اخر الاخبار

انقراض السكان أزمة ديموجرافية تحد طموحات روسيا والصين 2025

تدخل روسيا والصين، العام الجديد 2025، بمشكلات ديموجرافية متصاعدة، قد تهدد مصالحهما الحيوية في المستقبل، فموسكو تشهد انخفاضاً سريعاً في عدد السكان، فيما بكين تتقدم نحو الشيخوخة، ما دفع البلدين إلى إجراءات طارئة لتفادي انهيار الهرم السكّاني على المدى البعيد.

بين عامي 1994 و2021 انخفض عدد سكان روسيا بنحو 6 ملايين نسمة (من 149 إلى 143 مليون نسمة). ووفق الأمم المتحدة، فإنه إذا اتبعت روسيا الاتجاه الديموجرافي الحالي، فسينخفض ​​عدد سكانها إلى 120 مليون نسمة بحلول عام 2050.

وتشير سيناريوهات الأمم المتحدة إلى أن عدد سكان روسيا في عام 2100 سيتراوح بين 74 مليوناً و112 مليون نسمة مقارنة بالعدد الحالي الذي يبلغ 146 مليون نسمة، إذ سينخفض عدد سكان روسيا ​​بنسبة تتراوح بين 25% و50%.

وبعد أن بلغ عدد سكان الصين ذروته عند أكثر من 1.42 مليار نسمة في عام 2021، تشير التوقعات الحالية إلى أن عدد سكان الصين سينكمش بأكثر من 100 مليون نسمة بحلول عام 2050.

وارتفع عدد سكان الصين من 546 مليون نسمة في عام 1950 إلى 1.43 مليار نسمة في عام 2020. وقد أدت سياسة “الطفل الواحد” والتي اعتمدتها بكين في الفترة من عام 1979 إلى عام 2015 إلى انخفاض الخصوبة، واختلال نسبة الذكور إلى الإناث، ووصول أزمة نقص عدد السكان إلى ذروتها، بينما حلت الهند الآن محل الصين باعتبارها الدولة الأكثر سكاناً.

وتتوقع الأمم المتحدة أن ينخفض ​​عدد سكان الصين إلى 1.26 مليار نسمة في عام 2050، ثم إلى 767 مليون نسمة بحلول عام 2100. ويمثل هذا الرقم انخفاضاً بنحو 53 مليون نسمة و134 مليون نسمة على التوالي، مقارنة بتوقعات الأمم المتحدة السابقة.

وأدى تباطؤ الاقتصاد وتقلص المزايا الحكومية وسياسة “الطفل الواحد”، التي استمرت لعقود من الزمن، إلى خلق أزمة ديموجرافية متفاقمة في الصين في عهد الرئيس شي جين بينج.

وعلى مدى العقد المقبل، من المقرر أن يحال حوالي 300 مليون صيني، تتراوح أعمارهم حالياً بين 50 و60 عاماً، إلى التقاعد، وهذه هي أكبر فئة عمرية في البلاد، وتعادل تقريباً حجم سكان الولايات المتحدة، ما يضع بكين في مواجهة مشكلة نقص العمالة، التي تهدد مصالحها الحيوية.

فما هي خطط روسيا والصين لتفادي الانهيار الديموجرافي السريع على أعتاب 2025؟ وهل موسكو وبكين قادرتان على تجاوز الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد، بفعل الانكماش السكاني؟

انقراض سكاني

يواجه الاتحاد الروسي أزمة ديموجرافية حادة، حيث تعاني البلاد من انخفاض معدلات الولادة وارتفاع معدلات الوفيات، ما يؤدي إلى تقلص عدد السكان بشكل ملحوظ، وهو أمر أكدته هيئة الإحصاءات الروسية الرسمية في البلاد “روستات”، مشيرة إلى هبوط معدل المواليد في البلاد إلى أدنى مستوى تاريخي، كما أوضحت أنه خلال الأشهر الثماني الأولى من 2024، ولد 850 ألف طفل فقط، وهو أقل بنحو 20 ألف طفل مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

وسجلت روسيا أدنى معدل ولادة لها في السنوات الخمس والعشرين الماضية خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2024، وفق البيانات الرسمية المنشورة في سبتمبر الماضي 2024. كما انخفض عدد المواليد في روسيا لأول مرة في يونيو إلى أقل من 100 ألف.

وخلال النصف الأول من عام 2024، وُلد 599 ألفاً و600 طفل في روسيا، أقل بنحو 16 ألف طفل عن نفس الفترة من العام السابق.

المتحدث باسم الرئاسة الروسية “الكرملين”، ديميتري بيسكوف، في يوليو الماضي، وصف تلك المعدلات بأنها “كارثية لمستقبل الأمة”.

ومع تواصل تفاقم هذه الأزمة، التي يعتبرها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أحد أهم التحديات والقضايا بالنسبة لبلده وعدة دول أخرى، يشدد بوتين على أن “حماية الأسرة أمر مهم ورئيسي لحل المشكلات الديموجرافية للأجيال القادمة”.

وكشف بوتين عن انخفاض معدل المواليد في البلاد (عدد الأطفال لكل امرأة) إلى 1.41%، وهي نسبة “منخفضة للغاية”، مضيفاً أن معدل الخصوبة المطلوب للاتحاد الروسي هو 2.1%، وفي الاتحاد السوفيتي وصل هذا الرقم إلى 2%، أما في روسيا المعاصرة فيسجل منذ عدة سنوات نسبة (- 1.7%)، وأضاف بوتين في هذا السياق: “لقد انخفض عدد النساء في سن الإنجاب بنسبة 30%”.

ووفقاً للرئيس الروسي، فإنه من بين جميع الأقاليم والمناطق الروسية، يمكن استثناء جمهوريتي الشيشان وتوفا، إذ لا تعانيان من مشكلات ديموجرافية، وعلى العكس من ذلك، فهناك 35 منطقة روسية تعاني بشكل حاد من هذه الأزمة.

بوتين شدد على ضرورة تهيئة الظروف لتغيير الوضع الديموجرافي في وقت مبكر من العام المقبل 2025، مشيراً إلى أهمية دعم الأسرة ومعدل المواليد.

من جانبه، وصف رئيس مجلس الإشراف في معهد الديموجرافيا والهجرة والتنمية الإقليمية، يوري كروبنوف، الأزمة في البلاد بـ”الصعبة”، لافتاً إلى مؤشرات على ما وصفه بـ”الانقراض السكاني”.

وأضاف في تصريحات لـ”الشرق”: “للأسف لم يكن هناك أي تطورات إيجابية في الأزمة الديموجرافية وهو ما تظهره نتائج العام الجاري”، لافتاً إلى زيادة في معدل الوفيات في مقابل المواليد بأكثر من نصف مليون شخص، و”هذا مؤشر على معدل الانقراض السكاني”، على حد وصفه.

وأوضح كروبنوف، أنه يجب أن يزيد معدل المواليد ليصل إلى طفلين ونصف لكل امرأة، للتغلب على تلك الأزمة، مضيفاً: “حتى الحكومة بدأت تستخدم في وصفها للأزمة كلمة الانقراض.. واليوم نحن في قاع فجوة ديموجرافية أخرى، والحديث يجري عن النساء في أعمار 20 إلى 30 عاماً فعددهم أقل بـ40% مما كان عليه الوضع منذ 10 سنوات”.

ماذا عن الصين؟

تواجه الصين حالياً مشكلات ديموجرافية تشبه إلى حد كبير تلك التي تواجهها أغلب الدول المتقدمة.

فوفق البيانات التي نشرها المكتب الوطني للإحصاء في الصين في 17 يناير الماضي 2024، بلغ عدد سكان البلاد في نهاية عام 2023، 1.409 مليار نسمة، أي أقل بمقدار 2.08 مليون نسمة عن العام السابق. ويمثل هذا العام الثاني على التوالي من الانخفاض الديموجرافي، مع انخفاض أكبر من عام 2022، عندما كان 0.85 مليون، وفق مركز الدراسات الشرقية، ومقره وارسو.

في الوقت نفسه، سجلت الفئة العمرية العاملة ما بين 16 إلى 59 عاماً، والتي يصل عددها إلى 864.8 مليون شخص، انخفاضاً أكبر (بأكثر من 10 ملايين)، وانخفضت حصتها في إجمالي عدد السكان إلى 61.3%.

ويبدو من الواضح أن عدد سكان الصين سيستمر في الانخفاض على الأقل حتى نهاية القرن الحالي، وستتسارع هذه العملية كل عام.

في عام 2022، قدمت إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة توقعات جديدة بشأن التغيرات الديموجرافية في الصين. ووفقاً لها، سينخفض ​​عدد سكان الصين إلى أقل من 770 مليوناً بحلول عام 2100. وقد تم تعديل التقديرات لأن معدل الخصوبة لدى النساء انخفض إلى أقل من 1.2 (في عام 2022، كان 1.18)، مما وضع الصين بين البلدان ذات أدنى معدل ولادة في العالم.

في المقابل، تشير التوقعات القائمة على افتراض أن عدد سكان الصين الحالي أقل من 1.3 مليار نسمة، إلى أن هذا العدد سينخفض ​​​​إلى أقل من 650 مليوناً بحلول نهاية القرن.

وما يزيد من تفاقم التحديات الديموجرافية التي تواجه الصين هو الشيخوخة السكانية السريعة، إذ تشير التوقعات إلى أن يشكل من هم في سن الستين وما فوق، 40% من السكان، وهو الاتجاه الذي قد يؤثر سلباً على الإنتاجية الاقتصادية.

ووفقاً لتقرير صادر في يناير الماضي عن وحدة الاستخبارات الاقتصادية التابعة لمجموعة “الإيكونوميست”، فإنه من المتوقع أن تصل نسبة الإعالة في الصين إلى 53% بحلول عام 2035، وهو ما يشكل زيادة بنسبة 46% مقارنة بالعام 2021.

خطة الصين

أطلقت الصين حملة وطنية لإقناع الأشخاص غير المتزوجين بالمواعدة والزواج وإنجاب الأطفال. وتقوم الحكومات المحلية بالاتصال بالنساء المتزوجات للسؤال عن خططهن لإنجاب الأطفال، كما توزع النقود على الآباء لتشجيعهم على إنجاب أكثر من طفل واحد.

وتختار العديد من النساء عدم الإنجاب، بسبب ارتفاع تكاليف رعاية الأطفال، وعدم الرغبة في الزواج أو تعليق حياتهن المهنية في مجتمع لا يزال يرى أنهن من يتعين عليهن بشكل رئيسي تقديم الرعاية، وحيث لا يزال التمييز بين الجنسين منتشراً.

كما انخرطت الجامعات الصينية، هي الأخرى في الحملة، عبر تقديم ما يسمى بـ”دورات الحب” للطلاب غير المتزوجين، التي تركز على فوائد الزواج وإنجاب الأطفال.

وقال الخبير الاقتصادي، رين زي بينج، في مقابلة مع وسائل إعلام محلية، الشهر الماضي: “يواجه سكان الصين ثلاثة اتجاهات رئيسية: الشيخوخة، وانخفاض معدلات المواليد، وانخفاض معدلات الزواج. هناك عدد أقل من الأطفال وعدد أكبر من كبار السن”.

وشدد بينج، على أن “سرعة وحجم الشيخوخة في الصين غير مسبوق”.

إعانات وتخفيضات ضريبة

وتعهدت بكين بتقديم إعانات وتخفيضات ضريبية أكبر للآباء لتقليل تكلفة تربية الأطفال.

وقال مجلس الدولة الصيني، (مجلس الوزراء)، في أكتوبر الماضي، إنه يخطط لبناء “مجتمع يشجع على الولادة”، كجزء من استراتيجية أوسع لمعالجة الاقتصاد المتعثر.

في غضون ذلك، تلقت النساء المتزوجات في العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من العمر في جميع أنحاء البلاد، مكالمات من مسؤولين محليين يسألون عن خططهن لتكوين أسرة، وفقاً لأشخاص تحدثوا مع “فاينانشال تايمز” ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.

في بعض الحالات، طلب المتصلون من النساء حضور فحوصات ما قبل الولادة. كما عرضوا إعانات للنساء اللاتي لديهن أكثر من طفل واحد.

وقالت امرأة صينية، إن المسؤولين عرضوا على النساء المحليات إعانة قدرها 100 ألف يوان صيني (14 ألف دولار) لإنجاب طفل ثان.

وفي الأشهر الأخيرة، روجت صحيفة الشعب اليومية المملوكة للدولة، وصحيفة “لايف تايمز”، إلى أن “الولادة مفيدة لصحة الأم، ويمكن أن تساعد حتى في منع السرطان وعلاج بعض الأمراض”.

وفي ديسمبر الجاري، دعت مطبوعة حكومية صادرة عن لجنة الصحة الوطنية، الجامعات، إلى إطلاق “دورات تعليمية عن الزواج والحب” لتشجيع الطلاب على الارتباط.

وكتبت اللجنة في مطبوعاتها: “الجامعات مكان مهم لطلاب الجامعات للوقوع في الحب”، مستشهدة بمسح أفاد بأن 57% من الطلاب قالوا إنهم لا يريدون الدخول في علاقة بسبب أعباء العمل الثقيلة.

خطة روسيا

لمواجهة هذه الأزمة الحساسة تتخذ السلطات الروسية سلسلة من الإجراءات لتحفيز الأسر الروسية على الإنجاب.

مخصصات الأمومة

اعتباراً من الأول من فبراير الماضي 2024، زادت السلطات الروسية قيمة مخصصات الأمومة للطفل الأول بمقدار 43 ألفاً و400 روبل (ما يعادل 435 دولاراً) ليصل إلى 639 ألفاً و400 روبل (نحو 6400 دولار)، وللطفل الثاني بمقدار 57 ألفاً و400 روبل (ما يعادل قرابة 575 دولاراً) ليصل إلى 883 ألف روبل (ما يعادل 8840 دولاراً).

ومن الممكن استخدام “مخصصات الأمومة” بطرق عدة أبرزها، تحسين الظروف المعيشية، وتعليم الأطفال، والدفعة الشهرية للطفل حتى سن 3 سنوات للعائلات ذات الدخل المنخفض، وكدفعة للرهن العقاري التفضيلي الخاص بالأسر.

وبهدف دعم العائلات والتشجيع على الإنجاب في البلاد، تقدم الحكومة الروسية منذ عام 2007 ما يسمى بـ”مخصصات الأمومة”، والتي تعتبر نوعاً من الدعم المالي من جانب السلطات لكل أسرة يولد فيها أو يتم تبني طفل ثان أو أكثر.

ومنذ يناير 2020، تقدم المخصصات للمولود الأول، واعتباراً من يناير 2024، تُقدم المخصصات فقط لأولئك الذين يحملون الجنسية الروسية وقت ولادة الطفل، وفقط إذا كان الطفل مواطناً في الاتحاد الروسي بالولادة، وينطبق هذا الإجراء من دعم الدولة أيضاً على الأطفال المتبنين، إضافة إلى إعانات شهرية تصرف للأطفال حتى بلوغهم سن 18 عاماً، خاصة للأسر ذات الدخل المنخفض.

الدعم السكني

يقدم برنامج الرهن العقاري العائلي، معدل فائدة قدره 6% سنوياً، ويمكن دفع الدفعة الأولى باستخدام “مخصصات الأمومة”، كما تقدم بعض المناطق الروسية أراض مجانية للأسر التي لديها ثلاثة أطفال أو أكثر.

وظهر برنامج الرهن العقاري العائلي في عام 2018، ومعدل الرهن العقاري العائلي أقل من سعر السوق، ويتم إصدار قرض تفضيلي بنسبة 6% سنوياً، ويجب أن تكون الدفعة الأولى 20% على الأقل من تكلفة السكن.

ويمكن تقديم طلب للحصول على هذا الرهن العقاري من قبل الأسر التي تعيش في بلدات صغيرة يصل عدد سكانها إلى 50 ألف شخص ولديها طفلين قاصرين، والأسر التي لديها طفلان تعيش في مناطق ذات أحجام بناء منخفضة، وما إلى ذلك، وبناء على تعليمات بوتين، تم تمديد هذا البرنامج حتى 31 ديسمبر 2030.

منع الترويج لـ”عدم الإنجاب الطوعي”

في عام 2023 رأى السياسيون الروس، أن محاربة الإجهاض كان العنصر الرئيسي في زيادة معدلات المواليد، أما في العام الجاري 2024، فقد تقرر توجيه ضربة لـ “أيديولوجية عدم الإنجاب الطوعي”، إذ وقع الرئيس الروسي مؤخراً مرسوماً بقانون يحظر “الدعاية” التي تثني الروس عن إنجاب الأطفال. 

والحد الأقصى للغرامة على انتهاك هذا الحظر للمواطنين سيكون 400 ألف روبل (ما يعادل 4 آلاف دولار)، وللمسؤولين 800 ألف روبل (ما يعادل 8 آلاف دولار)، والكيانات القانونية 5 ملايين روبل (ما يعادل 50 ألف دولار)، وسيواجه الأجانب الطرد من روسيا بسبب ترويجهم لمثل هذه الأمور.

ويحظر القانون المواد التي تبث عبر الإنترنت، وفي وسائل الإعلام، وفي الإعلانات، وتصور نمط الحياة بلا أطفال على أنه جذَّاب، وسيخضع المؤلفون لغرامات.

مبادرات حكومية

“الديموجرافيا” هو مشروع وطني روسي يهدف إلى تحسين رفاهية الأسر من خلال تدابير الدعم المالي، وزيادة متوسط ​​العمر الصحي المتوقع وفترة طول العمر النشط للمواطنين كبار السن، وزيادة نسبة المواطنين الذين يمارسون الرياضة بانتظام.

إضافة إلى تحسين الخدمات الصحية، بما في ذلك إقبال الحكومة الروسية على زيادة الإنفاق على الخدمات الصحية للأمهات والأطفال، على وجه الخصوص الرعاية الصحية قبل الولادة وبعدها، إلى جانب دعم برامج الإنجاب المساعدة كالتلقيح الصناعي بشكل مجاني للأسر التي تعاني من مشاكل في الإنجاب.

تعليمات رئاسية 

أوعز الرئيس الروسي بوتين، إلى الحكومة بالحفاظ على معدل الرهن العقاري العائلي عند نسبة 6 %، وتوسيع نطاق الرهن العقاري ليشمل الإسكان الثانوي في الأحياء “حيث لا يتم بناء أي مبان جديدة عملياً”، وكذلك زيادة المبلغ المعفي من الضرائب والتأمين لرأس مال الشركة الذي تدفعه الشركات لموظفيها إلى مليون روبل (ما يعادل 10000 دولار).

كذلك أمر بإزالة القيود المفروضة على الحقوق التقاعدية للآباء الذين لديهم العديد من الأطفال، فضلاً عن قرارات بشأن حساب معاملات التقاعد لفترات رعاية كل طفل، والأهم تحفيز الأسرة على إنجاب ثلاثة أو أربعة أطفال أو أكثر، إلى جانب التوجيه بالعمل على حل لمشكلة توفر السفر الجوي للعائلات الكبيرة، بحلول 14 يناير 2025.

أسباب محتملة وحلول مقترحة

بحسب بيانات هيئة الإحصاءات الروسية، فقد بلغ عدد سكان روسيا في يناير 2024، 146.2 مليون نسمة، ووفقاً للسيناريو الأساسي للهيئة، فإنه بحلول عام 2046 سيعيش في البلاد 138.8 مليون شخص، ويتوقع الجانب المتفائل من التوقعات زيادة في عدد السكان بمقدار 4.59 مليون نسمة، ليصل إلى 150.87 مليون نسمة؛ في حين يرى الجانب المتشائم، انخفاضاً في عدد السكان بمقدار 15.4 مليون نسمة، ليصل إلى 130.6 مليون نسمة، بحلول عام 2046.

تقارير غربية تحدثت كثيراً عن أن أحد أسباب الأزمة الديموجرافية في البلاد، سببها الحرب الأوكرانية، إلا أن الخبراء الروس ينفون هكذا تصريحات، مشيرين إلى أن هذه الأزمة ظهرت قبل سنوات كثيرة من الحرب.

وفي هذا السياق يقول كروبنوف، إن قتلى “العملية العسكرية الخاصة” ليسوا السبب الرئيسي في الأزمة الديموجرافية.

يرى بعض المراقبين أن تقلبات الاقتصاد الروسي والقيود الغربية، تجعل الأسر الروسية أكثر حذراً في إنجاب عدد كبير من الأطفال، وآخرون يعتبرون أن التحديات الاقتصادية ليست السبب الرئيسي، بل هناك حاجة لتغيير الفكر العام.

وفي هذا السياق قال كروبنوف لـ”الشرق”: “الوضع بشأن الأزمة الديموجرافية معقد جداً، ولا يتحدد بالمعايير الاقتصادية، وللأسف معدل الإنجاب ينخفض حول العالم” مشيراً إلى انخفاض مماثل للإنجاب في دول متقدمة عديدة.

كما لفت إلى أن الأزمة في كوريا الجنوبية “أسوأ من روسيا على سبيل المثال، فالوضع مرتبط بالاكتفاء المالي، والسباق المعيشي الذي يدخله المواطنون في رغباتهم كيف يعيش الآخر، وماذا يلبس وأين يعيش، وهناك خلل في المجال الفكري”.

وفي الوقت نفسه، اعتبر رئيس مجلس الإشراف في معهد الديموجرافيا والهجرة والتنمية الإقليمية في روسيا، أن من أبرز العوامل الرئيسية للتشجيع على الإنجاب هو تغيير سياسة الإسكان في البلاد، أي الانتقال من العيش في مبان عالية إلى مبان منخفضة الطوابق.

وأردف: “قبل كل شيء، للتشجيع على الإنجاب هناك ضرورة لتغيير سياسة الإسكان، نقل العائلات إلى مبان غير عالية، وإعادة النظر في المعاشات الشهرية وهنا الأمر متعلق أكثر بالعائلات التي لديها 3 أو 4 أطفال، وهو غير متوفر حالياً، بالإضافة إعادة النظر في الأفكار بخصوص الإنجاب”.

أزمة عالمية

وتوقعت الأمم المتحدة في يوليو الماضي، أن يبلغ عدد سكان العالم ذروته في ثمانينيات القرن الجاري، إذ سينمو على مدى الستين عاماً المقبلة من 8.2 مليار نسمة في عام 2024، إلى نحو 10.3 مليار، ثم يعود إلى نحو 10.2 مليار بحلول نهاية القرن 2100.

لكن التقرير أشار في الوقت نفسه، إلى أن المشهد الديموجرافي تطور بشكل كبير في السنوات الأخيرة، إذ أصبح حالياً معدل المواليد في بعض البلدان أقل مما كان متوقعاً في السابق، كما يشهد العالم أيضاً انخفاضات أسرع قليلاً في بعض المناطق ذات الخصوبة العالية.

وسلطت دراسة نشرتها مجلة “ذا لانسيت”، الضوء على اتجاه مثير للقلق بشكل خاص لدول مثل كوريا الجنوبية وصربيا، حيث يقل معدل الخصوبة عن 1.1 طفل لكل امرأة، مما يعرضها لتحديات ترتبط بانكماش القوى العاملة.

ومن المتوقع أن تسجل كوريا الجنوبية وأوكرانيا، وصربيا، ومقدونيا الشمالية، والبوسنة والهرسك، أدنى معدلات الخصوبة في عام 2100، حيث يقل معدل الخصوبة في كل منها عن مولود واحد لكل أنثى، بحسب “ذا لانسيت”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *