وقعت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، اتفاقية مع شركة “موانئ دبي العالمية”، لاستثمار ميناء طرطوس بهدف تعزيز البنية التحتية واللوجستية للموانئ في سوريا.
وقال مدير عام الموانئ، عدنان حاج عمر، ل، إن نوع الاتفاق هو عقد امتياز (Concession Agreement) يمنح الشركة حق إدارة وتشغيل ميناء طرطوس لمدة 30 عامًا، مع التزامها بتقديم نظام تشغيلي خلال ستة أشهر من الاستلام، يخضع لموافقة “الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية”، بقيمة استثمارات تصل إلى 800 مليون دولار أمريكي.
الشركة مسؤولة عن الإدارة والتشغيل الكامل لجميع خدمات المرفأ، بما في ذلك رسو السفن، المناولة، تزويد السفن، تخزين الحاويات والبضائع ، لكنها غير مسؤولة عن الجوانب السيادية أو الأمنية أو سلطة الميناء البحرية التي بقيت تحت إشراف الدولة السورية، وفق حاج عمر.
وتابع مدير عام الموانئ أن خطة الاستثمار ستكون على ثلاث مراحل، تقوم شركة “موانئ دبي العالمية” بتنفيذ برنامج تطوير أولي للميناء ومحطاته، في المرحلة الأولى، باستثمار 200 مليون دولار أمريكي، ويتم تنفيذها على مدار أربع سنوات بعد تاريخ التسليم بمعدل 50 مليون دولار أمريكي كل سنة، أما المرحلة الثانية، يبلغ استثمارها 200 مليون دولار أمريكي، والمرحلة الثالثة هي 400 مليون دولار أمريكي.
عوائد الاستثمار
وحول العوائد المتوقعة لسوريا من هذا الاستثمار، بين حاج عمر أن الدولة السورية ممثلة بالهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية ستحصل على 45% من إجمالي الإيرادات، وتدفع هذه النسبة شهريًا بالعملة التي تم التحصيل بها (عملة أجنبية أو ليرة سورية).
ويأتي هذا الاستثمار ضمن رؤية شاملة لتحويل المرفأ إلى منصة لوجستية إقليمية متقدمة على الساحل الشرقي المتوسط، قادرة على مواكبة تحولات التجارة العالمية وتلبية متطلبات السوق الإقليمي والدولي، وتحديد أهداف متعددة ضمن بنود العقد أبرزها:
1- رفع القدرة الاستيعابية للميناء من حيث عدد السفن، حجم الحاويات، وتنوع أنواع البضائع والخدمات.
2- تعزيز القدرة التنافسية لمرفأ طرطوس ليصبح نقطة محورية في حركة التجارة البحرية شرق المتوسط عبر تطوير البنية التحتية والعمليات التشغيلية.
3- تحديث محطة الحاويات ومحطة البضائع العامة، عبر إدخال معدات وتقنيات حديثة، وتحسين أداء الأرصفة ومعدات المناولة.
4- توسيع وتحسين الخدمات البحرية الحيوية، بما يشمل: الإرشاد البحري ، الصيانة والإصلاح، تزويد السفن بالوقود والمياه ، الكشف والتفتيش ،إدارة الحركة الملاحية بأنظمة ذكية ومتقدمة.
وأشار مدير عام الموانئ، عدنان حاج عمر، إلى أن العقد يراعي خصوصية بعض الخدمات التي تستثنى من الاستثمار الخاص، مثل الأنشطة المستثمرة مسبقًا من قبل جهات حكومية كمؤسسة “سادكوب”، والتي ستبقى قائمة ضمن إطارها التنظيمي لخدمة الجهات العامة.
وبالانتقال إلى الجوانب الفنية والتشغيلية يسعى هذا الاستثمار إلى:
1- خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة.
2- دعم التنمية الاقتصادية المحلية.
3- تحسين سلاسل الإمداد والتوريد، ما يسهم في تقليل تكاليف النقل وتسهيل حركة التجارة الوطنية والدولية.
وأوضح حاج عمر أن موانئ دبي تدير حاليًا أكثر من 78 محطة بحرية وبرية في أكثر من 60 دولة، وتملك شبكة موانئ تمتد من جبل علي في الإمارات، إلى أوروبا، آسيا، إفريقيا، وأمريكا اللاتينية.
وسيترجم هذا في مرفأ طرطوس من خلال:
- ربط مباشر بموانئ استراتيجية: كجبل علي، جدة، السخنة، العين السخنة، وداكار، ما يمنح مرفأ طرطوس دورًا محوريًا في حركة التجارة الإقليمية والعابرة.
- جذب خطوط شحن جديدة ومباشرة، بفضل علاقات موانئ دبي مع أكبر شركات الشحن العالمية (مثل CMA CGM، Maersk ،MSC)، الأمر الذي يخفض التكاليف ويرفع كفاءة التصدير والاستيراد.
- تكامل لوجستي مع المناطق الحرة والجافة التي تديرها المجموعة عالميًا، ما يفتح الباب أمام استثمارات صناعية وتجارية مباشرة في محيط مرفأ طرطوس، وخاصة عبر تخصيص مساحات للمصانع، مستودعات التبريد، ومراكز التجميع والتوزيع.
- بنية تحتية رقمية متطورة ستطبق في المرفأ، تتضمن أنظمة تتبع الشحنات، الحجز الإلكتروني، والخدمات الذكية، ما يجعل طرطوس ميناءً ذكيًا متكاملاً ضمن المنظومة العالمية
- ثقة المستثمرين العالمين بخبرة وسمعة “موانئ دبي”، والتي من شأنها أن تجذب شركاء استراتيجيين إلى طرطوس، سواء في قطاع النقل أو الصناعة أو الخدمات المرافقة
وبالتالي، فإن إدخال مرفأ طرطوس ضمن شبكة موانئ دبي لا يعني فقط تحسين الأداء الميداني، بحسب حاج عمر، بل تحويله إلى عقدة لوجستية متكاملة، تخدم المنطقة وتعيد ربط سوريا بممرات التجارة العالمية الحديثة.
مناطق لوجستية
وأضاف حاج عمر أن الهيئة العامة للمنافذ تعمل على بناء مناطق لوجستية متقدمة تقدم خدمات شاملة ومترابطة، وفي ذات الوقت سيتم تطوير مرافئ جافة ومناطق حرة استراتيجية مثل: مدينة حسيا الصناعية، المنطقة الحرة بعدرا، المنطقة الحرة في المسلمية- حلب، المنطقة الحرة السورية الأردنية المشتركة.
وستكون هذه المواقع مراكز للعمليات التالية: التجميع والتغليف ، إعادة التصدير ، التصنيع الخفيف، التحويل الصناعي، وخدمات القيمة المضافة للمصانع.
وستربط هذه المناطق بشبكة نقل بري متقدمة تصلها مباشرة بالمرافئ البحرية، ما يشكل نقلة نوعية في كفاءة الخدمات اللوجستية، وفق حاح عمر.
أثر تطوير الموانئ
وحول مصير العمال السوريين العاملين في المرفأ، لفت إلى أن العقد يلزم “موانئ دبي” باستخدام عمالة سورية مؤهلة بنسبة لا تقل عن 90% من اجمالي العاملين، مع التزام بتدريب الكوادر إداريًا وفنيًا داخليًا وخارجيًا مرة واحدة على الأقل سنويًا للمديرين وللموظفين غير الإداريين.
ويجوز لها أن توظف عمالًا أجانب شريطة ألا يتجاوز عددهم عن (10%) من مجموع القوى العاملة في الميناء.
وأكد حاج عمر أن فوائد تطوير الموانئ ستنعكس على المواطن من حيث: انخفاض كلفة الشحن ما سينعكس تدريجيًا على أسعار السلع، لا سيما الأساسية منها، ارتفاع النشاط الاقتصادي، ما يعني زيادة من فرص العمل، خصوصًا للشباب والمهنيين في المجالات التقنية واللوجستية، تعزيز الموارد المحلية من الرسوم والعائدات سيسهم في تحسين الخدمات العامة، مثل صيانة الطرق، ودعم البلديات الساحلية، وتحسين البنية التحلية في الأحياء المحيطة بالموانئ.
ولم يعد تطوير الموانئ ترفًا تقنيًا، بل أداة استراتيجية للنهوض بالاقتصاد المحلي، وتحقيق فائدة مزدوجة من جهة الدولة كمؤسسة، ومن جهة أخرى للمواطن السوري الذي يحتاج اليوم إلى حلول واقعية لدعم معيشته وتفتح له آفاق العمل والاستقرار، بحسب حاج عمر.
وكانت الاتفاقية وقعت، بحضور الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، تم، الأحد 13 من تموز، بين الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية وشركة موانئ دبي العالمية بقيمة 800 مليون دولار أمريكي، كخطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز البنية التحتية للموانئ والخدمات اللوجستية في سوريا.
وجاءت هذه الاتفاقية استكمالًا لإجراءات مذكرة التفاهم المتعلقة بالموضوع، الموقعة في شهر أيار الماضي.
ويعد ميناء طرطوس ثاني أكبر المواني في سوريا بعد ميناء اللاذقية على الساحل السوري، إذ تشكل المواني في سوريا نافذة استراتيجية في شرق المتوسط، ويضعها موقعها الذي يربط آسيا بأوروبا وإفريقيا، على خريطة المستثمرين.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي