اخر الاخبار

الهند وباكستان على شفا المواجهة.. والدبلوماسية “خيار قائم”

لا يزال التوتر متصاعداً بين الهند وباكستان، على خلفية الهجوم الدامي في  كاشمير الخاضعة للإدارة الهندية، وسط تعزيزات عسكرية على طول حدود البلدين، وتبادل متقطع لإطلاق النار.

وبالتزامن مع حشد البلدين لقواتهما على الحدود، لوّحت نيودلهي بالرد على إسلام آباد بعدما حملتها مسؤولية هجوم كشمير، في حين أكدت باكستان جاهزيتها للتصدي لأي تحرك عسكري هندي.  

وقال وزير التخطيط الباكستاني إحسان إقبال في مقابلة مع “الشرق”، إن “القوات المسلحة الباكستانية جاهزة لأي تدخل”، قائلاً: “نرغب بالسلام وسنسلك كل الطرق الدبلوماسية والقانونية لحفظ أمن واستقرار المنطقة، لكن إذا فرض الصراع علينا فلن نتردد، ولن نكون في موقف ضعف”.

واتهمت الهند باكستان بدعم منفذي الهجوم، وهو ما نفته إسلام آباد، داعية إلى فتح تحقيق محايد.

وأشار إقبال إلى أن باكستان ترغب بالسلام لكنها “مستعدة للدفاع عن نفسها إذا فرض عليها الصراع”. مضيفاً: “رغبتنا في السلام لا تعني أننا ضعفاء، فمصير ومستقبل 1.5 مليار نسمة في جنوب آسيا مهدّد الآن”.

باكستان “مستعدة لكل الخيارات”

واتخذت الهند قرارات تصعيدية ضد باكستان، أبرزها تعليق معاهدة مياه نهر السند، والتي تعتبرها إسلام أباد بمثابة “إعلان حرب”.

وقال وزير التخطيط والتنمية الباكستاني إحسان إقبال، إن “تعليق اتفاقية تقاسم المياه يشكل تهديداً وجودياً لباكستان”، مشدداً على أن مصالح بلاده “غير قابلة للتفاوض”.

وأضاف: “تعليق أو إلغاء الاتفاقية يمس حياة الملايين في باكستان، وهو تهديد وجودي ويمثل انتهاكاً للقانون الدولي”، محذراً من أن “تسليح المياه هو جريمة ضد الإنسانية”.

وأشار وزير التخطيط الباكستاني، الذي شغل سابقاً منصب وزير الداخلية، إلى أن سياسة بلاده النووية “دفاعية”، مبنية على “الردع والحد الأدنى من التدخل”، مؤكداً أن “أي تهديد وجودي يعتبر تهديداً للسيادة الوطنية”، وأن باكستان تتصرف “برباطة جأش كدولة نووية مسؤولة”، تستخدم ترسانتها النووية “كدرع للسلام وليس أداة للترهيب”.

وأضاف أن البنك الدولي، كضامن لاتفاقية المياه، إلى جانب الدول الصديقة والأمم المتحدة، يمكنهم أن يلعبوا دوراً في حماية الاتفاقية ومنع تدهور الأوضاع.

وشدد على أن “مصالح باكستان ليست قابلة للتفاوض”، مشيراً إلى أن الاتفاقية تخص “الأجيال القادمة”، ويجب الالتزام بها بدل دفع المنطقة إلى مزيد من الاضطرابات.

موقف هندي متشدد

من جانبه، قال الدكتور جيتندرا ناث ميسرا، الدبلوماسي الهندي السابق وأستاذ الدبلوماسية بجامعة “أو. بي. جيندال”، لـ”الشرق”، إن تعليق العمل باتفاقية المياه من قبل الهند هدفه “الضغط على باكستان لاتخاذ خطوات واضحة لمنع تكرار مثل هذه الهجمات”، مضيفاً: “لم نحول مجرى المياه، بل علقنا الإمدادات فقط”.

وأشار ميسرا إلى أن “الحوار مع باكستان غير ممكن”، متهماً إياها بعدم التحلي بـ”نية حسنة”، وأضاف: “نحن نحب السلام، لكن إذا فرض الصراع علينا فسنقاتل”.

وعند سؤاله عن احتمال تنفيذ توغل بري، أجاب: “لا أعلم إن كان ذلك سيحدث”.

ورغم أن أي مواجهة عسكرية بين القوتين النوويتين تحمل خطر التصعيد السريع، فإن الهند تبدو أقل تعرضاً للضغوط الدولية مقارنةً بالماضي، مع تعاظم قوتها الدبلوماسية والاقتصادية.

ومنذ وقوع الهجوم، أجرى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اتصالات مع أكثر من عشرة قادة عالميين. كما استدعت وزارة الخارجية الهندية دبلوماسيين من 100 بعثة لاطلاعهم على تطورات الموقف، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”.

ولا تظهر هذه التحركات رغبة هندية في تهدئة التصعيد مع باكستان، كما أن أربعة دبلوماسيين مطلعين على المشاورات أوضحوا للصحيفة أن الهند “تسعى لبناء مبرر لعمل عسكري ضد جارتها”.

وفي خطاب له الخميس الماضي، تعهّد مودي بـ”عقاب شديد” وبتدمير “ملاذات الإرهاب”، دون أن يسمي باكستان صراحة.

في المقابل، حذر وزير الدفاع الباكستاني من أن التوغل العسكري الهندي “بات وشيكاً”، فيما أعلنت القوات المسلحة الباكستانية جاهزيتها لأي تصعيد.

وحددت السلطات الهندية اثنين من المشتبه بهم، معتبرة أنهما يحملان الجنسية الباكستانية، في حين نفت إسلام آباد أي دور لها في الهجوم.

ويرى دبلوماسيون ومحللون، تحدثوا لـ”نيويورك تايمز”، أن هذا الغموض الذي يكتنف بيانات نيودلهي، يفتح الباب أمام احتمالين، إما أن الهند تحتاج إلى المزيد من الوقت لاستكمال تحقيقاتها قبل توجيه ضربة عسكرية، أو أنها لا تشعر بحاجة ماسة لتبرير خطواتها العسكرية، في ظل الانشغال الدولي بأزمات أخرى.

“مصالح سياسية”

واتهم رئيس لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الباكستاني مشاهد حسين سيد، الحكومة الهندية بـ”استغلال هجوم كشمير لخدمة مصالح سياسية”.

وقال حسين سيدفي تصريحات لـ”الشرق”، إن توجيه نيودلهي أصابع الاتهام لإسلام أباد وتحميلها مسؤولية هجوم كشمير، “يفتقر إلى الأدلة”، معتبراً أن باكستان “تتحلى برباطة الجأش في تعاملها مع الأحداث بما يتناسب مع الوضع القائم حتى لا تزيد التوترات، لأن الدولتان نوويتان”.

وأشار حسين سيد إلى أن الوضع الحالي “صعب للغاية، ولسوء الحظ وبسبب هذه الهجمة في منطقة كشمير، فقد زادت التوترات، وحان الوقت لجلوس الدولتين للحديث مع بعضهم البعض، بدلاً من الاتهامات وإطلاق النار”.

واعتبر أن “الخيارات الباكستانية المتاحة لاحتواء التصعيد، هي تحقيق محايد يتسم بالمصداقية من قبل الجانبين، لنتأكد من حقيقة الاتهامات”، لافتاً إلى أن “الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش قام بتفويض مجموعة (يونموجيب) التي بها مراقبين من البلدين، لإجراء تحقيق محايد يمكن الاعتماد عليه”.

وعند سؤاله عن إمكانية إجراء وساطة دولية إو إقليمية لخفض التصعيد، أجاب قائلاً: “إسلام أباد لا تمانع من أن تلعب واشنطن بقيادة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، دور الوسيط بين إسلام أباد ونيودلهي لخفض التصعيد”.

وأضاف: “قبل الوساطة، على البلدين خوض محادثات مباشرة، بدلاً من طلب جهة أخرى لعب هذا الدور”، معتبراً أنه “في حال استمرت الهند في عنادها، يمكن حينها أن يتدخل المجتمع الدولي لحل الأمر”.

وفي تعليقها على تصاعد التوتر بين البلدين، قالت وزارة الخارجية الأميركية، الأحد، إن واشنطن على تواصل مع كل من الهند وباكستان، مطالبة البلدين بالعمل على “حل مسؤول”.

وأعربت الحكومة الأميركية علناً عن دعمها للهند بعد الهجوم، لكنها في الوقت نفسه لم تنتقد باكستان.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لـ”رويترز”: “نراقب التطورات عن كثب، لقد كنا على اتصال بحكومتي الهند وباكستان على مستويات متعددة”. وأضاف:”تشجع الولايات المتحدة جميع الأطراف على العمل معاً من أجل التوصل إلى حل مسؤول”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *