النظام يتحرك والفصائل تستعد.. سيناريوهات تنتظرها السويداء
لم تفضِ تحركات النظام الأمنية والعسكرية في محافظة السويداء جنوبي سوريا إلى أي تغيير على أرض الواقع حتى اليوم، بينما تنعكس هذه التحركات على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يتحدث إعلاميون وموالون للنظام، وحسابات يديرها مجهولون عن أن عملية عسكرية مقبلة على المحافظة، في الوقت الذي تبدي فيه فصائل محلية استعدادها لرد أي هجوم أو تحرك.
الإعلامي اللبناني المقرب من ميليشيا “حزب الله”، حسين مرتضى، سبق وتحدث في تسجيل مصور نشره عبر حسابه في منصة “إكس” عن أن تحركات عسكرية ستشهدها المحافظة، تأتي “بناءً على مناشدات وجهها الشرفاء للجيش السوري”.
وتحدث حساب “SAM” وهو راصد عسكري موالٍ للنظام، حول التعزيزات التي وصلت تباعًا للسويداء، إن هدفها مبدئيًا “تعزيز النقاط العسكرية التي تتولى حفظ مؤسسات الدولة داخل المحافظة”.
وعلى مدار الأيام الأربعة الماضية، دفعت قوات النظام السوري بتعزيزات عسكرية نحو محافظة السويداء بعد توتر استمر لأيام على خلفية احتجاز ضابط بقوات النظام كرد فعل على اعتقال طالب جامعي لانخراطه في الحراك السلمي المعارض في المحافظة.
في حين أصدرت “مضافة الكرامة“، وهي إحدى المرجعيات الأهلية في محافظة السويداء، بيانًا حذرت فيه النظام السوري والميليشيات الموالية لإيران في المنطقة من أي تصعيد يستهدف المحافظة، مشيرة إلى أنها سترد.
“رجال الكرامة” تسعى للتهدئة
تناقضت البيانات التي أصدرتها كبرى الفصائل المحلية في محافظة السويداء حول موقفها من التصعيد، ففي حين عبّرت “حركة رجال الكرامة”، وهي إحدى أكبر الفصائل المسلحة بالمحافظة، عن رغبتها بالتهدئة، اعتبرت قوات “شيخ الكرامة” المنبثقة عن “مضافة الكرامة” أنها سترد على أي تصعيد للنظام.
وفي 30 من نيسان الماضي، زار قائد “رجال الكرامة”، يحيى الحجار، الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين الدروز في محافظة السويداء، حكمت الهجري، لتأكيد رفض التصعيد في المحافظة من أي جهة.
المكتب الإعلامي لـ”رجال الكرامة” قال ل، إن “الحركة” تراقب بهدوء وحذر التعزيزات العسكرية القادمة نحو المحافظة، مشيرًا إلى أن قيادتها عقدت سلسلة من الاجتماعات مع المرجعيات الدينية والاجتماعية وقادة الفصائل في المحافظة، لمناقشة هذه التطورات.
وأضاف أن “الحركة” تسعى بكل جهد لجعل المحافظة آمنة ومستقرة، معتبرًا أن “رجال الكرامة” هم دعاة سلام لا حرب.
واعتبر المكتب الإعلامي لـ”رجال الكرامة” أن جميع المعلومات المتداولة حول التعزيزات العسكرية هي إشاعات، وطالما لا يوجد أي تحرك جدي من قبل النظام لا يمكن وصف هذه التعزيزات في المحافظة إلا بأنها “محاولة ترهيب”.
وقبل نحو ثلاثة أيام، قال موقع “الراصد” المتخصص بتغطية أخبار السويداء، إن تعزيزات عسكرية هي الأكبر من نوعها دخلت المحافظة، وتضم رتلًا من ناقلات الجند والدبابات والمدرعات وعشرات الآليات الثقيلة.
وجاءت هذه التعزيزات إضافة لأخرى بدأت بالتوافد نحو السويداء منذ 24 من نيسان الماضي، ولم تتضح أسبابها حتى اليوم.
البلعوس: مستعدون لمواجهة
في 29 من نيسان الماضي، نشرت “مضافة الكرامة” التي أسسها وحيد البلعوس، وهو مؤسس حركة “رجال الكرامة” أيضًا (اغتيل عام 2015)، بيانًا عنون بـ”ستزلزل المنطقة بأكملها من تحت أقدامكم” ردًا على تحركات النظام العسكرية.
ليث البلعوس، وهو نجل مؤسس “المضافة” و”الحركة”، قال ل إن تعزيزات النظام نحو السويداء مجرد محاولة لإثبات الوجود، خصوصًا بعد التصعيد الأحدث الذي تجلى باعتقال الطالب الجامعي داني عبيد، وما ترتب عليه من عملية احتجاز لضباط بينهم مدير فرع الهجرة والجوازات في السويداء.
وأضاف البلعوس أنه يتوقع عدة سيناريوهات منها عمليات اغتيال لرموز بالسويداء ومداهمات عسكرية لبعض القرى وتقطيع أوصال المحافظة عبر حواجز أمنية، أو ترتيب هجوم جديد منسق لتنظيم “الدولة الإسلامية” نحو قرى وبلدات السويداء.
وفي الوقت نفسه، قال البلعوس إن أبناء المحافظة ومقاتليها جاهزون لأي سيناريو، ولكنهم سلميّون من حيث المبدأ، ولن يتخذوا أي خطوة في حال لم يبادر النظام بالتصعيد.
ووفق البلعوس، “لدى أبناء السويداء القدرة على رد الغازي، كما يوجد في المحافظة عشرات الآلاف من المقاتلين الجاهزين للدفاع عنها”.
وحول الحديث عن مفاوضات مع النظام السوري، قال البلعوس إن النظام مراوغ وليس له ميثاق ولا قدرة له على تنفيذ المطالب أصلًا، لذلك يعتقد أبناء السويداء أن التفاوض معه عبثي، ولا يوجد طرح يحمل توجه من هذا التوع.
وأضاف أن معلومات شبه مؤكدة تتحدث عن وجود مقاتلين أجانب في السويداء، كما أن بعض المليشيات المحلية المدعومة من إيران انتشرت فعليًا بالقرب من السويداء كقوات “الغيث” التابعة لـ”الفرقة الرابعة”، ويقودها العميد غيث دلة.
وحول الأطروحات المتداولة عن أن التعزيزات تهدف لتجريد الفصائل المحلية من السلاح، قال البلعوس إن سلاح أبناء المحافظة أمر غير قابل للتفاوض، معتبرًا أن الفصائل حملت السلاح للدفاع عن المحافظة بالمقام الأول.
الشارع هو السبيل
يوم الجمعة الماضي، لم يفوت أبناء المحافظة إقامة مظاهرتهم الأسبوعية بمركز السويداء، إذ توافد حشود من المحتجين إلى ساحة الكرامة في قلب السويداء للانضمام إلى المظاهرة الأسبوعية لأبناء المحافظة التي يطالبون فيها بالحرية والتغيير السياسي، وإسقاط النظام، في يوم الجمعة من كل أسبوع.
المظاهرة التي شهدتها السويداء لقيت حضورًا ومشاركة من أبناء المحافظة رغم التحركات العسكرية التي يجريها النظام في المنطقة، وسبق أن ترجمت على أنها تمهيد لإخماد حراك المحافظة.
ونشر موقع “السويداء 24″، المتخصص بتغطية أخبار المحافظة، تسجيلات مصورة تظهر توافد المحتجين إلى الساحة الرئيسية وسط السويداء، ورفع شعارات تنادي بإسقاط النظام السوري.
ليث البلعوس اعتبر أن إنهاء “المخاطر المحدقة بالمنطقة” عبر تلبية مطالب المحتجين في شوارع السويداء هي السبيل الوحيد لإنهاء تسليح الفصائل، رافضًا طرح السلاح على طاولة التفاوض.
وحول احتمالية تدخل روسيا في المفاوضات كما حدث في مناسبات سابقة، قال البلعوس إن شيخ عقل الطائفة الدرزية موفق طريف والجاليات العربية في روسيا وأوروبا تواصلت مع الجانب الروسي، وتلقت تطمينات بعدم التصعيد، لكن لا مصداقية لروسيا كما النظام في هذا الشأن، وفق تعبيره.
ما علاقة المخدرات؟
تعتبر محافظة السويداء طريق عبور لشحنات المخدرات التي تطلقها ميليشيات مدعومة من النظام وإيران نحو الأردن ومنها لدول الخليج العربي وفق ما جاء على لسان مسؤولين أردنيين سابقًا.
وفي الوقت الذي تقف فيه الفصائل المحلية، ومنها “رجال الكرامة” و”أبناء جبل العرب” في وجه عمليات تهريب المخدرات، وتلاحق القائمين عليها، لا تزال هذه العمليات نشطة بكثرة حتى اليوم.
قائد فصيل “أبناء جبل العرب”، الشيخ سليمان عبد الباقي، قال ل إن قطع طريق المخدرات نحو الأردن عبر السويداء، يشكل مسوغًا للنظام لاقتحام المحافظة، أو شن عمل عسكري فيها.
وأضاف أن القوات العسكرية “الكبيرة” التي دخلت السويداء توحي بتصعيد قادم، لكن الفصائل المحلية لم تسمح بإقامة حواجز عسكرية للنظام داخل السويداء.
واعتبر أن الدفاع عن النفس حق مشروع، وهو ما سيلجأ إليه مع فصائل أخرى من المحافظة.
وسبق أن أطلقت “رجال الكرامة”، وفصائل أخرى بحملة عسكرية تستهدف مهربي وتجار المخدرات في مناطق جنوب وشرقي المحافظة على مقربة من الحدود السورية- الأردنية، وسط مبادرات محلية لإنشاء “لجان شعبية” تساند هذه الحملة.
الحملة جاءت على خلفية الاستهدافات الأردنية المتكررة لمناطق مأهولة بالسكان في أرياف المحافظة، غالبًا ما كانت تخلف قتلى وجرحى من المدنيين، أحدث هذه الغارات وأبرزها كان في بلدتي عرمان وملح، وقتل فيها عشرة مدنيين.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي