استلهم فريق بحثي في جامعة بينجهامتون الأميركية فكرة من أفلام السينما، وتحديداً سلسلة Mission Impossible الشهيرة، لتطوير بطارية ورقية تعمل بالبكتيريا وتتحلل من تلقاء نفسها بعد انتهاء استخدامها، دون أن تخلّف أي نفايات سامة، ما يُعدّ تطوراً لافتاً في مجال الإلكترونيات القابلة للتحلل والاستخدام المؤقت.

ونوه الباحثون إلى ما ورد في سلسلة Mission Impossible حيث يظهر الممثل توم كروز وهو يستخدم جهازاً يدمر نفسه ذاتياً بعد 5 ثوانٍ من إيصال رسالة، مشيرين إلى أنه تم الاعتراف بهذا المفهوم علمياً كفئة من التقنيات المتقدمة المعروفة باسم “الإلكترونيات العابرة”.

وقاد المشروع أستاذ هندسة الكهرباء والحاسوب في كلية “توماس جي واتسون”، شون تشوي، والذي وصف مصدر الطاقة بأنه العقبة الأصعب في تصميم ما يُعرف بـ”الإلكترونيات العابرة” أو الزائلة، وهي أجهزة تهدف إلى أداء وظائف مؤقتة ثم تتحلل بيولوجياً بعد ذلك.

وأوضح تشوي أن الإلكترونيات العابرة يمكن استخدامها في التطبيقات الطبية والبيئية، لكنها يجب أن تتحلل بطريقة آمنة بيولوجياً، لافتاً إلى أنه لا أحد يريد بقاء مخلفات سامة داخل جسم الإنسان، وهذا التحدي الرئيسي في هذه الفئة من الأجهزة، خصوصاً أن معظم البطاريات التقليدية تحتوي على مواد كيميائية سامة.

وبحسب الدراسة، المنشورة في دورية Small العلمية، استخدم الباحثون مزيجاً مكوناً من 15 نوعاً من البكتيريا النافعة (بروبيوتك) المنتشرة في منتجات غذائية مثل الزبادي، والتي تُعرف بأنها آمنة وغير ضارة للبيئة أو الإنسان.

بكتيريا فريدة

وأوضح تشوي أن محاولات سابقة استخدمت بكتيريا معروفة بإنتاج الكهرباء، لكن المخاوف ظلت قائمة بشأن مدى سلامة هذه الكائنات في حال إطلاقها في البيئة، وأضاف أنه في كل مرة كان يقدّم عرضاً في مؤتمر علمي، كان أول سؤال يُطرح عليه هو “هل استخدام البكتيريا آمن؟”.

ومع أن النتائج الأولية لتجربة “البروبيوتكس” لم تكن واعدة، فإن الفريق لم يتوقف، فقد تم تطوير سطح خاص للقطب الكهربائي، باستخدام بوليمر وجزيئات نانوية، بهدف تعزيز التفاعل الكهربائي للبكتيريا وتحفيز قدرتها على توليد الطاقة.

وساعد السطح الجديد، الذي يتمتع ببنية مسامية وخشنة، البكتيريا على الالتصاق والنمو بكفاءة أعلى، مما حسّن من قدرتها على توليد الكهرباء.

كما تم تغليف الورق المستخدم في البطارية بطبقة من بوليمر حساس للبيئات الحمضية، ما يسمح بتفعيلها فقط في ظروف محددة، مثل الجهاز الهضمي أو مناطق بيئية ملوثة، ويزيد من الجهد الكهربائي الناتج ومدّة تشغيل البطارية.

ورغم أن الطاقة المنتَجة من البطارية الجديدة لا تزال محدودة، فإن الفريق البحثي يعتبرها دليلاً على إمكانية التطبيق، ويخطط لمواصلة العمل على تطويرها من خلال اختبار كل نوع من أنواع “البروبيوتك” على حدة، لتحديد الجينات المسؤولة عن توليد الكهرباء، وتحليل كيف يمكن للتفاعلات التعاونية بين الأنواع المختلفة تعزيز الأداء الكهربي.

كما يسعى الباحثون إلى ربط وحدات متعددة من البطارية الجديدة على التوالي أو التوازي، من أجل توليد جهد كهربائي أعلى يسمح باستخدامها في تطبيقات أوسع نطاقاً.

شاركها.