الشباب الذين يقودون احتجاجات حركة “جيل زد 212” في المغرب منذ نحو أسبوع، والتي تدعو إلى محاربة الفساد وإجراء إصلاحات في قطاعي التعليم والصحة.

ومنذ إطلاق حركة “جيل زد 212” لدعوات الاحتجاج السلمي في 27 و28 سبتمبر الماضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لا تزال المظاهرات مستمرة في كبرى المدن المغربية، للمطالبة بمحاربة الفساد وإعطاء الأولوية لقطاعات الصحة والتعليم في المملكة، على الاستثمار في البنية التحتية الرياضية استعداداً لكأس إفريقيا 2026، وكأس العالم 2030 بالمشاركة مع إسبانيا والبرتغال.

وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى بايتاس لـ”الشرق”، إن الحكومة “مدت يدها وتنتظر الجلوس معهم إلى طاولة النقاش للاستماع إلى أفكارهم، وتحديد الإصلاحات الاجتماعية التي يجب تفعيلها بشكل سريع”، معتبراً أنها “تفاعلت بشكل سريع وإيجابي مع المطالب الاجتماعية”.

ورغم الدعوات إلى التظاهر سلمياً، شهدت بعض المدن المغربية أعمال عنف ومواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن، من بينها وجدة، والقنيطرة، وإنزكان، فيما شهدت القليعة قرب أغادير، حادث إطلاق نار خلال محاولة عدد من الأفراد اقتحام مركز للدرك الملكي، ما أودى بحياة 3 أشخاص.

“طموح مشترك”

الناطق باسم الحكومة المغربية مصطفى بايتاس، الذي يشغل أيضاً منصب الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، اعتبر أن المطالب التي عبر عنها المحتجون تدخل في إطار “الطموح المشترك لجميع المغاربة”، موضحاً أن الحكومة عبرت عن استعدادها لـ”فتح حوار عاجل وفوري مع هؤلاء الشباب”.

وأضاف في مقابلة مع “الشرق”، أن الحكومة تتقاسم مع المحتجين نفس الطموح لإصلاح قطاع الصحة العامة، معتبراً أن “المجهودات المبذولة تحتاج إلى دفعة أكبر”. وتابع: “نحن مستعدون للإنصات وللانخراط في حوار يفضي إلى إصلاحات ملموسة تخدم المواطنين”.

من جهته، دعا سعيد أقداد، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية المعارض، الحكومة، إلى “تقديم استقالتها”، بسبب ما وصفه بـ”الفشل في الاستجابة لتطلعات الشباب، والوفاء بوعودها الانتخابية، خاصة في قطاعات الصحة والتعليم والتشغيل”.

وأضاف أقداد في تصريحات لـ”الشرق”، أن “فشل السياسات الحكومية” الحالية، كان يستدعي من الحكومة أن “تتحمل مسؤوليتها السياسية وتنسحب”.

واعتبر أن مطالب المحتجين “معقولة ومشروعة”، ودعا الحكومة إلى “تحمل مسؤوليتها السياسية والاستقالة بعدما فشلت في الوفاء بوعودها الانتخابية”.

وانتقد القيادي المعارض ما وصفه بـ”السياسة الليبرالية المتوحشة للحكومة”، التي قال إنها تخدم “الطبقات الغنية والأوليجارشية” على حساب الفئات الهشة، مشيراً إلى أن ذلك أدى إلى تفاقم الفوارق بين تطور الصحة والتعليم في القطاعين الخاص والعام.

كما اعتبر أن الوعود الحكومية، وعلى رأسها توفير مليون فرصة عمل “لم تتحقق”، فيما تشهد البلاد ارتفاعاً في معدلات البطالة.

وفي ما يخص الاحتجاجات، أشاد أقداد بـ”السلمية والرقي” التي ميزتها، معتبراً أن رسالة الشباب وصلت بوضوح إلى الحكومة. ودعا إلى “التريث وتفادي الانزلاق”، على حد وصفه، مؤكداً أن المطالب الاجتماعية المطروحة “معقولة ومشروعة”، وتستوجب تفاعلاً حكومياً عاجلاً عبر إجراءات عملية.

والخميس، أعلنت الحكومة المغربية “تجاوبها مع المطالب المجتمعية”، وذلك بعد أيام من الصمت.

وقال رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الذي يطالب المتظاهرون بإقالته، خلال اجتماع وزاري في العاصمة الرباط، إن الحكومة “مستعدة للحوار والنقاش من داخل المؤسسات والفضاءات العامة”، وإنها “تجاوبت مع المطالب المجتمعية”.

ولفت أخنوش، إلى أن “التطورات التي وقعت خلال اليومين الماضيين بعدد من مدن المملكة، شهدت تصعيداً خطيراً مسّ بالأمن والنظام العامين، وأدى إلى إصابة المئات من أفراد قوات الأمن، وإلحاق الضرر بالممتلكات العامة والخاصة”.

وأعلن وزير الصحة المغربي، أمين التهراوي، الخميس، وقف إعانات استثمارية حكومية بملايين الدراهم للمستشفيات الخاصة، في خطوة تهدف إلى التقليل من هيمنة القطاع الخاص على القطاع الصحي في البلاد.

وأرجع قرار إيقاف الإعانات الاستثمارية للمستشفيات الخاصة، إلى أن “هذه المصحات لا تحل المشاكل، بل تعقدها”.

شرارة الاحتجاجات

وبدأت شرارة الاحتجاجات من أغادير، عندما لقيت 8 نساء حوامل مصرعهن في أقل من شهر، خلال تلقيهن الرعاية الصحية في مستشفى حكومي، لتمتد الاحتجاجات إلى عدد من مدن المغرب، مطالبة بتحسين خدمات الصحة والتعليم ومحاربة الفساد.

وشهدت بعض الاحتجاجات أعمال عنف في عدد من المناطق. ولكن حركة “جيل زد” تبرأت من هذه الأحداث ونددت بها.

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية المغربية، رشيد الخلفي، إن 70% من المشاركين في أعمال التخريب والاشتباكات مع قوات الأمن في مختلف أنحاء المغرب، كانوا من القُصر.

واستخدمت حركة “جيل زد” التي تقود الاحتجاجات في المغرب، منصات التواصل الاجتماعي مثل “تيك توك” وإنستجرام وتطبيق “ديسكورد”، للتنديد بأعمال العنف ودعت إلى مواصلة الاحتجاجات السلمية في المدن الكبرى.

وقالت الحركة في بيان، على تطبيق “ديسكورد”: “إلى كل الشباب الخارج للاحتجاج: نطالبكم بالالتزام بالمبادئ الثلاثة الواضحة، لا كلام نابياً ولا إهانات. لا شغب ولا تخريب للممتلكات العامة والخاصة. لا تراجع عن السلمية، وحافظوا على كرامتكم وكرامة الحراك”.

شاركها.