تشهد لندن اجتماعات لقادة أوكرانيا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا لبحث الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق سلام بين موسكو وكييف، في وقت استبق الرئيس الأميركي دونالد ترمب هذه اللقاءات بالتعبير عن خيبة أمله من تعاطي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع مقترح إنهاء الحرب.

ووجّه ترمب انتقادات لزيلينسكي بعدما أنهى المفاوضون الأميركيون والأوكرانيون ثلاثة أيام من المحادثات، السبت، بهدف تضييق فجوة الخلافات حول مقترح الإدارة الأميركية. 

وبعد إشادته باجتماع مبعوثيه ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، الأسبوع الماضي، والذي وصفه بأنه كان “جيداً جداً”، ألمح ترمب إلى أن الرئيس الأوكراني هو من يعيق تقدّم المحادثات.

وقال ترمب للصحافيين في واشنطن، الأحد: “لقد تحدثنا إلى الرئيس بوتين، وتحدثنا إلى القادة الأوكرانيين، بمن فيهم زيلينسكي، ويجب أن أقول إنني أشعر ببعض الخيبة، لأن الرئيس زيلينسكي لم يقرأ المقترح بعد، وذلك حتى قبل ساعات قليلة”.

ولم يعلن بوتين صراحة موافقته على الخطة الأميركية، وقال، الخميس، إن عملاً صعباً لا يزال مطروحاً، وإن الخطة الأميركية تتضمن تنازلات لا يمكن لروسيا قبولها.

جهود أوروبية لإنقاذ المحادثات

واستبقت تصريحات ترمب اجتماعات لندن، الاثنين، بمشاركة زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والمستشار الألماني فريدرش ميرتس، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث سيحاول القادة الأوروبيون إنقاذ مفاوضات السلام، التي تواجه “التعثر”، وفق “بلومبرغ”.

وقال زيلينسكي في خطابه المصوّر الليلي، قبل مشاوراته المقررة مع القادة الأوروبيين، إن المحادثات مع ممثلي الولايات المتحدة “كانت بنّاءة، لكنها لم تكن سهلة”، بحسب ما أوردت وكالة “رويترز”.

وأجرى زيلينسكي مكالمة هاتفية مع ويتكوف وكوشنر، السبت، عقب مشاركتهما في محادثات ميامي مع مسؤولين وأوكرانيين.

وأضاف زيلينسكي أن المسؤولين الأميركيين “يعرفون المواقف الأساسية لأوكرانيا، كانت المحادثة بناءة، رغم أنها لم تكن سهلة”.

ورغم الوساطة الأميركية والاتصالات رفيعة المستوى المتكررة، فإن التقدم في محادثات السلام لا يزال بطيئاً، مع استمرار الخلافات بشأن الضمانات الأمنية لكييف ووضع الأراضي التي تسيطر عليها روسيا.

وتقول موسكو إنها منفتحة على المفاوضات، وتلقي باللوم على كييف والأوروبيين في عرقلة تحقيق السلام، بينما تقول أوكرانيا وحلفاؤها إن روسيا تماطل وتستخدم الدبلوماسية لترسيخ مكاسبها.

ويدعم القادة الأوروبيون عملية دبلوماسية تدريجية لأوكرانيا، مرتبطة بضمانات أمنية طويلة الأمد ومساعدات عسكرية مستمرة، بحسب وكالة “أسوشيتد برس”.

أما ترمب فقد ركّز على إبرام اتفاقات سريعة وتقاسم الأعباء، ويحذّر الدبلوماسيون من أن أي محادثات لا تزال هشة ومعرّضة للتغييرات في السياسة الأميركية.

وقالت الخارجية الأميركية، الجمعة، إن مفاوضيها توصلوا مع كييف إلى “إطار لترتيبات أمنية”، وناقشوا ما هي القدرات الردعية المطلوبة كجزء من اتفاق لإنهاء الحرب مع روسيا. 

ولكن أوكرانيا أكدت أن هناك بعض القضايا لم يتم حلها، وأبرزها “عقبة” تنازل كييف عن أراض لروسيا.

“ترمب قد ينسحب من دعم كييف”

وفي الدوحة، لمّح دونالد ترمب جونيور إلى أن والده “قد ينسحب من دعم أوكرانيا”، إذا لم تتوصّل إلى سلام مع روسيا، منتقداً ما وصفه بـ”الفساد المستشري” في كييف.

وقال ترمب جونيور، الابن الأكبر للرئيس الأميركي، خلال حديثه في منتدى الدوحة، إن أوكرانيا “لطالما كانت مثقلة بالفساد بين مسؤوليها”، واعتبر أن “مثل هذا الفساد يؤجّج الحرب في كل من موسكو وكييف”، وفق ما أوردت مجلة “بوليتيكو”.

كما وجّه انتقادات لزيلينسكي، الذي يواجه تهديدات سياسية بسبب تحقيق فساد طال بعضاً من كبار مساعديه.

وعندما سُئل عما إذا كان الرئيس الأميركي قد ينسحب من دعم أوكرانيا، قال: “أعتقد أنه قد يفعل”. وأضاف: “ما هو جيد بشأن والدي، وما يجعله فريداً، هو أنك لا تعرف ما الذي سيفعله.. وهو ما يجبر الجميع على التعامل بقدر من الصدق معه”.

وقال ترمب جونيور: “نحن نريد السلام.. نريد إيقاف الموت”.

علاقة متقلبة بين ترمب وزيلينسكي

العلاقة بين ترمب وزيلينسكي متقلبة منذ أن وصل إلى ولايته الثانية في البيت الأبيض، مصرّاً على أن الحرب الروسية الأوكرانية هدر لأموال دافعي الضرائب الأميركيين.

وكانت أبرز هذه الخلافات في فبراير الماضي، عندما اشتبك ترمب وزيلينسكي خلال اجتماعهما في المكتب البيضاوي وأمام الصحافيين، قبل أن تعود الأمور إلى نصابها في وقت لاحق.

كما حث ترمب مراراً الأوكرانيين على التنازل عن أراض لروسيا لإنهاء صراع يقترب الآن من عامه الرابع، ويقول إنه أودى بحياة عدد كبير جداً من الأشخاص.

وجاءت انتقادات ترمب لزيلينسكي بينما رحّبت روسيا، الأحد، بالاستراتيجية الأميركية الجديدة للأمن القومي.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، الأحد، إن روسيا ترحب بالخطوة التي اتخذتها إدارة ترمب لمراجعة استراتيجية الأمن القومي، والتوقف عن وصف روسيا بأنها “تهديد مباشر”.

وأشار بيسكوف، في تصريحات لوكالة “تاس” الرسمية، إلى أن “الوثيقة المحدثة حذفت الكلمات التي تصف روسيا بأنها “تهديد مباشر”، وحثت بدلاً من ذلك على التعاون مع موسكو في قضايا الاستقرار الإستراتيجي”. وأضاف: “نعتبر ذلك خطوة إيجابية”.

وقالت الوثيقة التي نشرها البيت الأبيض، الجمعة، إن الولايات المتحدة تريد تحسين علاقاتها مع روسيا بعد سنوات من اعتبار موسكو “منبوذة” على الساحة الدولية، وإن إنهاء الحرب يُعد مصلحة أميركية أساسية من أجل “إعادة إرساء الاستقرار الاستراتيجي مع روسيا”.

وخلال حديثه في منتدى الدفاع بمؤسسة ريجان، السبت، قال المبعوث الأميركي المنتهية ولايته لأوكرانيا، كيث كيلوج، إن الجهود لإنهاء الحرب “في الأمتار العشرة الأخيرة”.

وأضاف أن إبرام اتفاق يعتمد على قضيّتين متبقّيتين: “الأراضي، وخاصة دونباس”، ومحطة زابوريجيا للطاقة النووية.

وتسيطر روسيا على معظم منطقة دونباس، وهو الاسم الذي تطلقه على منطقتي دونيتسك ولوجانسك، شرقي أوكرانيا. أما محطة زابوريجيا النووية فهي في منطقة خاضعة للسيطرة الروسية منذ المراحل الأولى للحرب، وهي خارج الخدمة حالياً.

ولم يحضر كيلوج، المتوقع أن يغادر منصبه في يناير، المحادثات في ميامي.

شاركها.