يجتمع قادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) بمدينة لاهاي، الأربعاء، في قمة جرى الترتيب لتفاصيلها بما يتناسب مع مطالب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إذ يأمل الحلفاء الأوروبيون أن يحفزه تعهدٌ بزيادة الإنفاق الدفاعي على تبديد الشكوك بشأن التزامه تجاه الحلف.
ومن المتوقع أن توافق القمة على زيادة هدف الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة عضو، استجابة لمطلب ترمب وفي ظل مخاوف الأوروبيين من تهديد روسي مباشر منذ غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022.
وقال الأمين العام للحلف مارك روته إنه لا يوجد بديل عن زيادة الإنفاق الدفاعي في ضوء التهديد المستمر من روسيا.
وأضاف في تصريحات صحافية، قبل القمة المزمع عقدها في لاهاي: “نظراً لتهديد روسيا طويل الأمد الذي نواجهه، بالإضافة إلى التعزيزات العسكرية الهائلة في الصين، ودعم كوريا الشمالية والصين وإيران للمجهود الحربي الروسي في أوكرانيا، من الضروري جداً أن ننفق المزيد، لذا سيكون هذا على رأس جدول أعمالنا اليوم”.
إسبانيا وبلجيكا وسلوفاكيا
ولكن قبل الاجتماع، أعلنت إسبانيا وبلجيكا أنهما “لن تتمكنا” من تحقيق الهدف بحلول الموعد النهائي الجديد لعام 2035، فيما قالت سلوفاكيا إنها “تحتفظ بحقها في تحديد إنفاقها الدفاعي بنفسها”، بحسب ما أوردته “أسوشيتد برس”.
وقال وزير الاقتصاد الإسباني كارلوس كويربو، الأربعاء، إن بلاده لا تتوقع أي عواقب لرفضها الاستجابة لهدف الإنفاق الدفاعي البالغ 5% من الناتج المحلي الإجمالي الذي يتوقع أن تقره الدول الأعضاء في قمة لاهاي.
وقال كويربو في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ: “ستكون إسبانيا حليفاً مسؤولاً”، مشدداً على أن بلاده ستفي بكل التزاماتها المتعلقة بالقدرات العسكرية تجاه الحلف.
وأضاف: “لا ينبغي أن تترتب أي عواقب على الوفاء بالتزاماتنا، وعلى كوننا حليفاً موثوقاً لدى الحلف، إذ لبينا القدرات التي التزمنا بها والضرورية للدفاع عن الحلف من مختلف التهديدات التي حددها الخبراء”.
وقال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيز، الأحد، إن بلاده لن تنفق أكثر من 2.1% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، لأن التزاماتها تجاه الحلف فيما يتعلق بالقدرات العسكرية لا تتطلب أكثر من ذلك.
وأقرّ روته بأن زيادة الإنفاق إلى 5% “قرارات صعبة”، قائلاً: “لنكن صريحين، أعني، على السياسيين اتخاذ خيارات في ظلّ الندرة وهذا ليس بالأمر السهل”، مضيفاً: “نظراً للتهديد الذي يشكّله الروس، وبالنظر إلى الوضع الأمني الدولي، لا يوجد بديل”.
والتزمت دول أخرى أقرب إلى حدود روسيا وأوكرانيا- بولندا ودول البلطيق الثلاث، بهذا الهدف، وكذلك الدول الأوروبية ذات الثقل في حلف الناتو، بريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا.
لكن ترمب اشتكى من “وجود مشكلة مع إسبانيا”، كما انتقد كندا باعتبارها “منخفضة المساهمة”. وفي عام 2018، انهارت قمة لحلف الناتو خلال ولاية ترمب الأولى بسبب خلاف حول الإنفاق الدفاعي.
ويأمل مسؤولو الحلف ألا يلقي الصراع بين إسرائيل وإيران والقصف الأميركي لمواقع نووية إيرانية مطلع الأسبوع بظلال على سير الاجتماع.
وهدد ترمب مراراً بعدم حماية أعضاء حلف الناتو إذا لم يلتزموا بأهداف الإنفاق، وأثار شكوكا مرة أخرى بينما كان في طريقه إلى القمة بتجنبه التعبير عن الالتزام ببند الدفاع المشترك في المادة الخامسة من الحلف.
وفي حديثه إلى الصحافيين على متن الطائرة الرئاسية، قال إن هناك “تفسيرات عديدة” لهذا البند، مضيفاً: “أنا ملتزم بإنقاذ الأرواح. أنا ملتزم بالحياة والسلامة. وسأعطيكم تعريفاً دقيقاً عندما أصل إلى هناك”.
هدف زيادة الانفاق الدفاعي
ويمثل الهدف الجديد الذي سيتم تنفيذه على مدى السنوات العشر القادمة زيادة كبيرة عن الهدف الحالي البالغ 2% من الناتج المحلي الإجمالي. وستصل قيمته إلى مئات المليارات من الدولارات، يتم ضخها كإنفاق سنوي إضافي.
ومن المرتقب أن تنفق الدول 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع الأساسي مثل القوات والتسليح، و1.5% على تدابير أوسع نطاقاً تتعلق بالدفاع مثل الأمن الإلكتروني وحماية خطوط الأنابيب وإعداد الطرق والجسور للتعامل مع المركبات العسكرية.
ودعمت كل الدول الأعضاء في الحلف بياناً يلتزم بالهدف، ولتجنب إثارة حفيظة ترمب، أبقى روته القمة وبيانها الختامي قصيراً ومركزاً على تعهد الإنفاق.
ومن المتوقع أن يشير النص إلى روسيا باعتبارها تهديداً ويؤكد دعم الحلفاء لأوكرانيا ولكن دون الخوض في تفاصيل تلك القضايا، نظراً لاتخاذ ترمب موقفاً أكثر تصالحاً تجاه موسكو وأقل دعماً لكييف من سلفه جو بايدن.
واضطر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى الاكتفاء بمقعد في العشاء الذي سبق القمة، مساء الثلاثاء، بدلاً من مقعد في الاجتماع الرئيسي، الأربعاء، غير أن ترمب قال إن من المحتمل أن يلتقي مع زيلينسكي بشكل منفصل.