نشرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” اليوم، الثلاثاء 22 من تموز، تقريرًا حول الوضع الإنساني والخدمي في محافظة السويداء، منذ 13 تموز الحالي وحتى اليوم.
وقالت “الشبكة” في تقريرها، إن تصاعد التوترات الأمنية وأعمال العنف المسلح، وما تبعها من اضطراب شامل شلّ مختلف جوانب الحياة المدنية.
وأدت التوترات الأمنية إلى نزوح جماعي قسري لعشرات الآلاف من السكان المدنيين، وانهيار شبه كامل للبنية التحتية الأساسية، خصوصًا في قطاعات الصحة، والغذاء، والمياه، ما فاقم من معاناة الفئات الأشد ضعفًا، لا سيما النساء، والأطفال، وكبار السن، والمرضى، وفقًا للشبكة الحقوقية.
وقدّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أعداد النازحين بما لا يقل عن 93 ألف مدني فرّوا من مدينة السويداء وعدد من قراها، لا سيما في الريفين الشمالي والغربي، نحو مناطق أكثر استقرارًا في ريف محافظة درعا الشرقي والمناطق القريبة من الحدود السورية- الأردنية.
وأوضحت “الشبكة” أن النازحين يمرون في ظروف إنسانية بالغة القسوة، تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحماية والرعاية، وسط حاجة ملحّة إلى تدخل إنساني عاجل واستجابة منسقة.
ونشرت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، الاثنين 21 من تموز، إحصائية توضح عدد العوائل التي أجليت من السويداء إلى مناطق درعا، والذي وصل إلى 2068 عائلة.
وأوضح المكتب الإعلامي لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ل، أن هذه الإحصائية تمثل أعداد العوائل الذين تم إجلاؤها من السويداء منذ الأحد 20 تموز وحتى الاثنين، منوهًا إلى أن الإحصائية لا تشمل الأهالي الذين تم استقبالهم من أقاربهم في مناطق درعا.
تعطل الخدمات الأساسية
أفادت “الشبكة الحقوقية” بحدوث انهيار في منظومة الخدمات الأساسية في السويداء، ما أدى إلى انتهاك مباشر لحقوق السكان في الحصول على الغذاء والماء والرعاية الصحية، ما خلف آثارًا إنسانية فادحة على حياة المدنيين.
وشهدت المحافظة انقطاعًا شبه كامل في شبكات الكهرباء والمياه والاتصالات منذ أكثر من ستة أيام متواصلة، إلى جانب ضعف شديد في خدمة الإنترنت، ما أدى إلى عزلة معلوماتية حرمت السكان من التواصل وطلب المساعدة.
كما توقفت معظم الأفران والمحال التجارية عن العمل، ما أجبر الأهالي على الاعتماد على مؤونات منزلية محدودة، في ظل غياب بدائل لتأمين الغذاء.
ووثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” نقصًا حادًا في المواد الغذائية ومياه الشرب، إلى جانب تسجيل حوادث نهب وتخريب استهدفت متاجر وأسواقًا رئيسة، مما زاد من هشاشة الأمن الغذائي للسكان.
زيد الأمير، يقيم بالقرب من دوار الباشا بمدينة السويداء، قال ل، إن المدينة تشهد انقطاعًا في التيار الكهربائي منذ أكثر من 6 أيام، إضافة إلى انقطاع مياه الشرب عن الأحياء السكنية، لذا يلجأ الأهالي إلى التقنين بما هو متوفر من مياه في خزاناتهم، واصفًا وضعهم الحالي بـ”المأساوي”.
وأفاد مراسل في السويداء، في 18 من تموز، أن الوضع الإنساني في المدينة متأزم، وهناك انعدام شبه تام في خدمات الكهرباء والمياه.
وأوضح مراسل، أن الحصص الغذائية المتوفرة في مدينة السويداء وقراها على وشك النفاد، مشيرًا إلى أن هناك تكاتفًا من أهالي السويداء والبدو لتأمين المواد الغذائية.
المستشفى “الوطني” خارج الخدمة
حول وضع القطاع الصحي، رصد تقرير “الشبكة” خروج المستشفى “الوطني” في مدينة السويداء عن الخدمة بشكل كامل، بسبب انقطاع الكهرباء ونفاد الأدوية والمستلزمات الطبية، ما أدى إلى توقف جلسات غسل الكلى وعدم تقديم العلاج للحالات المزمنة والطارئة.
ووثقت “الشبكة الحقوقية” وجود جثامين متحللة داخل المستشفى، دون إمكانية التعامل معها، نتيجة تعطّل وحدات التبريد وغياب وسائل النقل اللازمة.
ويعمل مستشفى صلخد حاليًا بطاقته الدنيا، بحسب التقرير، وسط تهديد فعلي بالتوقف عن تقديم الخدمات، في ظل نقص الكوادر الطبية والمستلزمات، ما ينذر بانهيار شامل للرعاية الصحية على مستوى المحافظة.
وقالت “الشبكة الحقوقية”، إنه هناك آلاف المدنيين يعيشون أوضاعًا كارثية، خاصة النساء والأطفال وكبار السن والمرضى، وسط غياب شبه تام للاستجابة الإنسانية، معتبرة أن هذه الأوضاع تمثل انتهاكًا صارخًا للحق في الصحة والكرامة الإنسانية.
كما وردت إفادات للشبكة، عن وجود جثث لمدنيين في الشوارع لم تُنتشل أو تُدفن حتى لحظة إعداد تقريرها، ما يشكل تهديدًا للسلامة العامة وانتهاكًا للحق في الحياة والكرامة بعد الوفاة.
وقال مدير صحة السويداء، أسامة قندلفت، ل، في 16 من تموز، إن المستشفى “الوطني” في السويداء تعرض لخمس قذائف ورشقات بالرصاص، أدت إلى خروج قسم الإسعاف عن الخدمة وسط وضع طبي “كارثي”، ونقص في الكوادر والمستلزمات الطبية لعلاج الجرحى.
وأضاف قندلفت أن القذائف التي تعرض لها المستشفى، أدت إلى ضرب خزانات المياه مما تسبب بإغراق قسم الإسعاف بالمياه، وبالتالي تحويل الجرحى إلى بهو المستشفى.
وأوضح قندلفت، أن الكوادرا الطبية تحتوي على 25 طبيبًا، وسط غياب في إمدادات الطعام للأطباء والمستلزمات الطبية إلى المستشفى، بسبب صعوبة الوصول وانقطاع الطريق المؤدي للمستشفى الوطني.
تعثر المساعدات
تعثر وصول عدد من القوافل الطبية والإغاثية من قبل وزارات الصحة، والشؤون الاجتماعية، والطوارئ، والهلال الأحمر السوري، نتيجة الأوضاع الأمنية غير المستقرة، واستهداف بعض القوافل أو تقييد حركتها، لا سيما مع استمرار الاشتباكات المسلحة في بعض المناطق، إضافة إلى تنفيذ غارات جوية من قبل الجيش الإسرائيلي على محيط المدينة، ما تسبب في تعطيل أو تأجيل عمليات الإغاثة، بحسب تقرير “الشبكة”.
وأشارت “الشبكة” إلى أن قرار حكمت الهجري، القاضي برفض دخول الوفد الحكومي المرافق للقوافل الإنسانية، أسهم في عرقلة أو تأخير إيصال جزء كبير من المساعدات الجاهزة، والتي تتضمن مستلزمات طبية وإسعافية حيوية.
ووثقت الشبكة الحقوقية تعرض فرق الهلال الأحمر العربي السوري لعدة انتهاكات في أثناء تنفيذ مهامها الإغاثية، من بينها إطلاق نار على سيارة إسعاف، واحتراق أحد المستودعات الإغاثية، إضافة إلى اعتداءات استهدفت متطوعين، وعمليات خطف طالت رئيس مركز منظمة الدفاع المدني السوري بالسويداء.
وطالبت أبرشية بصرى وحوران وجبل العرب والجولان للروم الأرثوذكس، بفتح معابر إنسانية لمحافظة السويداء.
وأفاد بيان للأبرشية، في 18 من تموز، أن محافظة السويداء التي تضم أكثر من 300 ألف عائلة تعاني من حالة “اختناق”، فلا يوجد ماء وكهرباء، ولا دواء وغذاء.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي