انتخابات إيرلندا.. الهجرة والسكن والتضخم تحدد توجهات التصويت
يتوجه الإيرلنديون إلى صناديق الاقتراع الأسبوع المقبل، لانتخاب حكومة جديدة، بعد ثلاثة أسابيع من إنهاء رئيس الوزراء سيمون هاريس لشهور من التكهنات بشأن حل الحكومة الائتلافية قبل نهاية ولايتها الممتدة لخمس سنوات في مارس من العام المقبل.
وقدم هاريس موعد التصويت من الموعد النهائي المحدد في مارس بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي زيادة في الدعم للأحزاب الرئيسية في ائتلافه الوسطي، فيما ستحاول المعارضة إحداث مفاجأة من خلال الاستفادة من غضب الناخبين بسبب ارتفاع تكاليف الإسكان.
ويسعى حزب “فاين جايل” اليميني الوسطي، بزعامة هاريس، إلى ولاية رابعة متتالية غير مسبوقة، وهو احتمال مطروح بقوة نظراً لانتعاشه الأخير في استطلاعات الرأي، وانهيار فرص منافسه التقليدي اليساري “شين فين”.
الأحزاب المتنافسة
يهيمن حزبا “فيانا فايل” و”فاين جايل” بشكل تقليدي على السياسة في جمهورية إيرلندا. ونشأ كلا الحزبين بعد انقسام في الرأي القومي بشأن المعاهدة الأنجلو إيرلندية لعام 1921.
وكان يُنظر إلى “فيانا فايل” ذات يوم على أنه أكثر وسطية، و”فاين جايل” أكثر محافظة، لكن مع مرور السنين أصبحا معاً من يمين الوسط.
وقاد الحزبان كل الحكومات الإيرلندية على مدى القرن الماضي. وفي الانتخابات الأخيرة، في عام 2020، دخل الخصمان القديمان في ائتلاف معاً لأول مرة، وانضم إليهما حزب الخضر.
اتفق الشريكان الأساسيان على تناوب منصب رئيس الوزراء، في منتصف فترة ولايتهما. في مارس الماضي، استقال زعيم “فاين جايل”، ليو فارادكار. وتولى هاريس المنصب.
وكانت استطلاعات الرأي تميل لصالح حزب “فاين جايل” في الأشهر الأخيرة. وقد شهد هاريس ارتفاعاً في معدلات تأييده الشخصية، بعد أن وعد باتباع نهج جديد في التعامل مع الهجرة. ويقول زملاؤه إنه جلب طاقة جديدة للحزب.
وإلى جانب القوتين التقليديتين في إيرلندا، يظهر حزب “شين فين”، الذي يزعم أن التغيير الحقيقي “لن يحدث إلا عندما يتم الإطاحة بحزبي (فاين جايل) و(فيانا فيل)”.
ومن العوامل الحاسمة في صعود الحزب المطرد، زعيمته ماري لو ماكدونالد، التي سعت إلى توسيع منصة سياسة “شين فين” إلى ما هو أبعد من تركيزها التقليدي على إعادة توحيد إيرلندا وإبعاد الحزب عن ارتباطه بـ “الاضطرابات” في إيرلندا الشمالية. وقد واجه الحزب مؤخراً انتقادات بسبب الهياكل الداخلية للحزب التي يُنظر إليها على أنها من بقايا الماضي.
أما الأحزاب الأخرى التي ستقدم مرشحين للانتخابات القادمة تشمل حزب العمال، والديمقراطيين الاجتماعيين، وحزب PBP-Solidarity، وحزب إيرلندا المستقلة، وحزب Aontú.
القضايا الرئيسية
ستكون تكاليف المعيشة المرتفعة، وتمويل الحكومة للرعاية الصحية، من العوامل المهمة بالنسبة للعديد من الناخبين.
كما أن أزمة الإسكان المستمرة تشكل أيضاً أولوية بالنسبة للعديد من الناخبين، إذ تركت الإيجارات المرتفعة العديد من الناس في حالة من الإحباط.
كما أصبحت الهجرة مصدر قلق كبير آخر للناخبين، إذ وصل عدد الوافدين إلى البلاد، إلى أعلى مستوياته في عام 2024 منذ عام 2007. وقد تزايدت الخلافات في المجتمع الإيرلندي بشأن هذه القضية، والتي يقول الخبراء إنها استُخدمت كسلاح من قبل اليمين المتطرف.
كيف سيتم فرز الأصوات؟
بعد التغييرات التي أوصت بها اللجنة الانتخابية، سيضم مجلس النواب الجديد في إيرلندا، 174 عضواً، يُعرفون باسم Teachta Dála أو TDs، مقارنة بـ 160 في الانتخابات الأخيرة، يمثلون 43 دائرة انتخابية (بزيادة أربعة).
وتنتخب إيرلندا حكومتها باستخدام نظام التمثيل النسبي المعروف باسم الصوت القابل للتحويل، مما يعني أن الناخبين يصنفون مرشحيهم المفضلين، بقدر ما يحلو لهم، بالترتيب، ويضعون اختيارهم الأول برقم 1، واختيارهم الثاني برقم 2 وهكذا.
تفرز الدوائر الانتخابية ثلاثة أو أربعة أو خمسة أعضاء. يتنافس ما يقرب من 700 مرشح، بما في ذلك أكثر من 170 مستقلاً، ولكن لا يقدم أي من الأحزاب العشرين المشاركة في السباق، ما يكفي للفوز بالأغلبية بمفرده، مما يعني أن حكومة ائتلافية أخرى مؤكدة.
ثم يتم الفرز على مدار عدة جولات، حيث يحتاج المرشحون إلى الوصول إلى حصة تصويت معينة اعتماداً على دائرتهم الانتخابية ليتم انتخابهم. إذا كان اختيار الناخب الأول قد بلغ بالفعل تلك الحصة أو خرج، فإن صوته يذهب إلى اختياره التالي.
متى سيتم فرز الأصوات؟
مع وجود 20 مرشحاً أو أكثر في بعض الدوائر الانتخابية، فإن فرز الأصوات – كما حدث في انتخابات 2020 السابقة – قد يستغرق عدة أيام. عندها فقط يمكن أن تبدأ المفاوضات التي تستغرق شهوراً لتشكيل حكومة جديدة وانتخاب مجلس النواب لرئيس الوزراء الجديد.
يتم إرسال صناديق الاقتراع إلى مركز فرز الدوائر الانتخابية بعد إغلاق صناديق الاقتراع، ولكن لن يبدأ الفرز حتى صباح اليوم التالي.
ماذا تقول استطلاعات الرأي؟
تشير استطلاعات الرأي، إلى أن حزبي “فاين جايل” و”فيانا فيل” قد يحسمان فترة ولاية جديدة مدتها خمس سنوات كشركاء.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة “صنداي تايمز”، الشهر الماضي، أن دعم “فاين جايل” بلغ 24%، في حين بلغ دعم “فيانا فيل” 19%، و”شين فين” 16%.
وتشير الاستطلاعات إلى أن الحزبين الرئيسين في إيرلندا، قد يحتاجا إلى مكون سياسي صغير لإكمال الأغلبية، خاصة المستقلين اليمينيين الذين يترشحون على أساس مناهضة الهجرة، ولكن مجموعات يسار الوسط مثل الديمقراطيين الاجتماعيين أو الخضر أو حزب العمال قد تكون أكثر جاذبية لـ”فين جايل” و”فيانا فيل”. وقد استبعد كلاهما الحكم مع “شين فين”.
وفي حين تشير أرقام استطلاعات الرأي الخاصة بـ”شين فين”، إلى أنه لن يصل إلى الأعداد اللازمة لتشكيل ائتلاف خاص به، فإن ظهوره كقوة سياسية هائلة أعاد تشكيل الديناميكيات السياسية الإيرلندية من خلال خلق منافس موثوق به للحزبين الكبيرين المؤسسين.