قد يتعجب البعض حين يسمع أن الطلاق السري  أو ما نسميه بـالانفصال غير المُعلن قد أصبح وللأسف في كثير من البيوت المصرية أكثر انتشارًا من الطلاق الشرعى حيث قسايم الزواج على حالها، أما العشرة الزوجية قد انقطعت أوصالها، والمشاعر قد خمدت عواطفها، فالأسرة تعيش تحت سقف واحد، بينما هى فى حقيقتها مطلقة دون إعلان.
لنبحث الأسباب والآثار والنتائج وكيفية العلاج إن كان ممكنا.

أولًا: الأسباب

 الخوف من نظرة المجتمع
كثير من الأزواج والزوجات يخشون من المجتمع لفظ مطلق أو مطلقة، يهابون الناس ويخشون نظراتهم وما يتلقونه بألسنتهم، فيتعايشون فى علاقة هى أقرب للموت منها إلى الحياه، تجنبا للوصمة والعار.
 وجود الأطفال
تظن الأسرة أن بقاء الشكل الخارجى  أفضل للأولاد، فتستمر العلاقة منزوعة منها الرحمة والمودة، بينما الأبناء يتضررون من تلك الحياة المتوترة.
العجز الاقتصادى
إن ارتفاع تكاليف المعيشة من مسكن ونفقة، تجعل الكثيرين عاجزين عن تحمل معنى الطلاق، فيعيشون انفصالا نفسيا وعاطفيا.
 التعود على الجفاء
يبدأ  الجفاء صغيرا ثم ما يلبث أن يكبر مثل كرات الثلج حتى تصبح الحياه باردة تماما، لتنتهى بزواج قائم على العادة لا على المودة.
  غياب مهارات الاتصالات
عندما ينقطع الحوار وتخرس الألسنة، تتحول الخلافات البسيطة إلى جدار ضخم من الصمت واللامبالاه.
  تدخلات الأهل والأصدقاء 
عندما تحدث المشاكل وتطم البلوى ويشتكى كلاهما من الآخر، يتدخل الناس،فتضرب استقرار البيت، فيختار الطرفان التعايش الشكلى بدل المواجهة، وإيجاد الحلول.

ثانيًا: الآثار

تدمير الأبناء نفسيا
فى غياب الدفأ بين الوالدين يشعر الأولاد بالتوتر حتى وإن لم يسمعوا شجارا أو يروا خلافا، فيسيطر عليهم  الخوف والضعف وعدم الثقة فى قوة الأسرة وتماسك بنيانها.
 انتشار الشرود العاطفى
حين يغيب الود الحقيقى، يلجأ أحد الطرفين أو كلاهما لتعويض حاجاته العاطفية خارج الإطار الشرعى، مما يزيد البلة طين فتنحدر الأخلاق ويغيب الضمير ويطمس الدين،وتخرب البيوت.
 حياة زوجية بلا طاقة
تتحول الأسرة إلى بيت ضعيف وهن،  بلا حب، مما يجعل الطرفين يعيشان في اكتئاب صامت وهو ما يسمى بالخرس الزوجى، بلادة، وعدم استعداد للتفاعل أو التواصل مما يقود إلى أمراض نفسية وجسدية وربما روحية أيضا.
 انهيار معنى الزواج
يتحول الزواج إلى مسكن ومحل إقامة فقط، فيفقد المجتمع بأسره أحد أعمدة استقراره وهى الأسرة.
 العنف الصامت
ليس ضربا أو صراخا، بل برودا وتجاهلا، وسحبا للمشاعر، وهذا أخطر من العنف الظاهر.

ثالثًا: العلاج

* المصارحة والمناقشة والتسامح والغفران بالكلم الطيب والعمل الصالح والإنصات والوعى بحاجات الطرف الآخر.
* دائما ما نقول حس بالطرف الآخر، لا يكفى أن تحسس عليه، فهناك فرق بين كلا المعنيين، الأول مراعاة لحاجياته، والثانى هربا من مسؤلياتك، فيجب أن تفهم ما يجب أن تقدم أنت قبل أن تطلب ما تريد.

*  العودة إلى أصول الزواج وشرعيته

قال الله تعالى: ” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَوَدّةً وَرَحْمَة “
فالسكن والمودة والرحمة ليست شعارات، بل قرارات وتصرفات تنفذ وتقدم كل يوم.

 الاستشارات الأسرية
أهمية اللجوء إلى متخصص يساعد الطرفين على فهم بعضهم البعض وإعادة ترميم العلاقة قبل حدوث الانهيار.

 توزيع الأدوار

بعض البيوت تنهار لأن الزوج يتحمل كل شيء، أو الزوجة تتحمل كل شيء، لذلك فإن إعادة توزيع المسؤليات برجولة يعيد الروح إلى الجسد، فتنتفض الحياة.
* الانفصال الراقى عند الضرورة
ليس من البطولة الاستمرار الشكلى البارد، فأحيانًا يكون الطلاق الشرعى والسراح الجميل أهون كثيرا من طلاق سرى يكسر النفوس ويجلب الأمراض.

ضرورة بناء وعي مجتمعى

إن كلمة طلاق  ليست عارا، والانفصال المحترم والسراح الجميل خير من علاقة ممزقة تخلق أجيالا يعيدون نفس أخطاء سالفيهم.

وننصح أخيرا،بأنه فى حال الطلاق يجب على الوالدين أن يتعاونا معا فى تقديم دعمهم لأبنائهم، وألا يكون الأولاد ضحية استهتارهم أولا فى اختيار بعضهم البعض أو عداوتهم ثانيا فى انتقامهم وسوء تعاملهم وتبادل اتهاماتهم.

مهندس محمد الفيشاوى
خبير التنمية البشرية 
دراسات عليا من المعهد العالى للدراسات الإنسانية. 

شاركها.