انتخابات فلوريدا وويسكونسن شعبية ترمب وأموال ماسك قيد اختبار

تشهد ولايتا فلوريدا وويسكونسن الأميركيتين، الثلاثاء، اختباراً حاسماً للمكانة السياسية للرئيس دونالد ترمب بعد شهرين من ولايته الثانية.
وتعد الانتخابات الخاصة في فلوريدا على مقعدين بمجلس النواب، بإعادة تشكيل التوازن في مجلس النواب، بينما يكافح الجمهوريون للاحتفاظ بالسلطة، ويتطلع الديمقراطيون إلى الفوز وتقويض سيطرة الجمهوريين، وفق صحيفة “نيويورك تايمز”.
وستجرى الانتخابات على المقعد الأول في الدائرة السادسة بفلوريدا، لاختيار بديل لمستشار الأمن القومي مايك والتز، أما المقعد الثاني، فتجري الانتخابات في الدائرة الأولى، لاختيار بديل للنائب السابق مات جيتز، الذي اختاره ترمب ليشغل منصب وزير العدل، قبل أن تؤدي مزاعم بسوء السلوك الجنسي وتعاطي المخدرات، إلى سحب ترشيحه.
وفي ولاية ويسكونسن، يُقام السباق على مقعدٍ حاسم في المحكمة العليا للولاية، استقطب ما لا يقل عن 90 مليون دولار من الإنفاق. ويدعم ترمب والملياردير إيلون ماسك القاضي المحافظ براد شيمول، بينما يدعم المليارديرات التقدميون والديمقراطيون، الليبرالية، سوزان كراوفورد. وبينما لا يزال الديمقراطيون يتوقعون الخسارة، يراقبون هوامش النتائج عن كثب، بحثاً عن مؤشرات على صعود حزبهم.
الانتخابات الأميركية الخاصة في فلوريدا وويسكونسن
فلوريدا:
مقعدان في مجلس النواب:
- الدائرة الأولى: لاختيار بديل للنائب الجمهوري السابق مات جيتز بعد استقالته.
- الدائرة السادسة: اختيار بديل للنائب الجمهوري السابق مايك والتز بعد تعيينه مستشاراً للأمن القومي في البيت الأبيض.
ويكسونسن:
- مقعد حاسم في المحكمة العليا بالولاية.
- ترمب وماسك يدعمان القاضي المحافظ.
هل تؤتي ملايين ماسك ثمارها؟
وقالت “نيويورك تايمز”، إن دعم ماسك لبراد شيمول، المرشح المحافظ في ويسكونسن، كان بمثابة عملية سياسية متكاملة الخدمات، إذ أنفق الملياردير والجماعات المرتبطة به أكثر من 25 مليون دولار، لتمويل حملته الانتخابية.
وطرقت مجموعة من مندوبي الدعاية الانتخابية، أبواب ناخبي ترمب لجمع الأصوات، فيما طمأنت منصات البريد الجمهوريين، بأن شيمول حليف لترمب، إذ تبرع ماسك وحده بـ3 ملايين دولار للحزب الجمهوري في الولاية لدعم شيمول.
وساعدت منظمة غير ربحية محافظة، مرتبطة بماسك، في إغراق موجات الراديو بإعلانات تنتقد المرشحة الليبرالية، سوزان كراوفورد، باعتبارها “ضعيفة في مكافحة الجريمة”.
وتحدث ماسك لمدة ساعتين تقريباً في تجمع جماهيري للقاضي شيمول مساء الأحد، في جرين باي، وإذا نجح جهده الاستثنائي، فسيأمل الجمهوريون في ويسكونسن في “صدور أحكام ودية”، من محكمة يسيطر عليها المحافظون في قضايا تتعلق بحقوق الإجهاض، وحق التصويت، وسلطة الهيئة التشريعية التي يديرها الجمهوريون في الولاية.
ومع ذلك، من الممكن أن يكون لسخاء ماسك ثمن سياسي، حيث تُظهر استطلاعات الرأي أن ماسك لا يحظى بشعبية تُذكر بين الديمقراطيين في ويسكونسن، تماماً كما هو الحال مع ترمب، وقد بنى الديمقراطيون حملة القاضية كراوفورد على فكرة أنها “تُنافس أغنى رجل في العالم”.
وقالت سارة جودلوسكي، سكرتيرة ولاية ويسكونسن الديمقراطية: “نحن في مرحلة غير مسبوقة، حيث لدينا الآن أغنى رجل في العالم يحاول شراء انتخاباتنا، والسؤال هو: هل يستطيع فعل ذلك؟”.
وفي تجمعها الانتخابي الختامي ليلة الاثنين، في ماديسون، سخرت القاضية كراوفورد من ماسك لظهوره في تجمعه مرتدياً غطاء الرأس الأصفر المصنوع من الإسفنج الذي يفضله مشجعو الرياضة في الولاية، ويرمز للجبنة الشهيرة التي تصنعها الولاية.
نهضة ديمقراطية
وبدأت آمال الديمقراطيين ترتفع ببطء وحذر، إذ تباهى الحزب بقلب مقاعد المجلس التشريعي للولاية التي كان يسيطر عليها الجمهوريون في الانتخابات الخاصة الأخيرة في ولايتي أيوا وبنسلفانيا.
والسبت، رفض الناخبون في لويزيانا أربعة تعديلات دستورية مقترحة، أيدها الحاكم الجمهوري جيف لاندري، كانت ستُجري إصلاحات شاملة على أجزاء من قوانين الضرائب في الولاية، وتُشدد العقوبات على مرتكبي الجرائم الأحداث.
لكن لم يكن أيٌّ من هذه التعديلات مُكلفاً بقدر انتخابات الثلاثاء، لذا فإن مسألة ما إذا كانت هذه التعديلات مُفاجئات لمرة واحدة أم نذيراً لنهضة ديمقراطية أوسع نطاقاً سيحددها ما يحدث في ويسكونسن، وبدرجة أقل، فلوريدا.
وقد يُعطي فوز كراوفورد، دفعةً قويةً لمقاومة جديدة لترمب، على غرار جون أوسوف في أبريل 2017، فبينما خسر أوسوف حينها، أصبح الآن عضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية جورجيا، في ما كان آنذاك أغلى سباقٍ انتخابي على الإطلاق في مجلس النواب، وبات أوسوف عملاقاً في جمع التبرعات، وأثبت لعشرات المرشحين الآخرين جدارةً في مواجهة الجمهوريين في ولاية ترمب الأولى.
ووضع الديمقراطيون في ولاية ويسكونسن، ماسك، في صميم حملاتهم الإعلامية خلال السباق الانتخابي، ولضمان إيصال وجهة نظر الناخبين، أطلقوا على جولة انتخابية على مستوى الولاية تحت اسم “الشعب ضد إيلون ماسك”.
وخوفاً من أن تطغى ملايين ماسك على جهودهم، ساعد الديمقراطيون القاضية كراوفورد على تحطيم الأرقام القياسية في جمع التبرعات.
هل يمكن للديمقراطيين الفوز في فلوريدا؟
وتوقع الجمهوريون في مجلس النواب، أن تزداد أغلبيتهم الضئيلة بسهولة بمقدار مقعدين، الثلاثاء، في انتخابات استبدال أعضاء الكونجرس الذين اختارهم ترمب العام الماضي للانضمام إلى حكومته.
وبعد انسحاب الجمهوري مات جيتز من الترشح لمنصب المدعي العام، تم اختيار النائب السابق مايك والتز ليكون مستشار ترمب للأمن القومي. وأيد ترمب ترشيح جيمي باترونيس، المدير المالي للولاية، ليحل محل جايتز في منطقة بانهاندل، وعضو مجلس الشيوخ راندي فاين، ليحل محل والتز في منطقة شمال شرق الولاية تضم دايتونا بيتش.
لكن خصم فاين الديمقراطي، جوش ويل، تفوق عليه بسهولة في جمع التبرعات، ما أثار تحذيرات عامة بشأن فرص فاين في تحقيق فوز مريح في منطقة فاز بها ترمب بفارق 30 نقطة مئوية.
وبينما لا يزال من المتوقع فوز الجمهوريين، يراقب كلا الحزبين هامش الفوز عن كثب، إذ رغم مخاوف الجمهوريين، لم يُقدّم الديمقراطيون أموالاً كبيرة من خرج الولاية لدعم حملة ويل.
وحظي ويل، الجمعة، بتأييد وطني ملحوظ من السيناتور بيرني ساندرز، المستقل عن ولاية فيرمونت، وشارك في حملته مع كين مارتن، رئيس اللجنة الوطنية الديمقراطية.
كلفة الانتخابات
وبلغت كلفة آخر انتخابات لاختيار أعضاء المحكمة العليا في ولاية ويسكونسن، قبل عامين، حوالي 56 مليون دولار، لتصبح أغلى انتخابات قضائية في تاريخ الولايات المتحدة.
واستقطبت تلك الانتخابات 1.8 مليون ناخب، أي ما يعادل حوالي 56% من إجمالي عدد الناخبين في الولاية في الانتخابات الرئاسية عام 2020، وهي نسبة عالية لسباق انتخابي في محكمة ولاية.
والآن، ومع اقتراب الإنفاق من 100 مليون دولار، فإن العامل الرئيسي في النتيجة هو مدى ارتفاع نسبة المشاركة.
وتُقدّر منظمة America Votes الديمقراطية لحشد الناخبين، أن أكثر من مليوني مواطن من سكان ويسكونسن سيصوتون، وهي زيادة قد تُعزى إما إلى تنامي الاهتمام الديمقراطي، أو إلى نجاح حملة الإقبال الجمهوري التي قادها ماسك.
وإذا صوّت هذا العدد الكبير من سكان ويسكونسن، فستكون نسبة المشاركة حوالي 60% من نسبة المشاركة في انتخابات الولاية في نوفمبر الماضي. ورغم أن الناخبين يكرهون حملات الإعلانات السلبية وحملات البريد الهجومية، إلا أن الأدلة تُشير إلى أنها تُعزز الاهتمام والحماس والإقبال.
وفي هذا الصدد، قال برايان شيمينج، رئيس الحزب الجمهوري في ويسكونسن: “في كل مكان زرته في الولاية، نشهد حشوداً جماهيرية كما حدث في نوفمبر الماضي. الناس منجذبون للتصوير”.
هل يغير ماسك مستقبل الانتخابات الأميركية؟
وقالت “نيويورك تايمز”، إن إيلون ماسك يتمتع بثروة تكاد تكون غير محدودة، وأذن صاغية لدى الرئيس، وسلطة واسعة النطاق في واشنطن، وإذا كان بإمكانه بمفرده تغيير مسار السباق القضائي في الولاية، فكيف سيتمكن من التدخل في انتخابات البلاد؟
وأضافت أن فوز الجمهوريين في ويسكونسن، قد يشجع ماسك على أن يصبح أكثر جرأة في دعم المرشحين الجمهوريين بملياراته هذا العام، وفي انتخابات التجديد النصفي لعام 2026، وهو ما قد يزيد من خضوع المرشحين المحافظين لترمب، إذا استمر داعمهم المالي الرئيسي (ماسك) في العمل من داخل البيت الأبيض.
وقالت “نيويورك تايمز”، إن كل هذا يحدث بينما “يستفيد ماسك مالياً من المرشحين الذين دعمهم بأمواله ونفوذه”، وقالت إنه على سبيل المثال، فإن شركة تسلا التابعة لماسك لديها قضية ضد ولاية ويسكونسن منظورة أمام محاكم الولاية، وقد بذل ترمب قصارى جهده للترويج لمنتجات الملياردير من داخل البيت الأبيض.
وتابع: “لن تعني هزيمة المحافظين توقف ماسك عن الإنفاق على الانتخابات، لكنها ستثبت للديمقراطيين أنه قابل للهزيمة، إذا ما توافرت لدى الحزب الموارد المالية الكافية وقوة القاعدة الشعبية”.
ومع ذلك، فبينما يرى الديمقراطيون ماسك شخصيةً تُلهب حماس قاعدتهم، وتُعزز جمع التبرعات لليبراليين، فإن ذلك أسهل عليهم بكثير كون ولاية ويسكونسن، تعد السباق الأبرز في البلاد ومحط اهتمام وطني.
وتابعت: “لو كان ماسك يُموِّل عشرات المرشحين المتحالفين مع ترمب لمنصب الحاكم ومجلس الشيوخ والكونجرس في جميع أنحاء البلاد العام المقبل، لكان من الأصعب بكثير مُضاهاة قوته المالية بنفس القدر من الحماس الشعبي، عندما يكون الاهتمام الوطني أقل”.