– محمد ديب بظت

تشهد أحياء عدة في مدينة حلب، وخاصة بالجهة الشرقية منها، أزمات متكررة في وصول المياه إلى المنازل، وسط شكاوى من غياب جدول ضخ منتظم، وارتفاع تكاليف تأمين بدائل مؤقتة، في ظل غياب حلول واضحة من الجهات المعنية.

وفي حي الصاخور تحديدًا، الذي يقع في الجهة الشمالية الشرقية من المدينة، يعاني السكان من انقطاعات طويلة قد تمتد لعدة أيام متتالية، ما يدفعهم للاعتماد على صهاريج المياه، وشراء خزانات إضافية لتخزين كميات محدودة تصل عبر الشبكة العامة.

هذه الإجراءات تنعكس مباشرة على النفقات اليومية، لا سيما في ظل تدهور الأوضاع المعيشية وارتفاع أسعار الخدمات الأساسية.

ويعد حي الصاخور من الأحياء الشعبية التي تعرضت لدمار واسع خلال سنوات الحرب، ما ألحق أضرارًا بالبنية التحتية، ومنها شبكة المياه التي ما زالت تعاني من أعطال متكررة.

خزانات إضافية.. حل مكلف

قال عبد الرزاق حلواني، أحد سكان الحي، ل، إن عائلته تعتمد بشكل أساسي على صهاريج المياه، بتكلفة تصل إلى أكثر من 200 ألف ليرة سورية للصهريج الواحد، الذي يتسع لنحو ألفي ليتر، ويستخدم فقط لأغراض التنظيف والغسل، دون أن يكون صالحًا للشرب.

وأضاف أن هذه التكاليف باتت تشكل عبئًا شهريًا على الأسر محدودة الدخل، مطالبًا بوضع برنامج منتظم لتوزيع المياه، ولو بعدد ساعات محدود يوميًا.

في ظل استمرار الانقطاعات، لجأ بعض السكان إلى تركيب خزانات مياه إضافية، أو توسيع خزاناتهم القديمة، لتخزين أكبر كمية ممكنة خلال فترات الضخ النادرة، لكن هذا الخيار لا يعد متاحًا للجميع.

وأوضح مأمون مامو، المقيم في حي الصاخور، ل، أن تكلفة الخزان الواحد تتراوح بين 150 و200 دولار أمريكي، ويحتاج إلى تجهيزات إضافية تشمل الأنابيب والمضخات الكهربائية، وهي بدورها مرتفعة الثمن.

انخفاض كفاءة

من جانبها، أرجعت المؤسسة العامة لمياه الشرب في حلب ضعف ضخ المياه في حي الصاخور إلى عدة عوامل فنية، من بينها انخفاض كفاءة الضخ من محطة الخفسة، التي تعد المصدر الرئيس لمياه المدينة، ووجود أعطال قديمة في الشبكة، إلى جانب تسرب الماء ضمن خطوط التوزيع.

وقال مدير المؤسسة، محمد جمال ديبان، في تصريح ل، إن بعض مقاسات أنابيب الشبكة (أقطارها) تحتاج إلى تغيير بما يتناسب مع الضغط المطلوب والحاجة الفعلية للأحياء، مشيرًا إلى أن العمل على معالجة هذه المشكلات مدرج ضمن خطة الصيانة الحالية، التي من المتوقع أن يستمر تنفيذها لمدة شهر أو أكثر.

وأضاف أن من بين الحلول السريعة لتحسين واقع المياه في المدينة، هو البدء بتنفيذ عقد لصيانة شبكات المياه بدعم من منظمات دولية، يشمل أغلبية أحياء حلب.

وتوقع أن يسهم هذا المشروع في معالجة جزء كبير من المشكلات الفنية، كالتسرب والأعطال المزمنة.

وبخصوص كميات المياه الواردة من محطتي الضخ في الخفسة الواقعة على الضفة الغربية لنهر الفرات في ريف حلب الشرقي، أكد ديبان أنها ضمن الحد المقبول حاليًا وتغطي الجزء الأكبر من حاجة المدينة، مشيرًا إلى أن المحطتين ليستا المصدر الوحيد، إذ توجد آبار جوفية ومحطات صغيرة مساندة.

حالة مستدامة ووعود متكررة

تعاني أحياء عدة في الجهة الشرقية من مدينة حلب، مثل مساكن هنانو والحيدرية والمرجة وباب الحديد وصلاح الدين، من أزمات متكررة في مياه الشرب منذ سنوات، خاصة خلال فصلي الصيف.

وترتبط هذه الأزمات بعدة عوامل، من بينها تلف الشبكة الرئيسة، وضعف عمليات الصيانة، والانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي الذي يؤثر على عمل محطات الضخ.

ورغم وعود متكررة من المسؤولين بإجراء إصلاحات شاملة في البنية التحتية، لم يسجل أي تحسن ملموس في انتظام الخدمة، ما يدفع السكان إلى البحث عن حلول فردية تتجاوز قدرتهم المادية، وتزيد من الأعباء المعيشية.

في ندوة نظمها فرع نقابة المهندسين بحلب، في 28 من أيار الماضي، بعنوان “واقع مياه الشرب في محافظة حلب”، استعرض مدير مؤسسة المياه أبرز التحديات التي تواجه قطاع المياه في المدينة.

وقال ديبان حينها، إن انخفاض كميات المياه القادمة من نهر الفرات، والأضرار التي خلّفها زلزال شباط 2023 في بعض الخزانات، إلى جانب تقادم البنية التحتية ونقص الكوادر الفنية، كلها عوامل أسهمت بتدهور الخدمة، مشيرًا إلى أن حصة المدينة من المياه انخفضت إلى أقل من النصف في السنوات الأخيرة.

وتعد محافظة حلب من أكثر المحافظات السورية التي تأثرت شبكاتها المائية بالحرب منذ عام 2012، إذ شهدت الشبكات دمارًا واسعًا جراء القصف، وفترات طويلة من الانقطاع التام، خاصة في الأحياء الشرقية.

كما أدى الجفاف المتزايد خلال السنوات الأخيرة، وانخفاض منسوب نهر الفرات، إلى زيادة الضغط على الموارد المائية.

تعتمد المدينة اليوم بشكل أساسي على مياه محطة الخفسة، إضافة إلى عدد من الآبار الجوفية، إلا أن هذه المصادر لم تعد كافية لتغطية الطلب، بسبب النمو السكاني وعودة النازحين.

وزاد من حدة الأزمة ضعف البنية التحتية، وأعطال الشبكة، وتكاليف الصيانة المرتفعة، ما جعل أزمة المياه في حلب مستمرة حتى اليوم.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.