– شعبان شاميه | كريستينا الشماس

يخوض مربو الثروة الحيوانية في مختلف المحافظات السورية سباقًا يوميًا للبقاء في مهنة لم تعد تشبه ما عرفوه قبل سنوات، بعدما تحولت تربية النحل والأبقار والأغنام وغيرها من مصدر رزق مستقر إلى عبء يثقل كاهل أصحابها.

يعيش المربون بين ارتفاع غير مسبوق في تكاليف الإنتاج، وغياب للدعم، وتراجع للمراعي، وسنوات جفاف متتابعة أكلت “الأخضر واليابس”، بحسب تعبيرهم، وبينما يحاول بعضهم التمسك بمهن ورثوها عن آبائهم، يجد آخرون أنفسهم مضطرين لبيع جزء من قطعانهم أو تقليص أعمالهم، في محاولة للحفاظ على ما تبقى.

وتُظهر الأرقام باختلاف الإحصائيات ومصادرها المتعلقة بالثروة الحيوانية تفاوتًا وتخبطًا واضحًا بحسب المنطقة وتأثير الظروف وطبيعتها، لكن الاتجاه العام هو للتراجع نتيجة عوامل متعددة ومتداخلة، والذي وصل في بعض الأنواع إلى 50%.

شهادات المربين

تكشف شهادات المربين، الذين تحدثوا ل، واقعًا أكثر تعقيدًا، تتداخل فيه العوامل الاقتصادية بالبيئية والأمنية، ليصنع تحديًا وجوديًا لهذا القطاع الحيوي.

يتحدث مربي الأبقار والأغنام أنس السليمان، من بلدة حزة في الغوطة الشرقية بريف دمشق، أن تربية المواشي كانت جزءًا من العادات الاجتماعية في الريف، إذ يحتفظ الأهالي ببقرة أو بقطيع صغير إضافة إلى أعمالهم الأساسية.

أما اليوم فلم تعد هذه العادة ممكنة بعدما أصبحت تكلفة الأعلاف تفوق قدرة معظم المربين، بحسب أنس.

وقال أنس، إن تكاليف زراعة القمح والشعير، ونقص القيمة الغذائية للتبن رغم ارتفاع سعره، أدت إلى رفع تكلفة تغذية البقرة الواحدة إلى نحو 65 ألف ليرة يوميًا.

وصاحب ذلك ارتفاع تكاليف الرعاية البيطرية، في ظل حاجة الحيوانات الدائمة للقاحات والأدوية، إضافة إلى أن تكاليف الطبيب البيطري أصبحت عبئًا إضافيًا، ومع جفاف الآبار وقلة مصادر المياه، يضطر بعض الأهالي إلى حفر آبار بتكاليف مرتفعة جدًا، أضاف أنس.

“ما ينقذ واقع تربية المواشي في الريف هو دعم الأعلاف، وإعادة تفعيل المراكز البيطرية وتكثيف الجولات الميدانية للأطباء لتخفيف الأعباء”، أضاف مربي الأبقار والأغنام.

ووصف مساعد الطبيب البيطري عماد العمش، واقع المراعي في ريف حمص الشمالي بـ”حالة يُرثى لها”، نتيجة قلة الأمطار وضعف الوارد المائي، ما أدى إلى تراجع في الغطاء النباتي وضعف المراعي الطبيعية، وهو ما فرض على المربين الاعتماد بشكل شبه كامل على الأعلاف التجارية مرتفعة الثمن.

أكد العمش أن هذه التحولات انعكست سلبًا على تربية الحيوانات وخصوصًا الأغنام، مشيرًا إلى حاجات ملحة تتعلق بتوفير الأدوية واللقاحات، وتفعيل مؤسسات الأعلاف وتقديم منح من البذار الجيدة، مع ضرورة ضبط أسعار المنتجات الحيوانية بما يتناسب مع غلاء الإنتاج.

وفي السياق نفسه، يعرض مربي المواشي عبود صالح الكوشان، صورة أخرى عن التدهور في محافظة دير الزور، فتكرار مواسم الجفاف أضعف المراعي بشدة، ما دفع المربين للاعتماد الكامل على الأعلاف ذات التكاليف المرتفعة.

ويرى عبود أن الارتفاع “الكبير” بأسعار المحروقات والتصحر وانحسار مصادر المياه يفاقم التحديات التي يعيشها المربون، إلى جانب التهجير وغياب الخدمات البيطرية.

واعتبر أن حماية هذا القطاع تتطلب دعمًا حكوميًا مباشرًا للأعلاف والمحروقات، وتطوير المراعي عبر استراتيجية وطنية، وتفعيل الإرشاد البيطري وتحسين شبكات المياه.

وفي ريف درعا الغربي، يواجه مربو الأبقار معادلة “خاسرة”، كما قال بسام كيوان من قرية العجمي، فسعر بيع الحليب لا يغطي تكاليف التربية، إذ يصل سعر كيلو العلف إلى 5000 ليرة، بينما قفز التبن من سعر 1000 إلى 4000 ليرة خلال موسم واحد.

هذا الارتفاع أجبر بسام على بيع رأسين من أبقاره لشراء كمية من التبن خوفًا من جفاف قادم يرفع الأسعار مجددًا.

بازار الأغنام في مدينة رأس العين بريف الحسكة - 6 نيسان 2025 ()

بازار الأغنام في مدينة رأس العين بريف الحسكة – 6 نيسان 2025 ()

تحديات تربية النحل

يعاني قطاع تربية النحل في سوريا من العديد من التحديات التي تؤثر بشكل مباشر على إنتاج العسل، إذ فقد حوالي 70% من الثروة النحلية على مستوى البلاد.

يعود ذلك إلى عوامل متعددة أبرزها انتشار الأمراض التي تصيب النحل، وتدهور الظروف الجوية، بالإضافة إلى قلة الزراعات التي توفر الرحيق، ما أثر على مصادر الغذاء للنحل. كما أن غياب الدعم الحكومي من وزارة الزراعة وارتفاع تكاليف التشغيل والنقل جعل من الصعب على مربي النحل الحفاظ على “طوائفهم”.

يعرض مربي النحل عبد الرحيم زيدان رؤيته لمهنة يعتبرها “ثروة حيوية” لما تقدمه من دور أساسي في تلقيح النباتات ودعم الإنتاج الزراعي، ولأن منتجاتها من العسل والغذاء الملكي والشمع وحبوب اللقاح ذات قيمة غذائية واقتصادية مهمة، إلا أن هذه الثروة مهددة اليوم بالاستخدام العشوائي للمبيدات وانتشار الأمراض وارتفاع أسعار المستلزمات.
ويتحدث عبد الرحيم عن ضرورة توفير دعم مباشر للنحالين وتسهيل استيراد الأدوات، إضافة إلى تنسيق أكبر مع المزارعين لتقليل أثر المبيدات، وتأمين ملكات نحل سليمة بعد دخول سلالات ضعيفة أثرت على الإنتاج.

وتبدو تربية النحل في محافظة دير الزور مهددة بشكل أكبر، ورغم أنها موروث مهم لإنتاج العسل وتحقيق الأمن الغذائي، فإن النحالين هناك يعانون من الجفاف ونقص المراعي الطبيعية وانتشار الآفات مثل “الفاروا”، إضافة إلى استعمال المبيدات السامة وغياب الرقابة.

وتؤثر تكاليف الإنتاج المرتفعة وضعف التمويل بشكل مباشر على استمرار المهنة. ويطالب المربون بتخفيض أسعار المستلزمات وتأصيل سلالة النحلة السورية وتحسين البنية التحتية المختصة بالنحل كالمخابر ومراكز إنتاج الملكات.

ويرى مربي النحل من درعا محمد العمار، نائب رئيس جمعية النحالين في نوى، أن المبيدات الزراعية أصبحت أكبر تهديد لقطاع النحل، لأنها تقتل “الطوائف” وتلوث العسل.

وأشار العمار إلى فقدان المستلزمات وغلائها، خاصة الخشب والأدوية، إضافة إلى ارتفاع أسعار المحروقات وصعوبة الوصول إلى المناحل.

كما لفت إلى غياب المختبرات المعنية بتطوير السلالات، مقترحًا الاعتناء بالأشجار الحرجية التي تشكل مراعي طبيعية للنحل، وتقديم دعم بالمحروقات، وتشديد الرقابة على معامل العسل المغشوش التي تضخ منتجات غير صحية يصعب التمييز بينها وبين العسل النقي.

وتحدث محمد علي جابري، مربي نحل من منطقة الشيخ بدر بريف محافظة طرطوس، عن التحديات التي أثّرت سلبًا في إنتاج العسل واستقرار الثروة النحلية، منها انتشار الأمراض التي تصيب خلايا النحل، وسوء الأحوال الجوية التي تؤدي إلى ضعف الإنتاج.

كما أن تراجع المساحات المزروعة بالنباتات المزهرة تسبب في نقص مصادر الرحيق التي يعتمد عليها النحل في غذائه، كما يعد غياب الدعم الكافي من الدولة لقطاع النحالين من أبرز العقبات التي تحدّ من تطوره، فضلًا عن ارتفاع أسعار المحروقات الذي أدى إلى زيادة في تكاليف النقل والتشغيل.

وفي ضوء هذه التحديات، يطالب النحالون بعدد من الإجراءات الداعمة، من أبرزها:

  • زراعة الأشجار والنباتات الرحيقية المفيدة للنحل، ولا سيما في المناطق التي تضررت بفعل الحرائق في مناطق الساحل السوري.
  • تشجيع المزارعين على إدخال النباتات الرحيقية ضمن محاصيلهم الزراعية.
  • توفير قروض ميسّرة لمساعدة النحالين على تطوير مشاريعهم.
  • تنظيم دورات تدريبية متخصصة لرفع كفاءة العاملين في هذا المجال.
  • إقامة معارض لتسويق العسل والمنتجات النحلية.
  • استيراد معدات حديثة ومتطوّرة لتربية النحل والعناية بها.
  •  إنشاء مخابر علمية متخصصة لاكتشاف أمراض النحل ومكافحتها.

مطالب مشتركة

رغم اختلاف البيئات الجغرافية وتباين أشكال المعاناة بين مربي الثروة الحيوانية في المحافظات السورية، تلتقي شهاداتهم ل حول مجموعة من الاحتياجات الأساسية التي يرون أنها ضرورية للحفاظ على مشاريعهم من الانهيار، وضمان استمرار هذا القطاع الحيوي، من أبرز هذه المتطلبات:

  • توفير الأعلاف بأسعار مدعومة أو بآليات توزيع تضمن وصولها للمربين من دون وسطاء، في ظل تراجع المراعي واعتماد شبه كامل على الأعلاف الجاهزة.
  • تأمين المحروقات بأسعار مناسبة، نظرًا إلى دورها الأساسي في تشغيل الآبار ونقل الأعلاف والوصول إلى المزارع والمناحل.
  • تنظيم استخدام المبيدات الزراعية عبر تحديد أنواعها ومواعيد رشها، بما يحد من الضرر الواقع خاصة على “طوائف النحل”.
  • رفع مستوى الخدمات البيطرية والإرشادية بتوفير اللقاحات والأدوية بأسعار منخفضة، وتفعيل جولات الأطباء البيطريين إلى الحظائر والمزارع.
  • تحسين بيئة المراعي والحفاظ على الأشجار الحرجية وتنمية الغطاء النباتي، بما يخفف الاعتماد على الأعلاف الجاهزة.
  • تطوير البنية التحتية المتخصصة، مثل مراكز إنتاج الملكات ومختبرات فحص العسل ووحدات الإرشاد الزراعي والبيطري.
  • مراجعة أسعار المنتجات الحيوانية لتتناسب مع تكاليف الإنتاج المرتفعة، وضمان عدم بيع الحليب والعسل واللحوم بأسعار أقل من تكلفة إنتاجها.

عوامل تراجع الثروة الحيوانية

رئيس قسم الاقتصاد الزراعي في كلية الزراعة بجامعة “حلب”، الدكتور مصطفى حاج حميدي، قال ل، إن العوامل التي أدت إلى تراجع الثروة الحيوانية في سوريا تتمثل بـ:

  • انخفاض المساحات المزروعة بالمحاصيل العلفية، وارتفاع أسعار الأعلاف وخاصة المستوردة منها، مع انخفاض حجم الأعلاف المستوردة لأسباب الثروة الحيوانية (الأغنام) إلى دول الجوار.
  • موجات الجفاف التي مرت على البلاد وخاصة ما يتعلق بالثروة الغنمية.
  • احتكار استيراد الأعلاف بجهات محددة فرضت أسعارها غير المنضبطة، وهذا يعد شكلًا من أشكال الفساد في حقبة النظام السابق.
  • تُربّى الحيوانات بشكل عام في سوريا تربية فردية وليست على شكل مزارع تجارية كبيرة الحجم، وهذا يسهم في زيادة تكاليف المنتجات وعدم قدرة المربين على مواكبة التطور العلمي والتقني لتربية الحيوان، وذلك لانخفاض دخولهم من هذه التربية.

وبحسب رئيس قسم الاقتصاد الزراعي، انعكست هذه العوامل على واقع القطاع بانخفاض إنتاجية الثروة الحيوانية من الحليب واللحم والصوف.

 تدهور مستمر وانعكاسات “خطيرة”

واقع الثروة الحيوانية في الوقت الحالي يتصف بـ”الهشاشة وعدم اليقين”، لأن ظروف تدهور القطاع قائمة حتى الآن، بحسب رئيس قسم الاقتصاد الزراعي في كلية الزراعة بجامعة “حلب”، الدكتور مصطفى حاج حميدي، وللنهوض بواقع الثروة الحيوانية في سوريا يجب:

  • توفير الأعلاف التي تعد أساسية في الإنتاج الحيواني من خلال استيرادها، والدعم الحكومي لأسعارها.
  • تجديد الثروة الحيوانية من خلال استيراد سلالات حيوانية وخاصة الأبقار عالية الإنتاجية وتلائم الشروط السائدة في سوريا، إذ إن أغلبية الحيوانات التي تُربّى في البلاد متخطية العمر الاقتصادي بإنتاجها، بمعنى آخر فإن تكاليف إنتاج المنتجات الحيوانية أعلى من العائد منها.
  • الاعتناء بالتحسين الوراثي للسلالات المحلية، وخاصة الأبقار الشامية والماعز الشامي.
  • وضع قيود جمركية على استيراد الحيوانات ومنتجاتها لتحقيق ريعية أفضل للمربين المحليين.

وتختلف أعداد الثروة الحيوانية وخاصة الثروة الغنمية من موسم لآخر، وفق حاج حميدي، بحسب جودة الموسم، مبينًا على سبيل المثال أن أعداد الثروة الحيوانية في سوريا تتراوح ما بين 10-12 مليون بقرة بين بقرة حلوب وعجول تسمين.

وأوضح رئيس قسم الاقتصاد الزراعي في كلية الزراعة بجامعة “حلب”، أن تراجع الثروة الحيوانية أثّر على الأمن الغذائي للمواطن السوري، إذ ارتفعت أسعار منتجاتها، وهذه الأسعار ليست بمتناول الجميع ما أدى إلى انخفاض استهلاك الفرد من المنتجات الحيوانية، ولهذا الأمر انعكاسات صحية خطيرة، سوف يدفع ثمنها الاقتصاد الوطني في المستقبل نتيجة سوء التغذية وبالتالي تفشي الأمراض.

توصيات بالتركيز على الجدوى الاقتصادية

يبدو أن من الضروري التركيز بصورة أساسية على تربية الأغنام وخاصة في البادية السورية لتوفر الأعلاف المجانية، واعتماد نظام التربية المتخصصة أي تربيتها بحيث تكون وحيدة الغرض أي لإنتاج الحليب فقط أو الصوف أو اللحم، وفق رئيس قسم الاقتصاد الزراعي في كلية الزراعة بجامعة “حلب”.

كما أشار إلى أهمية الاعتماد على تربية الدواجن لأن الشروط الطبيعية والمناخية مناسبة لهذا النوع من التربية، تابع رئيس قسم الاقتصاد الزراعي، إذ إن هناك إمكانية لتسويقها محليًا، كما أنها من أرخص أنواع اللحوم في سوريا.

ولا يخفى على أحد أهمية تربية الأبقار أيضًا، أضاف حاج حميدي، خاصة السلالات عالية الإنتاجية، مع ضمان توفير الأعلاف لهذه الأنواع الحيوانية حسب الاحتياجات الصحيحة وبأقل التكاليف من خلال اتباع أساليب إنتاجية حديثة في هذا المجال.

كما أكد ضرورة الاهتمام بالثروة السمكية التي تعتبر حتى هذا الوقت غير مستغلة بشكل جيد، وفق حاج حميدي، موضحًا أن سوريا متأخرة جدًا في تربية الأسماك مقارنة ببعض الدول العربية بالرغم من توفر الجدوى الاقتصادية منها.

وختم الدكتور مصطفى حاج حميدي حديثه ل، بالحديث عن أهمية التركيز على المزارع الحكومية القائمة حاليًا، باعتبارها تمتاز بضخامة الإنتاج وقلة التكاليف، لتكون مثالًا إرشاديًا أمام منتجي الثروة الحيوانية في البلاد، والاعتماد على المزارع الكبيرة وليس التربية الفردية.

وزارة الزراعة تعمل على “الترميم”

مدير مديرية الصحة والإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة، الدكتور عبد الحي اليوسف، قال ل، إن الوزارة تولي اهتمامًا كبيرًا للحفاظ على قطاع الثروة الحيوانية منذ بداية العام الحالي بعد الخروج من حرب دامت 14 عامًا وأدت إلى تهالكه وتدميره، باعتباره من القطاعات الاقتصادية المهمة في سوريا.

وتسعى وزارة الزراعة، بحسب اليوسف، إلى تطوير هذا القطاع ممثلة بمديرية الصحة والإنتاج الحيواني، والعمل على زيادة أعداد الثروة الحيوانية وزيادة الإنتاج وتأمين كافة سبل الدعم اللازم، بهدف الوصول إلى الأمن الغذائي وسلامة وصحة الحيوان، كما أنها لا توفر جهدًا للحفاظ على السلالات المحلية الفريدة مثل أغنام العواس والماعز الشامي والأبقار الشامية.

وتابع اليوسف أن قطاع الثروة الحيوانية مثله مثل بقية القطاعات، تعرض خلال الفترات السابقة للتدمير والنهب والسرقة، ما أدى إلى خروج العديد من المراكز الصحية البيطرية عن الخدمة وعدم قدرة هذه المراكز على تقديم الخدمات البيطرية اللازمة والضرورية لقطعان الثروة الحيوانية، مؤكدًا أن الوزارة بدأت بالعمل الجاد لإعادة تأهيل وترميم هذه المراكز ودفع هذا القطاع للوصول إلى الأهداف المرجوة.

 

نحن لا نقول إننا حاليًا بوضع جيد، لكن نستطيع القول إننا بدأنا فعلًا في تطوير الواقع من خلال وضع برامج وخطط واضحة ومحددة للنهوض بقطاع الثروة الحيوانية من خلال كافة الجهات المعنية في الوزارة.

 الدكتور عبد الحي اليوسف

مدير مديرية الصحة والإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة

 

برامج حكومية لتطوير السلالات وتحسين الإنتاجية

قال اليوسف، إنه انطلاقًا من أهمية قطاع الثروة الحيوانية باعتباره يشكّل جزءًا كبيرًا من دعم الاقتصاد الوطني، تولي وزارة الزراعة اهتمامًا بهذا القطاع من خلال إنشاء مراكز لتطويره والسعي للوصول إلى أفضل إنتاجية وبأقل التكاليف، معطيًا الأمثلة التالية:

  • مركز الغزلانية للتلقيح الاصطناعي، الذي يختص بتأمين أفضل “قشات” للتلقيح الاصطناعي من خلال تربية ثيران ذات مواصفات وراثية عالية ومدروسة بشكل دقيق للتكيف مع الظروف البيئية في سوريا، لكن هناك صعوبة في تأمين هذه العجول حاليًا.
  • الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية تضم عدة محطات بحثية وكوادر فنية قادرة على تطوير هذا القطاع، مثل محطات بحوث الإبل والماعز الشامي وأغنام العواس والأبقار الشامية بالإضافة إلى الأبقار العكشية.
  • هناك تعاون دائم مع المنظمات الدولية لتطوير القطاع مثل منظمة “أكساد” (المركز العربي لدراسات الأراضي والمناطق الجافة).
انخفضت أسعار الأضاحي بنحو 50% في مدينتي رأس العين وتل أبيض مقارنة بعام 2024 - 3 حزيران 2025 ()انخفضت أسعار الأضاحي بنحو 50% في مدينتي رأس العين وتل أبيض مقارنة بعام 2024 - 3 حزيران 2025 ()

انخفضت أسعار الأضاحي بنحو 50% في مدينتي رأس العين وتل أبيض مقارنة بعام 2024 – 3 حزيران 2025 ()

تحديات من منظور حكومي

تتمثل التحديات بحسب مدير مديرية الصحة والإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة بـ:

  • عدم استقرار أسعار الأعلاف وصعوبة تأمينها وخاصة خلال العام الحالي بسبب الجفاف الذي تعرضت له سوريا.
  • انعدام وجود تسعيرة ثابتة للمنتجات الحيوانية (اللحوم، الحليب، البيض…) بسبب عدم استقرار أسعار الصرف.
  • بالنسبة للأدوية والمستلزمات البيطرية كانت أفضل من الأعوام السابقة، وفق اليوسف، بسبب انخفاض سعر الصرف وخفض التكاليف الجمركية.
  • مقارنة بالأعوام السابقة شهدت الأسواق المحلية انتعاشًا واضحًا بسبب فتح باب الاستيراد والتصدير للمنتجات الحيوانية وفق ضوابط مدروسة.

وبحسب اليوسف، لا يمكن تجاهل الظروف الاقتصادية والمناخية وتأثيرها على أعداد الثروة الحيوانية، فمن جهة يؤدي هبوط سعر الصرف إلى انتعاش اقتصادي واضح في هذا القطاع، ومن جهة أخرى تلعب الظروف المناخية (الجفاف) دورًا كبيرًا ومحوريًا بأعداد الثروة الحيوانية.

وبالرغم من هذه الظروف، أكد اليوسف أن أعداد الثروة الحيوانية لم تتراجع بشكل ملحوظ، بل على العكس كان الوضع مستقرًا إلى حد كبير، عازيًا الأسباب إلى وعي المربين واعتماد معظمهم على هذا القطاع كمصدر دخل وسعيهم لتجاوز ظروف الجفاف من خلال البحث عن بدائل مثل الآبار المتوفرة.

التعامل مع الأمراض والأوبئة

تعتبر الأمراض الوبائية من أبرز الأمراض التي قد تُصيب الحيوانات وتسبب خسائر اقتصادية كبيرة (النفوق، انخفاض الإنتاج، الإجهاض، خسارة المواليد…)، وقد أعطت وزارة الزراعة أهمية قصوى لهذا الجانب، بحسب اليوسف، من خلال إدراج دوائر متخصصة في مديرية الصحة والإنتاج الحيواني، تشمل: دائرة الأمراض والدراسات الوبائية، دائرة الحجر البيطري، دائرة إنتاج اللقاحات البيطرية، وذلك بالتعاون مع بقية الدوائر.

وأوضح اليوسف أن دائرة الأمراض والدراسات الوبائية تقوم بالتعامل مع كافة الأمراض التي قد تصيب الحيوانات بكل الوسائل المتاحة من خلال وضع برامج التحصينات الوقائية والعلاجية ومتابعة تنفيذها على كامل المساحة الجغرافية للبلاد.

كما تقوم بإعداد خطط سنوية ودورية لبرامج المسوحات والتقصي الوبائي لمختلف الأمراض الوبائية، وإعداد الدراسات اللازمة بهدف الاطلاع والوقوف الدقيق على الوضع الصحي لقطعان الثروة الحيوانية والتي تسهم بشكل كبير في متابعة برامج الإنذار المبكر، وبناء على ما سبق توضع خطط طوارئ وطنية للتعامل المستقبلي مع أي حالات طارئة قد تهدد حياة الحيوانات، تابع اليوسف.

وأكد مدير الصحة والإنتاج الحيواني بالوزارة أنه يتم حاليًا التعامل مع أي مرض يصيب الحيوانات بشكل سريع ومباشر بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية، إذ جرى تشكيل وحدات وبائية على مستوى سوريا إضافة إلى لجان متابعة تقوم باتخاذ الإجراءات التالية:
• الوقوف والتشخيص الدقيق للحالات المرضية.
• الإبلاغ الفوري للجهات المعنية.
• تطبيق كافة إجراءات العزل والتعقيم والحجر البيطري.
• تطبيق التحصينات الوقائية اللازمة.
• اتخاذ كافة إجراءات الأمن الحيوي.
• سحب العينات وإرسالها إلى المخابر المختصة للتشخيص.

وأشار اليوسف إلى عدم وجود جوائح مرضية على مستوى سوريا حاليًا، لافتًا إلى أن التعامل يجري بشكل شفاف مع أي حالات وإبلاغ المنظمة العالمية للصحة الحيوانية.

خطط مستقبلية

لخص مدير الصحة والإنتاج الحيواني في حديثه ل الخطط المستقبلية لوزارة الزراعة بـ:

• العمل على تعديل كافة القرارات الناظمة لقطاع الثروة الحيوانية.
• إعداد الدراسات اللازمة لإنشاء المحاجر والمسالخ البيطرية.
• إعادة تأهيل وترميم مباني إنتاج اللقاحات والمخابر البيطرية.
• إعداد خطط لتفعيل برامج التقصي الوبائي وتطوير نظام الإنذار المبكر.
• العمل على تأمين اللقاحات البيطرية اللازمة لوقاية قطعان الثروة الحيوانية.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.