اخر الاخبار

المفقودون والعدالة الانتقالية في سوريا.. مرسومان رئاسيان يثيران الأمل والجدل وخبير حقوقي يتحدث عن “هفوة”

أصدرت الرئاسة السورية مرسومين رئاسيين يقضيان بتشكيل هيئتين وطنيتين مستقلتين هما “الهيئة الوطنية للمفقودين” و”الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية”، وتأتي هذه الخطوة استجابةً لمناشدات شعبية ودعوات من منظمات حقوقية لتطبيق مبدأ العدالة الانتقالية ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات خلال حكم نظام الأسد، إلا أن هذان المرسومان لم يمرا بدون جدل أثير حولهما وحلو آلية عملهما، حيث كشف خبير قانوني عن “هفوة” تحتاج للتعديل أو التفصيل بملحق جديد للمرسوم

 

الهيئة الوطنية للمفقودين (المرسوم رقم 19)

تهدف هذه الهيئة إلى البحث والكشف عن مصير المفقودين والمختفين قسرًا، وتوثيق الحالات، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية، إضافةً إلى تقديم الدعم القانوني والإنساني لعائلاتهم.

تم تعيين محمد رضا جلخي رئيسًا للهيئة، وكُلف بتشكيل فريق عمل ووضع النظام الداخلي للهيئة خلال مدة أقصاها 30 يومًا من تاريخ الإعلان.(


وفي هذا السياق، قال فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في حديث مع “وكالة ستيب نيوز”: “استخدم نظام الأسد سلاح الاختفاء القسري كسلاح حرب لإيذاء المعتقل وعائلته، وكان هذا سلاحًا قاسيًا وفعّالًا حطم المجتمع نتيجة الأعداد الكبيرة من المستهدفين، وخلف النزاع، بحسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، ما يزيد عن 177 ألف مختفٍ قسريًا، وهؤلاء بحاجة إلى جهدٍ جبّار، وإلى لجنة تُعنى بشؤونهم.”

 

وأضاف: “نحن لسنا مع تشكيل لجنة مستقلة تُعنى بقضية المفقودين في سوريا، وذلك حسب المرسوم، ولا نعلم كيف ستنسق هذه اللجنة مع لجنة العدالة الانتقالية. وكان من الأفضل أن تكون لجنة المفقودين تابعة للجنة الحقيقة، لتكون ضمن إطار العدالة الانتقالية نفسه، لأن هذا مسارٌ متكامل، ونحن نتحدث عن أربع لجان: المحاسبة، الحقيقة، تخليد الذكرى، والتعويضات وإصلاح المؤسسات.”

 

ويتابع: “عندما تكون لجنة المفقودين تحت لجنة الحقيقة، فهي تنسق مع بقية اللجان، لأننا نعتقد أن المفقودين هم جزء من الضحايا، وبالتالي، نأمل بأن يكون هناك مراجعة لهذا المرسوم، كما كنا نأمل عند تشكيل مثل هذه الهيئات أن تأتي من خلال المجلس التشريعي.”

 

الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية (المرسوم رقم 20)

تُعنى هذه الهيئة بكشف وتوثيق الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها النظام السابق بحق المواطنين، ومحاسبة المسؤولين عنها، بالإضافة إلى تعويض الضحايا وجبر الأضرار التي لحقت بهم، وتتمتع الهيئة بالاستقلال المالي والإداري، وتمارس عملها في جميع أنحاء البلاد.

 

وفي هذا الشأن، قال عبد الغني أيضًا: “أصدرنا في الشبكة السورية لحقوق الإنسان أكثر من 1400 تقرير، تركزت حول هذه الانتهاكات في سوريا، والتي خلفت ملايين الضحايا. ولمعالجة هذا الإرث، لا بد من أن يكون هناك مسار عدالة انتقالية في سوريا.”

 

وأضاف: “وقد شكل المرسوم الرئاسي رقم 20 هذه الهيئة، لكن الإعلان الدستوري، في المادة 49، نص على وجود آليات تشاورية لتشكيلها، وبالتالي نعتقد أنه كان من الأفضل أن تُشكّل من خلال المجلس التشريعي، ليمثل شمولية أصحاب المصلحة من الضحايا وذويهم.”

 

ويشير إلى أنه كان من المفترض وجود قانون تأسيسي تفصيلي يوضح كيفية استقلال هذه الهيئة عن الوزارات، ويضمن استقلاليتها.

ويتابع: “نأمل أن يكون هناك ملحق بهذا المرسوم لتوضيح المزيد من التفاصيل، لأن ملايين الضحايا ينتظرون هيئة العدالة الانتقالية لتبدأ مسارًا شاملًا ومستقلًا.”

 

غياب شمولية الضحايا من جميع أطراف النزاع

أحد أبرز الانتقادات الموجهة لهذين المرسومين هو تركيزهما الحصري على الانتهاكات التي ارتكبها النظام السابق، دون الإشارة إلى الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها أطراف النزاع الأخرى، مثل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وعدد من فصائل المعارضة، وهذا التوجه يُخشى أن يُقوّض مبدأ العدالة الشاملة، ويُضعف من مصداقية الهيئات المشكلة.

 

ويشدد خبراء حقوق الإنسان على أن العدالة الانتقالية يجب أن تكون شاملة، وتعالج انتهاكات جميع الأطراف، لضمان تحقيق المصالحة الوطنية ومنع تكرار الانتهاكات.

ويرى هؤلاء أن التركيز على طرف واحد دون الآخر قد يؤدي إلى شعور بالظلم لدى بعض الضحايا، ويُعيق جهود بناء السلام والاستقرار في البلاد.

 

ومن هذا المنطلق، طال عدد من الحقوقيين السوريين بتعديل المرسومين رقم 19 و20، أو إصدار ملحقات توضيحية، لضمان شمولية الهيئات المشكلة لجميع الضحايا، وتوسيع نطاق اختصاصاتها لتشمل الانتهاكات التي ارتكبتها كافة أطراف النزاع.

 

وأشاروا إلى أن تحقيق العدالة الانتقالية الحقيقية في سوريا يتطلب إرادة سياسية قوية، وتعاوناً وثيقاً بين الهيئات الحكومية والمجتمع المدني، لضمان معالجة شاملة لجميع الانتهاكات، وتحقيق العدالة لجميع الضحايا، بغض النظر عن الجهة المسؤولة عن الانتهاك.

 

ردود الفعل والتحديات

وبالمقابل رحب العديد من المراقبين والناشطين بهذه الخطوة، معتبرين إياها بداية ضرورية لمسار العدالة والمصالحة الوطنية، إلا أن بعض الخبراء، مثل رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، أعربوا عن تحفظاتهم بشأن تشكيل هذه الهيئات بمرسوم رئاسي دون مشاركة تشريعية، مما قد يؤثر على استقلاليتها.

 

ويمثل إصدار المرسومين خطوة مهمة نحو معالجة قضايا الانتهاكات والمفقودين في سوريا، إلا أن نجاح هذه الهيئات يعتمد على مدى استقلاليتها، وشفافية عملها، ومشاركتها مع المجتمع المدني والضحايا، لضمان تحقيق العدالة والمصالحة الوطنية.

 

المفقودون والعدالة الانتقالية في سوريا.. مرسومان رئاسيان يثيران الأمل والجدل وخبير حقوقي يتحدث عن “هفوة”

اقرأ أيضاً|| العدالة الانتقالية بمهب الريح.. وزير العدل السوري مع “قاضي الأسد” وحقوقيون يتحركون بـ”رسالة” مفتوحة للحكومة

المصدر: وكالة ستيب الاخبارية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *