غيب الموت الأديب والروائي السعودي، أحمد أبو دهمان، عن عمر ناهز 76 عاماً، وحقق الراحل حضوراً دولياً عبر روايته الشهيرة “الحزام” التي كتبت بالفرنسية قبل ترجمتها لعدة لغات، ونشرها في عام 2000، كما حققت اهتماماً نقدياً وجماهيرياً كبيراً في الأوساط الأدبية.
ولد أحمد أبو دهمان عام 1949 في قرية آل خلف بمحافظة سراة عبيدة في منطقة عسير- جنوب السعودية- وتلقى تعليمه المتوسط في أبها، والثانوي في معهد المعلمين بالرياض، ثم التحق بجامعة الرياض “جامعة الملك سعود حالياً”، حيث حصل على درجة البكالوريوس في اللغة العربية، قبل أن يبتعث إلى فرنسا، وينال درجة الماجستير من جامعة السوربون في باريس.
“أردت نقل الحقيقة”
كتب أبو دهمان الشعر الفصيح والشعبي، والقصة، لكن حضوره اللافت ارتبط بروايته الشهيرة “الحزام”، التي صدرت باللغة الفرنسية عام 2000 عن دار “غاليمار” الفرنسية.
وتناولت الرواية نشأة الراوي في إحدى قرى جنوب المملكة، مسلطة الضوء على التحولات الاجتماعية والتعليمية، وتأثير العولمة على المجتمع المحلي، ما جعلها مادة لعدد من الدراسات والأطروحات النقدية باللغات العربية والإنجليزية، كما ترجمها بنفسه إلى اللغة العربية.
وعن أسباب كتابتها قال أبو دهمان في وقت سابق: “كتبتها بالفرنسية لأني عملت باحثاً وصحفياً، ورأيت حينها لدى الكثيرين كرهاً لبلادنا، فأردت أن أنقلها بحقيقتها كما وجدتها وأحببتها”.
وكان قد أهدى الأمير بدر بن فرحان وزير الثقافة السعودي في عام 2023 نظيرته الفرنسية ريما عبد المالك رواية “الحزام” كهدية ثقافية نابعة من الثقافة السعودية الخالصة.
رحلة حافلة
وعن الحياة المهنية للراحل، كان قد بدأ حياته معلماً قبل اتجاهه للعمل في الصحافة والعمل الثقافي كما تولى حينها إدارة مكتب صحيفة “الرياض” السعودية في العاصمة الفرنسية باريس.
واعتبر كثيرون من أبناء جيله وأصدقائه بأن تجربة أبو دهمان جسرت المسافة بين الثقافة المحلية، والقراءات العالمية بأسلوب سردي مميز يمزج بين الذكريات والهوية والحداثة، كما وصفوا الحزام بأنها علامة فارقة في الرواية السعودية الحديثة.
وعبرت الأوساط الثقافية عن حزنها لرحيل أبو دهمان، مشيدة بمسيرته التي أسهمت في تقديم الأدب السعودي إلى العالم، مستذكرين علاقاتهم الشخصية معه ومآثره البارزة، وفي هذا السياق، كتب بدر العساكر عبر حسابه في منصة “إكس” رسالة تناول فيها إسهامه الأدبي.
فيما نعاه الدكتور زياد الدريس الذي التقاه في باريس فترة عمله هناك بقوله: “حين ذهبت للعمل في باريس كان هو (الحزام) الذي يربطني بنكهة وطني”.
وقال عنه الشاعر فهد عافت ناعياً: “وماذا عن أحمد أبو دهمان؟! ولد يعرف أين تخبئ طيور القلب أعشاشها”.
يذكر أن أحمد أبو دهمان يعد أول كاتب من الجزيرة العربية يكتب عملاً إبداعياً باللغة الفرنسية، كما تعد رواية “الحزام” من أبرز الروايات السعودية التي وصلت إلى العالمية.
